القرآن الزهري وخطاب الكراهية

| بدور عدنان

يعيش‭ ‬في‭ ‬الجمهورية‭ ‬الفرنسية‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬معتنقي‭ ‬الدين‭ ‬الإسلامي،‭ ‬يتراوح‭ ‬عددهم‭ ‬بحسب‭ ‬إحصائيات‭ ‬غير‭ ‬رسمية‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬5‭ - ‬6‭ ‬ملايين‭ ‬نسمة،‭ ‬وهم‭ ‬بطبيعة‭ ‬الحال‭ ‬يساهمون‭ ‬في‭ ‬عكس‭ ‬ورسم‭ ‬صورة‭ ‬للمسلمين‭ ‬والإسلام‭ ‬بكل‭ ‬تصرفاتهم‭ ‬وأفكارهم‭.‬

ففي‭ ‬فرنسا‭ ‬العلمانية‭ ‬بالتحديد،‭ ‬نجد‭ ‬السجال‭ ‬حول‭ ‬الإسلام‭ ‬على‭ ‬أشده‭ ‬دائماً،‭ ‬فتارة‭ ‬ما‭ ‬يكون‭ ‬حول‭ ‬قوانين‭ ‬اللباس‭ ‬الإسلامي،‭ ‬وتارة‭ ‬حول‭ ‬منع‭ ‬طرق‭ ‬الذبح‭ ‬الحلال،‭ ‬وتارة‭ ‬أخرى‭ ‬حول‭ ‬حرية‭ ‬التعبير‭ ‬وانتقاد‭ ‬الإسلام،‭ ‬أمور‭ ‬أدت‭ ‬بالتأكيد‭ ‬لردود‭ ‬أفعال‭ ‬متفاوتة‭ ‬تراوحت‭ ‬بين‭ ‬الامتعاض‭ ‬دون‭ ‬إبداء‭ ‬أي‭ ‬رد‭ ‬فعل‭ ‬خارجي‭ ‬بغية‭ ‬التأقلم‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬الفرنسي‭ ‬الليبرالي‭ ‬والاندماج‭ ‬فيه،‭ ‬وبين‭ ‬الاستنكار‭ ‬والذي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يتصاعد‭ ‬ليصل‭ ‬لهجمات‭ ‬وأعمال‭ ‬إرهابية‭ ‬تعبيراً‭ ‬عن‭ ‬رفض‭ ‬المسلمين‭ ‬ما‭ ‬يعتبرونه‭ ‬إساءة‭ ‬للإسلام‭.‬

ميلا‭ ‬مراهقة‭ ‬فرنسية‭ ‬أهانت‭ ‬الدين‭ ‬الإسلامي‭ ‬بأقبح‭ ‬وأسوأ‭ ‬العبارات‭ ‬على‭ ‬أحد‭ ‬برامج‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬وذلك‭ ‬رداً‭ ‬على‭ ‬شاب‭ ‬مسلم‭ ‬علق‭ ‬على‭ ‬حياتها‭ ‬الشخصية،‭ ‬ما‭ ‬فعلته‭ ‬ميلا‭ ‬أثار‭ ‬رد‭ ‬فعل‭ ‬كبير‭ ‬لدى‭ ‬شريحة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬المسلمين،‭ ‬حيث‭ ‬تعرضت‭ ‬لها‭ ‬للأسف‭ ‬مجموعة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬الشباب‭ ‬بالسب‭ ‬والقذف‭ ‬والتهديد‭ ‬والتحرش‭ ‬حتى‭ ‬أصبحت‭ ‬حياتها‭ ‬مهددة،‭ ‬فميلا‭ ‬لم‭ ‬تتمكن‭ ‬من‭ ‬القيام‭ ‬بأبسط‭ ‬تفاصيل‭ ‬حياتها‭ ‬كالذهاب‭ ‬للمدرسة‭ ‬بسبب‭ ‬ما‭ ‬تعرضت‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬هذه‭ ‬الفئة‭.‬

في‭ ‬بادرة‭ ‬مفاجئة‭ ‬اصطحب‭ ‬إمام‭ ‬المسجد‭ ‬الكبير‭ ‬في‭ ‬فرنسا‭ ‬نهاية‭ ‬الأسبوع‭ ‬الماضي‭ ‬الشابة‭ ‬ميلا‭ ‬في‭ ‬جولة‭ ‬بأنحاء‭ ‬المسجد‭ ‬في‭ ‬دعوة‭ ‬تجسد‭ ‬وتعكس‭ ‬واقع‭ ‬الإسلام‭ ‬وما‭ ‬يدعو‭ ‬إليه‭ ‬من‭ ‬سلام‭ ‬وتعايش‭ ‬ونبذ‭ ‬للكراهية‭ ‬والإرهاب‭ ‬بعيداً‭ ‬عما‭ ‬فعله‭ ‬هؤلاء‭ ‬الشباب‭ ‬الطائش‭ ‬والمغرر‭ ‬به،‭ ‬وكيف‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تكتشف‭ ‬التعاليم‭ ‬الصحيحة‭ ‬للإسلام‭ ‬الصحيح‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬القرآن‭ ‬الذي‭ ‬أهداها‭ ‬الإمام‭ ‬نسخة‭ ‬وردية‭ ‬مترجمة‭ ‬للغة‭ ‬الفرنسية‭ ‬منه‭. ‬

دعوة‭ ‬الإمام‭ ‬أثارت‭ ‬زوبعة‭ ‬كبيرة‭ ‬وسط‭ ‬المسلمين،‭ ‬فالكثير‭ ‬انتقد‭ ‬ما‭ ‬فعله‭ ‬حيث‭ ‬يعتقدون‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬يعبر‭ ‬عن‭ ‬تساهل‭ ‬ولين‭ ‬تجاه‭ ‬المسيئين‭ ‬للإسلام،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يشجع‭ ‬شباب‭ ‬مثل‭ ‬ميلا‭ ‬على‭ ‬التعدي‭ ‬على‭ ‬الإسلام‭ ‬مستقبلا‭.‬

شخصياً‭ ‬أعتقد‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬فعله‭ ‬الإمام‭ ‬هو‭ ‬الطريق‭ ‬الأمثل‭ ‬والأنجع‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬الحروب‭ ‬البشعة‭ ‬ضد‭ ‬الإسلام،‭ ‬فتحكيم‭ ‬المنطق‭ ‬ومخاطبة‭ ‬العقول‭ ‬ودحض‭ ‬الحجة‭ ‬بالحجة‭ ‬يبقى‭ ‬الطريق‭ ‬الأقوم‭ ‬لنشر‭ ‬الإسلام‭ ‬وعكس‭ ‬معاينه‭ ‬الجليلة‭.‬