رسالة في أربعين دقيقة

| عباس العمران

يمكنُ‭ ‬أن‭ ‬يحدث‭ ‬أمرٌ‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬غير‭ ‬وقته‭ ‬ودون‭ ‬تمهيد‭! ‬الفجأة‭ ‬عاملٌ‭ ‬مقلق‭ ‬في‭ ‬أغلب‭ ‬المشاريع‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مكان‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬لذلك‭ ‬نرى‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬السياسات‭ ‬الإدارية‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬بالخطة‭ ‬البديلة‭ ‬أو‭ ‬الطارئة‭ ‬تحسبا‭ ‬لأي‭ ‬ظرف‭ ‬مفاجئ‭.‬

ميناء‭ ‬“جبل‭ ‬علي”‭ ‬في‭ ‬إمارة‭ ‬دبي‭ ‬العامرة،‭ ‬الذي‭ ‬يُعدُ‭ ‬تاسع‭ ‬أكثر‭ ‬الموانئ‭ ‬ازدحاماً‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬وأكبر‭ ‬ميناء‭ ‬من‭ ‬صنع‭ ‬الإنسان،‭ ‬هو‭ ‬الأول‭ ‬إقليمياً‭ ‬والعاشر‭ ‬عالمياً‭ ‬في‭ ‬قائمة‭ ‬أكبر‭ ‬موانئ‭ ‬الحاويات‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬يصفهُ‭ ‬كبار‭ ‬المستثمرين‭ ‬بأنه‭ ‬بوابة‭ ‬العالم‭ ‬اللوجستية‭ ‬حيث‭ ‬استطاع‭ ‬ربط‭ ‬جهتي‭ ‬العالم‭ ‬الشرقية‭ ‬والغربية‭.. ‬هذا‭ ‬الميناء‭ ‬شهد‭ ‬حريقاً‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬الحاويات‭ ‬في‭ ‬الساعات‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬صباح‭ ‬الخميس‭ ‬الماضي،‭ ‬لكن‭ ‬القدرة‭ ‬العالية‭ ‬لفريق‭ ‬الدفاع‭ ‬المدني‭ ‬تمكنت‭ ‬من‭ ‬إخماد‭ ‬ذلك‭ ‬الحريق‭ ‬في‭ ‬مدة‭ ‬زمنية‭ ‬أذهلت‭ ‬العالم‭ ‬بأسره،‭ ‬لم‭ ‬تتجاوز‭ ‬أربعين‭ ‬دقيقة‭! ‬ليعود‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬كما‭ ‬كان،‭ ‬وكأن‭ ‬شيئا‭ ‬لم‭ ‬يحدث،‭ ‬ويسير‭ ‬العمل‭ ‬كالمعتاد‭ ‬بكل‭ ‬يسر‭ ‬وسهولة‭.. ‬ولا‭ ‬غرابة‭! ‬إنها‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬يا‭ ‬سادة‭.. ‬رمز‭ ‬الإنجاز‭ ‬البيّن،‭ ‬والنهضة‭ ‬والتقدم‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬شيء‭.‬

لقد‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬الإنجاز‭ ‬الباهر‭ - ‬ومثله‭ ‬كثير‭ - ‬راية‭ ‬براقة‭ ‬تلوح‭ ‬في‭ ‬سماء‭ ‬دبي،‭ ‬وترفرف‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬اتجاه‭.. ‬إنها‭ ‬تحمل‭ ‬رسالة‭ ‬عظيمة‭ ‬من‭ ‬دبي‭ ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬العالم،‭ ‬تقول‭ ‬قولا‭ ‬فصيحا‭ ‬لكل‭ ‬سامع‭: ‬إن‭ ‬لدى‭ ‬الإمارات‭ ‬جاهزية‭ ‬كبيرة‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬أي‭ ‬موقف‭ ‬طارئ،‭ ‬والتصرف‭ ‬معه‭ ‬بمهارة‭ ‬منقطعة‭ ‬النظير،‭ ‬وبأقل‭ ‬الخسائر،‭ ‬وإن‭ ‬الإنسان‭ ‬لديها‭ ‬في‭ ‬موضع‭ ‬اهتمام‭ ‬دائما،‭ ‬سلامته،‭ ‬وأمنه،‭ ‬وراحته،‭ ‬ومصالحه‭.. ‬كلها‭ ‬موضع‭ ‬عناية،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬جعلها‭ ‬موضع‭ ‬ثقة‭ ‬المستثمرين‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬مكان،‭ ‬الذين‭ ‬جاءوا‭ ‬بثرواتهم‭ ‬واستثماراتهم‭ ‬إليها،‭ ‬دبي‭ ‬تؤكد‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬موقف‭ ‬أنها‭ ‬جديرة‭ ‬بتلك‭ ‬الثقة‭.‬

لقد‭ ‬كانت‭ ‬قصة‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬قصص‭ ‬النجاح‭ ‬الكثيرة‭ ‬التي‭ ‬تسطرها‭ ‬لنا‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬في‭ ‬فن‭ ‬إدارة‭ ‬الأزمات،‭ ‬وفيها‭ ‬تتبين‭ ‬مهارة‭ ‬العنصر‭ ‬البشري‭ ‬الذي‭ ‬تراهن‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الأوقات،‭ ‬فقد‭ ‬استطاعت‭ ‬وفق‭ ‬استراتيجية‭ ‬عميقة‭ ‬تمكين‭ ‬الكفاءات‭ ‬الوطنية‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬المواقع،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬وفرت‭ ‬لهم‭ ‬الدورات‭ ‬التدريبية‭ ‬اللازمة‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬الأزمات‭. ‬لك‭ ‬أن‭ ‬تتصور‭ ‬البراعة‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬عملية‭ ‬مفاجئة‭ ‬معقدة‭ ‬مثل‭ ‬ذلك‭ ‬الحريق‭ ‬الهائل،‭ ‬والسيطرة‭ ‬عليه‭ ‬بهذه‭ ‬الصورة‭ ‬الاحترافية‭ ‬وإخماده‭ ‬في‭ ‬غضون‭ ‬أربعين‭ ‬دقيقة‭ ‬فقط‭! ‬لا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬العالم‭ ‬يقف‭ ‬ذاهلا‭ ‬أمام‭ ‬هذه‭ ‬التجربة‭ ‬الباهرة،‭ ‬فهي‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬تبرز‭ ‬كفاءة‭ ‬العمل‭ ‬الحكومي‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬الظروف،‭ ‬ومن‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭ ‬تؤكد‭ ‬أن‭ ‬الرهان‭ ‬على‭ ‬الطاقات‭ ‬الوطنية‭ ‬الشابة‭ ‬دائما‭ ‬يفوز‭.‬