سوالف

الجائزة

| أسامة الماجد

‎حينما‭ ‬اتصل‭ ‬بي‭ ‬الأخ‭ ‬العزيز‭ ‬الدكتور‭ ‬يوسف‭ ‬محمد‭ ‬إسماعيل‭ ‬مدير‭ ‬إدارة‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام،‭ ‬ليخبرني‭ ‬بالفوز‭ ‬بجائزة‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬للصحافة‭ ‬“فئة‭ ‬أفضل‭ ‬عمود‭ ‬رأي”‭ ‬شعرت‭ ‬ككاتب‭ ‬أفنى‭ ‬حياته‭ ‬في‭ ‬الصحافة‭ ‬بكآبة‭ ‬المنهزم‭ ‬لا‭ ‬سعادة‭ ‬المنتصر‭ ‬والسبب‭ ‬يعود‭ ‬إلى‭ ‬فقدي‭ ‬لآباء‭ ‬وأساتذة‭ ‬ومربين‭ ‬طوقوني‭ ‬بحبهم‭ ‬كنت‭ ‬أتمنى‭ ‬وجودهم‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬اللحظة‭ ‬واليوم‭ ‬لرد‭ ‬الجميل‭ ‬ونثر‭ ‬الورود‭ ‬تحت‭ ‬أقدامهم،‭ ‬وأول‭ ‬الآباء‭ ‬سيدي‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬طيب‭ ‬الله‭ ‬ثراه،‭ ‬القائد‭ ‬والوالد‭ ‬الذي‭ ‬مدنا‭ ‬بالقوة‭ ‬والعطاء‭ ‬والايمان‭ ‬القوي‭ ‬والبذل‭ ‬بسخاء‭ ‬من‭ ‬اجل‭ ‬البحرين،‭ ‬ثم‭ ‬والدي‭ ‬الأديب‭ ‬والصحافي‭ ‬محمد‭ ‬الماجد‭ ‬رحمه‭ ‬الله‭ ‬الذي‭ ‬أهداني‭ ‬مطلع‭ ‬الثمانينات‭ ‬مجموعته‭ ‬القصصية‭ ‬الثالثة‭ ‬“الرقص‭ ‬على‭ ‬أجفان‭ ‬الظلام”‭ ‬وكتب‭ ‬في‭ ‬الصفحة‭ ‬الأولى‭ ‬“إلى‭ ‬ابني‭ ‬أسامة‭.. ‬واصل‭ ‬القراءة‭ ‬والكتابة‭ ‬وأتمنى‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬كاتبا‭ ‬أحسن‭ ‬مني”‭. ‬وبعدهما‭ ‬الكاتب‭ ‬الصديق‭ ‬خالد‭ ‬البسام‭ ‬رحمه‭ ‬الله،‭ ‬أول‭ ‬من‭ ‬أشربني‭ ‬من‭ ‬أباريق‭ ‬فردوس‭ ‬كتابة‭ ‬العمود‭ ‬اليومي‭ ‬في‭ ‬الزميلة‭ ‬الأيام‭ ‬منتصف‭ ‬التسعينات‭.‬

‎كان‭ ‬حب‭ ‬الصحافة‭ ‬يستيقظ‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬صباح،‭ ‬غطست‭ ‬في‭ ‬بحرها‭ ‬ممسكا‭ ‬بحبل‭ ‬الأمانة‭ ‬والإخلاص‭ ‬والتضحية‭ ‬والصبر‭ ‬والمعاناة‭ ‬والجهد‭ ‬الطويل‭ ‬المستمر،‭ ‬وقاومت‭ ‬الأمواج‭ ‬والرياح‭ ‬المتلاطمة‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬26‭ ‬عاما‭ ‬حتى‭ ‬ضعف‭ ‬البصر‭ ‬وسلمت‭ ‬نفسي‭ ‬لوحش‭ ‬“الضغط”‭ ‬المفترس،‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬في‭ ‬مقدوري‭ ‬اختيار‭ ‬حياة‭ ‬أخرى،‭ ‬حياة‭ ‬حرة‭ ‬برفقة‭ ‬راحة‭ ‬البال‭ ‬والخروج‭ ‬من‭ ‬حدود‭ ‬بلاط‭ ‬صاحبة‭ ‬الجلالة،‭ ‬فأنا‭ ‬ممنوع‭ ‬من‭ ‬الخروج‭ ‬ولا‭ ‬يسمح‭ ‬لي‭ ‬أبدا‭ ‬بالنظر‭ ‬من‭ ‬النافذة‭ ‬ومد‭ ‬ذراعي‭ ‬لتغطيها‭ ‬وتلامسها‭ ‬الشمس،‭ ‬فبمجرد‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬يضطرب‭ ‬صدري‭ ‬ويضرم‭ ‬متوقدا‭ ‬وتلمع‭ ‬عيناي‭ ‬لأنني‭ ‬أحيا‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الصحافة‭ ‬ولا‭ ‬شيء‭ ‬غير‭ ‬ذلك‭.‬

‎لقد‭ ‬رضعت‭ ‬محبة‭ ‬الصحافة‭ ‬مع‭ ‬الحليب،‭ ‬في‭ ‬البيت،‭ ‬في‭ ‬المدرسة،‭ ‬في‭ ‬الشارع،‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان‭ ‬يخطر‭ ‬على‭ ‬البال،‭ ‬واذا‭ ‬كانت‭ ‬الحياة‭ ‬تقتصر‭ ‬على‭ ‬تطبيق‭ ‬تعاليم‭ ‬معينة،‭ ‬فأهدي‭ ‬هذه‭ ‬الجائزة‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬تعلمت‭ ‬منه‭ ‬واتكأت‭ ‬عليه‭ ‬لأمشي‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الوصول‭ ‬الى‭ ‬نقطة‭ ‬الانطلاق،‭ ‬لأنني‭ ‬في‭ ‬الحقيقة‭ ‬لم‭ ‬أصل‭ ‬بعد،‭ ‬فالصحافة‭ ‬كوجه‭ ‬البحار‭ ‬ليس‭ ‬لها‭ ‬حدود‭.‬