ستة على ستة

هل تعود القاعدة لأفغانستان؟

| عطا السيد الشعراوي

بمجرد‭ ‬أن‭ ‬بدأت‭ ‬القوات‭ ‬الأميركية‭ ‬الانسحاب‭ ‬من‭ ‬أفغانستان،‭ ‬بدأت‭ ‬قبضة‭ ‬حركة‭ ‬طالبان‭ ‬تتزايد،‭ ‬إذ‭ ‬أعلنت‭ ‬الحركة‭ ‬مؤخرا‭ ‬سيطرتها‭ ‬على‭ ‬“إسلام‭ ‬قلعة”‭ ‬أهم‭ ‬معبر‭ ‬حدودي‭ ‬أفغاني‭ ‬مع‭ ‬إيران،‭ ‬وأنها‭ ‬تستعد‭ ‬لتشغيله‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬تواصل‭ ‬فيه‭ ‬الحركة‭ ‬هجماتها‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬جبهات‭ ‬البلاد،‭ ‬مشيرة‭ ‬إلى‭ ‬أنها‭ ‬سيطرت‭ ‬على‭ ‬مئة‭ ‬إقليم‭ ‬من‭ ‬أصل‭ ‬نحو‭ ‬400‭ ‬تضمّها‭ ‬البلاد،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أخذت‭ ‬جرعة‭ ‬منشطة‭ ‬بفعل‭ ‬الانسحاب‭ ‬الأميركي،‭ ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬دانت‭ ‬لهم‭ ‬قبل‭ ‬شهور‭ ‬قلائل‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬معبر‭ ‬حدودي‭ ‬رئيسي‭ ‬آخر‭ ‬وهو‭ ‬معبر‭ ‬شير‭ ‬خان‭ ‬الذي‭ ‬يقع‭ ‬بين‭ ‬أفغانستان‭ ‬وطاجيكستان،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يزيد‭ ‬من‭ ‬القوتين‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬لحركة‭ ‬طالبان‭ ‬مقابل‭ ‬إضعاف‭ ‬الدولة‭ ‬الأفغانية‭ ‬وقدرتها‭ ‬على‭ ‬بسط‭ ‬سيطرتها‭ ‬على‭ ‬البلاد،‭ ‬ما‭ ‬جعل‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المراقبين‭ ‬والمتابعين‭ ‬يتوقعون‭ ‬عودة‭ ‬قوية‭ ‬وسريعة‭ ‬لتنظيم‭ ‬القاعدة‭.‬

لذا،‭ ‬وقبل‭ ‬أن‭ ‬تقع‭ ‬الفأس‭ ‬في‭ ‬الرأس‭ ‬كما‭ ‬يقولون‭ ‬ونجد‭ ‬أنفسنا‭ ‬أمام‭ ‬نسخة‭ ‬مطورة‭ ‬من‭ ‬تنظيم‭ ‬هدد‭ ‬العالم‭ ‬أجمع‭ ‬بإرهابه‭ ‬وعنفه‭ ‬ووحشيته،‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬تحرك‭ ‬دولي‭ ‬موحد‭ ‬وقوي‭ ‬داعم‭ ‬لأفغانستان‭ ‬ومحبط‭ ‬لمحاولات‭ ‬عودة‭ ‬هذا‭ ‬التنظيم‭.‬

الرئيس‭ ‬الأميركي‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬حاول‭ ‬طمأنة‭ ‬العالم‭ ‬بتأكيده‭ ‬أن‭ ‬سقوط‭ ‬البلاد‭ ‬بأيدي‭ ‬طالبان‭ ‬ليس‭ ‬حتميا،‭ ‬لكنه‭ ‬قطع‭ ‬الطريق‭ ‬أمام‭ ‬أي‭ ‬تفكير‭ ‬في‭ ‬استمرار‭ ‬أو‭ ‬عودة‭ ‬جنود‭ ‬أميركيين‭ ‬لأفغانستان،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬دافع‭ ‬بشدة‭ ‬عن‭ ‬خروج‭ ‬القوات‭ ‬الأميركية‭ ‬من‭ ‬أفغانستان،‭ ‬وقال‭ ‬إنه‭ ‬سينتهي‭ ‬في‭ ‬31‭ ‬أغسطس‭ ‬2021م‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬حقق‭ ‬الجيش‭ ‬الأميركي‭ ‬أهدافه‭ ‬في‭ ‬أفغانستان،‭ ‬بقتل‭ ‬زعيم‭ ‬“القاعدة”‭ ‬أسامة‭ ‬بن‭ ‬لادن،‭ ‬وضرب‭ ‬قدرات‭ ‬التنظيم‭ ‬ومنع‭ ‬شن‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬الهجمات‭ ‬على‭ ‬الأراضي‭ ‬الأميركية،‭ ‬قائلا‭: ‬“نحن‭ ‬ننهي‭ ‬أطول‭ ‬حرب‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬لن‭ ‬أرسِل‭ ‬جيلاً‭ ‬جديداً‭ ‬من‭ ‬الأميركيين‭ ‬إلى‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬أفغانستان”‭.‬

إذا،‭ ‬ووفقًا‭ ‬لبايدن،‭ ‬فقد‭ ‬تمكنت‭ ‬أميركا‭ ‬من‭ ‬تحقيق‭ ‬الأهداف‭ ‬التي‭ ‬تخصها،‭ ‬ويبدو‭ ‬أن‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬عليه‭ ‬أن‭ ‬يبدأ‭ ‬من‭ ‬الآن‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬أهداف‭ ‬أخرى‭ ‬تختلف‭ ‬عن‭ ‬أهداف‭ ‬واشنطن،‭ ‬وأن‭ ‬يتحرك‭ ‬جاهدًا‭ ‬لكي‭ ‬لا‭ ‬تكون‭ ‬لتنظيم‭ ‬القاعدة‭ ‬عودة‭ ‬أخرى‭ ‬تهز‭ ‬استقرار‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬يعيش‭ ‬فيه‭ ‬هذا‭ ‬العالم‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الضعف‭ ‬بفعل‭ ‬جائحة‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭ ‬كوفيد‭ ‬19،‭ ‬فهل‭ ‬من‭ ‬تحرك‭ ‬استباقي‭ ‬دولي‭ ‬باتجاه‭ ‬أفغانستان؟‭.‬