أهمية المفاوضات السعودية الإيرانية

| بدور عدنان

على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬شح‭ ‬المعلومات‭ ‬والتكتم‭ ‬الكبير‭ ‬حول‭ ‬المفاوضات‭ ‬السعودية‭ ‬–‭ ‬الإيرانية‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬وجود‭ ‬خط‭ ‬مباحثات‭ ‬بين‭ ‬الطرفين‭ ‬واقع‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تجاهله‭ ‬خصوصاً‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أعلن‭ ‬الرئيس‭ ‬العراقي‭ ‬برهم‭ ‬صالح‭ ‬رسمياً‭ ‬استضافة‭ ‬العراق‭ ‬هذه‭ ‬المفاوضات‭.‬

تكمن‭ ‬أهمية‭ ‬هذه‭ ‬المحادثات‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬المتغيرات‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية‭ ‬التي‭ ‬تنعكس‭ ‬على‭ ‬المصالح‭ ‬القومية‭ ‬للدولتين‭ ‬والمنطقة،‭ ‬فعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬المؤشرات‭ ‬الإيجابية‭ ‬التي‭ ‬تبعث‭ ‬بها‭ ‬الوفود‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬مباحثات‭ ‬فيينا‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الركون‭ ‬والاعتماد‭ ‬على‭ ‬مخرجات‭ ‬هذا‭ ‬الاجتماع‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬أي‭ ‬اتفاق‭ ‬مستقبلي‭ ‬مع‭ ‬واشنطن‭ ‬أمر‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تقوم‭ ‬به‭ ‬طهران‭ ‬وهي‭ ‬التي‭ ‬تعلمت‭ ‬من‭ ‬درسها‭ ‬الأول‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬انقلبت‭ ‬واشنطن‭ ‬على‭ ‬اتفاق‭ ‬2015،‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬بناء‭ ‬سياسة‭ ‬خارجية‭ ‬ثابتة‭ ‬ومستدامة‭ ‬لطهران‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬اتفاق‭ ‬هش‭ ‬بإمكان‭ ‬واشنطن‭ ‬التخلي‭ ‬عنه‭ ‬في‭ ‬أية‭ ‬لحظة‭.‬

على‭ ‬الطرف‭ ‬الآخر‭ ‬فإن‭ ‬تجاهل‭ ‬واشنطن‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬وإقصاءها‭ ‬من‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬أية‭ ‬مباحثات‭ ‬حول‭ ‬الاتفاق‭ ‬النووي‭ ‬يعكس‭ ‬مؤشرات‭ ‬سلبية‭ ‬لسياسة‭ ‬إدارة‭ ‬الرئيس‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬تجاه‭ ‬المنطقة‭ ‬وهي‭ ‬التي‭ ‬اتضحت‭ ‬في‭ ‬واقع‭ ‬الأمر‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مرة‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المواقف‭ ‬كموقفها‭ ‬من‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬اليمن‭ ‬وبيع‭ ‬الأسلحة‭ ‬لدول‭ ‬المنطقة‭ ‬والضغوط‭ ‬فيما‭ ‬يخص‭ ‬ملف‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬وعلى‭ ‬ضوء‭ ‬ذلك‭ ‬فإن‭ ‬حتمية‭ ‬التحرك‭ ‬بعيداً‭ ‬عن‭ ‬فلك‭ ‬السياسة‭ ‬الأميركية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تكترث‭ ‬بدول‭ ‬المنطقة‭ ‬أصبح‭ ‬أمرا‭ ‬لابد‭ ‬منه‭.‬

مما‭ ‬لا‭ ‬شك‭ ‬فيه‭ ‬أن‭ ‬أي‭ ‬تقارب‭ ‬سعودي‭ - ‬إيراني‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬المقبلة‭ ‬سيعود‭ ‬بالنفع‭ ‬على‭ ‬الطرفين‭ ‬كما‭ ‬على‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬اليمن‭ ‬ولبنان‭ ‬وسوريا‭ ‬والعراق‭ ‬عراب‭ ‬المرحلة‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬المفاوضات،‭ ‬لكن‭ ‬تكمن‭ ‬المعضلة‭ ‬في‭ ‬التفاصيل‭ ‬الخاصة‭ ‬بسلمية‭ ‬برنامج‭ ‬إيران‭ ‬النووي‭ ‬وبرنامج‭ ‬صواريخها‭ ‬البالستية‭ ‬بالإضافة‭ ‬لتدخلها‭ ‬في‭ ‬الشؤون‭ ‬الداخلية‭ ‬لدول‭ ‬المنطقة‭.‬

إلا‭ ‬أنه‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬التوصل‭ ‬لأرضية‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يبنى‭ ‬عليها‭ ‬أي‭ ‬اتفاق‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬يمهد‭ ‬لاتفاق‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬دفع‭ ‬عملية‭ ‬السلام‭ ‬والاستقرار‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬بما‭ ‬يخدم‭ ‬المصالح‭ ‬القومية‭ ‬للبلدين‭ ‬ودول‭ ‬الجوار‭ ‬بات‭ ‬قريبا،‭ ‬ذلك‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نستوحيه‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التحول‭ ‬في‭ ‬نبرة‭ ‬الخطاب‭ ‬لدى‭ ‬القيادات‭ ‬السعودية‭ ‬والإيرانية‭ ‬خلال‭ ‬التصريحات‭ ‬واللقاءات‭ ‬الأخيرة‭ ‬للطرفين‭.‬