“الصحافي المواطن”

| يوسف الحداد

التحدي‭ ‬الذي‭ ‬يواجه‭ ‬المؤسسات‭ ‬الإعلامية‭ ‬الخليجية‭ ‬الوطنية‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬يرتبط‭ ‬بمواكبة‭ ‬الثورة‭ ‬الرقمية‭ ‬المصاحبة‭ ‬للإعلام‭ ‬الجديد،‭ ‬إنما‭ ‬في‭ ‬اكتشاف‭ ‬واستقطاب‭ ‬الكفاءات‭ ‬والخبرات‭ ‬الإعلامية‭ ‬المبدعة‭ ‬التي‭ ‬بمقدورها‭ ‬الانتقال‭ ‬بالخطاب‭ ‬الإعلامي‭ ‬من‭ ‬المستوى‭ ‬الخليجي‭ ‬إلى‭ ‬الصعيد‭ ‬الدولي؛‭ ‬خصوصا‭ ‬أن‭ ‬العالم‭ ‬يعيش‭ ‬الآن‭ ‬ما‭ ‬يطلق‭ ‬عليه‭ ‬ظاهرة‭ ‬“الصحافي‭ ‬المواطن”‭ ‬أو‭ ‬“الإعلامي‭ ‬المنفرد”،‭ ‬الذي‭ ‬يستطيع‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬وسائل‭ ‬ومنصات‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ (‬يوتيوب،‭ ‬إنستغرام،‭ ‬فيس‭ ‬بوك،‭ ‬تويتر‭) ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬أكثر‭ ‬تأثيراً‭ ‬وفاعلية‭ ‬من‭ ‬الإعلامي‭ ‬التقليدي‭ ‬الذي‭ ‬يمتلك‭ ‬وظيفة‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬المؤسسات‭ ‬الإعلامية‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يضيف‭ ‬إليها‭ ‬أي‭ ‬إبداع‭ ‬أو‭ ‬ابتكار‭. ‬

لقد‭ ‬شهدت‭ ‬السنوات‭ ‬الماضية‭ ‬ظهور‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬قادة‭ ‬الرأي‭ ‬المؤثرين‭ ‬في‭ ‬وسائل‭ ‬ومنصات‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬المختلفة،‭ ‬لهم‭ ‬منابرهم‭ ‬التي‭ ‬تحظى‭ ‬بالمتابعة‭ ‬من‭ ‬الملايين‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬العربي،‭ ‬والسؤال‭: ‬هل‭ ‬تستطيع‭ ‬المؤسسات‭ ‬الإعلامية‭ ‬الخليجية‭ ‬الوطنية‭ ‬استقطاب‭ ‬أمثال‭ ‬هؤلاء‭ ‬الفاعلين‭ ‬والمؤثرين‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬التمسك‭ ‬بأولئك‭ ‬الإعلاميين‭ ‬الذين‭ ‬يعملون‭ ‬بمنطق‭ ‬“الموظفين‭ ‬التقليديين”،‭ ‬ولا‭ ‬يضيفون‭ ‬أي‭ ‬جديد‭ ‬للمؤسسات‭ ‬التي‭ ‬يعملون‭ ‬بها؟‭ ‬هذا‭ ‬التطور‭ ‬من‭ ‬المهم‭ ‬أخذه‭ ‬في‭ ‬الاعتبار‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬المؤسسات‭ ‬الإعلامية‭ ‬إذا‭ ‬أرادت‭ ‬مواكبة‭ ‬ثورة‭ ‬الإعلام‭ ‬الجديد‭ ‬في‭ ‬بعدها‭ ‬المتعلق‭ ‬بالمؤثرين‭ ‬والفاعلين‭ ‬الجدد‭ ‬في‭ ‬وسائل‭ ‬ومنصات‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬ربما‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬هؤلاء‭ ‬غير‭ ‬متخصصين‭ ‬أو‭ ‬خريجي‭ ‬كليات‭ ‬الإعلام‭ ‬والاتصال‭ ‬الجماهيري،‭ ‬لكنهم‭ ‬في‭ ‬المقابل‭ ‬يمتلكون‭ ‬مهارات‭ ‬التواصل‭ ‬والتفاعل‭ ‬والانفتاح‭ ‬على‭ ‬العالم‭ ‬بلغته‭ ‬وأدواته‭ ‬الجديدة،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يحتاجه‭ ‬إعلامنا‭ ‬في‭ ‬المرحلة‭ ‬المقبلة،‭ ‬فهؤلاء‭ ‬يمكن‭ ‬استثمارهم‭ ‬بفاعلية‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬المؤسسات‭ ‬الإعلامية‭ ‬في‭ ‬الترويج‭ ‬لقصص‭ ‬النجاح‭ ‬الخليجية‭ ‬عالمياً‭ ‬وتعزيز‭ ‬قوتها‭ ‬الناعمة‭.‬

لم‭ ‬تعد‭ ‬قوة‭ ‬وفاعلية‭ ‬الإعلام‭ ‬في‭ ‬أية‭ ‬دولة‭ ‬تقاس‭ ‬فقط‭ ‬بإمكانياته‭ ‬المادية‭ ‬والتقنية،‭ ‬إنما‭ ‬بالأساس‭ ‬بخبراته‭ ‬البشرية‭ ‬وكوادره‭ ‬الإعلامية‭ ‬المبدعة‭ ‬القادرة‭ ‬على‭ ‬إيصال‭ ‬رسالته‭ ‬إلى‭ ‬الخارج،‭ ‬والتعبير‭ ‬عن‭ ‬مواقف‭ ‬الدولة،‭ ‬والدفاع‭ ‬عن‭ ‬مصالحها‭ ‬بكفاءة‭ ‬عالية‭. ‬وإذا‭ ‬كان‭ ‬الإعلام‭ ‬الخليجي‭ ‬الوطني‭ ‬شريكاً‭ ‬رئيسياً‭ ‬في‭ ‬مسيرة‭ ‬التنمية‭ ‬والتطور‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الماضية،‭ ‬فإنه‭ ‬أيضاً‭ ‬سيكون‭ ‬أهم‭ ‬المرتكزات‭ ‬للانطلاق‭ ‬للسنوات‭ ‬المقبلة،‭ ‬خصوصا‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬إدراكاً‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬القائمين‭ ‬على‭ ‬المؤسسات‭ ‬الإعلامية‭ ‬الخليجية‭ ‬الوطنية‭ ‬بطبيعة‭ ‬الدور‭ ‬الذي‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬يقوم‭ ‬به‭ ‬الإعلام‭ ‬الوطني‭ ‬في‭ ‬المرحلة‭ ‬المقبلة،‭ ‬سواء‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬مواكبة‭ ‬مسيرة‭ ‬الإنجازات‭ ‬التي‭ ‬تشهدها‭ ‬دول‭ ‬الخليج،‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬نقل‭ ‬قصة‭ ‬نجاحها‭ ‬إلى‭ ‬الخارج،‭ ‬باعتبارها‭ ‬نموذجا‭ ‬يحتذى‭ ‬في‭ ‬البناء‭ ‬والتنمية‭ ‬والإنجاز،‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته،‭ ‬يتزايد‭ ‬الرهان‭ ‬على‭ ‬الجيل‭ ‬الجديد‭ ‬من‭ ‬الكوادر‭ ‬الإعلامية‭ ‬في‭ ‬قيادة‭ ‬الإعلام‭ ‬الخليجي‭ ‬والارتقاء‭ ‬بمضمونه‭ ‬ومحتواه،‭ ‬وتعزيز‭ ‬تنافسيته‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬الدولي‭.‬