البحرين تتبوأ مركزا مرموقا عاليا في منع الإتجار بالبشر

| د. عبدالقادر ورسمه

تتألق‭ ‬مكانة‭ ‬البحرين‭ ‬وترتفع‭ ‬عاليا‭ ‬للثريا‭ ‬لتصل‭ ‬للصدارة‭ ‬في‭ ‬مكافحة‭ ‬الاتجار‭ ‬بالبشر؛‭ ‬احتراما‭ ‬للبشرية‭ ‬كافة‭. ‬وهذا‭ ‬الموقف‭ ‬الثابت‭ ‬يؤكده‭ ‬تقرير‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬الأميركية‭ ‬السنوي‭ ‬الصادر‭ ‬قبل‭ ‬أيام،‭ ‬ووفق‭ ‬التقرير‭ ‬حافظت‭ ‬البحرين‭ ‬على‭ ‬موقعها‭ ‬في‭ ‬“الفئة‭ ‬الأولى”‭ ‬لمكافحة‭ ‬الاتجار‭ ‬بالبشر‭ ‬وذلك‭ ‬لعدة‭ ‬أعوام‭ ‬متوالية‭. ‬وهذا‭ ‬يؤكد‭ ‬ويدلل‭ ‬على‭ ‬السياسة‭ ‬الراسخة‭ ‬التي‭ ‬تنتهجها‭ ‬البحرين‭ ‬لمحاربة‭ ‬“وصمة”‭ ‬الاتجار‭ ‬بالبشر‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬فيها‭ ‬إذلال‭ ‬الضعفاء‭ ‬خاصة‭ ‬النساء‭ ‬والأطفال‭ ‬وذوي‭ ‬الحاجة‭ ‬ومصادرة‭ ‬حريتهم‭ ‬وحقوقهم‭ ‬التي‭ ‬ولدوا‭ ‬بها،‭ ‬لكن‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يستعبدهم‭ ‬ويعيش‭ ‬على‭ ‬عرقهم‭ ‬وجهدهم‭ ‬ومواهبهم‭ ‬الفطرية‭ ‬والفكرية‭. ‬

بدأت‭ ‬سياسة‭ ‬البحرين‭ ‬الواضحة،‭ ‬بصدور‭ ‬قانون‭ ‬مكافحة‭ ‬الاتجار‭ ‬بالبشر‭ ‬2008‭. ‬والجريمة‭ ‬تشمل‭ ‬تجنيد‭ ‬شخص‭ ‬أو‭ ‬نقله‭ ‬أو‭ ‬تنقيله‭ ‬أو‭ ‬إيوائه‭ ‬أو‭ ‬استقباله‭ ‬بغرض‭ ‬إساءة‭ ‬الاستغلال‭ ‬بالإكراه‭ ‬أو‭ ‬التهديد‭ ‬أو‭ ‬الحيلة‭ ‬أو‭ ‬استغلال‭ ‬الوظيفة‭ ‬أو‭ ‬النفوذ‭ ‬أو‭ ‬إساءة‭ ‬استعمال‭ ‬سلطة‭ ‬بوسيلة‭ ‬غير‭ ‬مشروعة‭. ‬والاستغلال‭ ‬بأي‭ ‬شكل،‭ ‬أو‭ ‬الاعتداء‭ ‬الجنسي‭ ‬أو‭ ‬الدعارة،‭ ‬أو‭ ‬العمل‭ ‬قسرا‭ ‬أو‭ ‬الاسترقاق‭ ‬أو‭ ‬الممارسات‭ ‬الشبيهة‭ ‬بالرق،‭ ‬أو‭ ‬نزع‭ ‬الأعضاء‭. ‬والتعريف‭ ‬شامل،‭ ‬ونؤكد‭ ‬أنه‭ ‬منسجم‭ ‬مع‭ ‬التعريف‭ ‬الدولي‭. ‬وإضافة‭ ‬لإصدار‭ ‬القانون،‭ ‬انضمت‭ ‬البحرين‭ ‬للمعاهدات‭ ‬الدولية؛‭ ‬لأن‭ ‬الجريمة‭ ‬عالمية‭ ‬تحتاج‭ ‬للجميع‭ ‬لجعل‭ ‬العالم‭ ‬مكانا‭ ‬آمنا‭ ‬لكل‭ ‬البشر‭. ‬

نقول،‭ ‬ما‭ ‬يميز‭ ‬البحرين،‭ ‬أنها‭ ‬لم‭ ‬تكتف‭ ‬بإصدار‭ ‬التشريعات‭ ‬واعتماد‭ ‬المعاهدات‭ ‬الدولية،‭ ‬بل‭ ‬إنها‭ ‬سارت‭ ‬ذلك‭ ‬“الميل‭ ‬الإضافي”‭ ‬عبر‭ ‬تطبيقها‭ ‬السليم‭ ‬للأهداف‭ ‬التي‭ ‬ينادي‭ ‬بها‭ ‬العالم‭ ‬حماية‭ ‬للبشر‭ ‬دون‭ ‬تمييز‭ ‬أو‭ ‬تفريق‭ ‬بسبب‭ ‬الدين‭ ‬أو‭ ‬العرق‭ ‬أو‭ ‬اللغة،‭ ‬وهذا‭ ‬يمثل‭ ‬قمة‭ ‬التقدير‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬وحسن‭ ‬المعاملة‭ ‬وكريم‭ ‬الخلق‭. ‬ومن‭ ‬الخطوات‭ ‬الدالة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬تطبيق‭ ‬“نظام‭ ‬حماية‭ ‬الأجور”‭ ‬لتوثيق‭ ‬دفع‭ ‬الأجور‭ ‬بشكل‭ ‬مستمر‭ ‬وفي‭ ‬المواعيد‭ ‬المحددة‭ ‬بالقانون‭ ‬وهذا‭ ‬تطبيق‭ ‬لمبدأ‭ ‬“أعطي‭ ‬الأجير‭ ‬أجره‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يجف‭ ‬أجره”‭. ‬وتم‭ ‬افتتاح‭ ‬“مكاتب‭ ‬تسجيل‭ ‬الدعاوى‭ ‬العمالية”‭ ‬بهيئة‭ ‬تنظيم‭ ‬سوق‭ ‬العمل؛‭ ‬لتقديم‭ ‬المساعدة‭ ‬للعمالة‭ ‬الوافدة‭ ‬في‭ ‬الدعاوى‭ ‬العمالية‭ ‬حتى‭ ‬صدور‭ ‬الحكم‭. ‬كما‭ ‬تم‭ ‬إنشاء‭ ‬“صندوق‭ ‬رعاية‭ ‬ضحايا‭ ‬الاتجار‭ ‬بالبشر”‭ ‬و‭ ‬”مركز‭ ‬إيواء‭ ‬ضحايا‭ ‬الاتجار”‭ ‬وإنشاء‭ ‬“نيابة‭ ‬خاصة”‭ ‬لقضايا‭ ‬الاتجار‭. ‬وقامت‭ ‬اللجنة‭ ‬الوطنية‭ ‬لمكافحة‭ ‬الاتجار‭ ‬بإصدار‭ ‬“نظام‭ ‬الإحالة‭ ‬الوطني‭ ‬لضحايا‭ ‬الاتجار‭ ‬بالأشخاص”،‭ ‬ليساعد‭ ‬في‭ ‬إجراءات‭ ‬المكافحة‭ ‬وتنظيم‭ ‬دور‭ ‬الجهات‭ ‬وآليات‭ ‬تعاملها‭. ‬وإصدار‭ ‬هذا‭ ‬النظام‭ ‬حاز‭ ‬قصب‭ ‬السبق؛‭ ‬لأنه‭ ‬يعتبر‭ ‬الأول‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭. ‬وأيضا،‭ ‬الشروع‭ ‬في‭ ‬تأسيس‭ ‬“المركز‭ ‬الإقليمي‭ ‬للتدريب‭ ‬وبناء‭ ‬قدرات‭ ‬مكافحة‭ ‬الاتجار‭ ‬بالأشخاص”‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬مكتب‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لمحاربة‭ ‬المخدرات‭ ‬والجريمة‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬والمنظمة‭ ‬الدولية‭ ‬للهجرة‭. ‬وسيعمل‭ ‬المركز‭ ‬على‭ ‬إعداد‭ ‬الدراسات‭ ‬والبحوث‭ ‬مع‭ ‬صياغة‭ ‬منهج‭ ‬خاص‭ ‬بالمكافحة‭ ‬يتناسب‭ ‬مع‭ ‬خصوصية‭ ‬وطبيعة‭ ‬حالات‭ ‬الاتجار‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وشمال‭ ‬إفريقيا،‭ ‬إضافة‭ ‬للمساهمة‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬معايير‭ ‬نموذجية‭ ‬لرعاية‭ ‬الضحايا‭ ‬ووضع‭ ‬تعريفات‭ ‬وأدلة‭ ‬وآليات‭ ‬مكافحة‭ ‬بطريقة‭ ‬تتعلق‭ ‬بالتركيبة‭ ‬الديمغرافية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬بالمنطقة‭.‬

كل‭ ‬هذه‭ ‬الخطوات‭ ‬الجريئة‭ ‬المتتابعة‭ ‬“بيان‭ ‬بالعمل”‭ ‬للسياسة‭ ‬الواضحة‭ ‬التي‭ ‬تنتهجها‭ ‬البحرين‭ ‬لحماية‭ ‬البشر،‭ ‬انطلاقا‭ ‬من‭ ‬إرثها‭ ‬الثقافي‭ ‬الاجتماعي‭ ‬العميق‭ ‬مما‭ ‬جعلها‭ ‬“بلد‭ ‬الخلود”‭ ‬الذي‭ ‬تأتي‭ ‬إليه‭ ‬الأفئدة‭ ‬مطمئنة‭ ‬والنفوس‭ ‬هادئة؛‭ ‬لأن‭ ‬حقوقها‭ ‬مصانة‭ ‬عبر‭ ‬التاريخ‭. ‬ولهذا،‭ ‬وهكذا‭ ‬ستظل‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬القمة‭ ‬والريادة‭.‬