ممارسات خاطئة

| زهير توفيقي

لا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬الجميع‭ ‬يتفق‭ ‬معي‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الأغلبية‭ ‬العظمى‭ ‬من‭ ‬أفراد‭ ‬المجتمع‭ ‬البحريني‭ ‬يعشقون‭ ‬طلب‭ ‬المأكولات‭ ‬والحلويات‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الطلب‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬شركات‭ ‬التوصيل،‭ ‬لكن‭ ‬الأمر‭ ‬أصبح‭ ‬بصورة‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة،‭ ‬حيث‭ ‬أصبح‭ ‬الناس‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬يحسدون‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬الكسل‭ ‬الشديد‭ ‬والاتكالية،‭ ‬وبودهم‭ ‬لو‭ ‬يطلبون‭ ‬حتى‭ ‬قنينة‭ ‬الماء‭ ‬من‭ ‬خارج‭ ‬المنزل‭! ‬أصبح‭ ‬العاملون‭ ‬في‭ ‬شركات‭ ‬التوصيل‭ ‬يطرقون‭ ‬أبواب‭ ‬منازلنا‭ ‬في‭ ‬اليوم‭ ‬الواحد‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬زيارات‭ ‬الأهل‭ ‬لنا‭ ‬في‭ ‬السنة‭ ‬الواحدة‭! ‬لاحظوا‭ ‬المقارنة،‭ ‬هذا‭ ‬غير‭ ‬معقول‭ ‬وظاهرة‭ ‬غير‭ ‬صحية‭ ‬البتة‭.‬

حدثني‭ ‬أحد‭ ‬أصدقائي‭ ‬وهو‭ ‬يملك‭ ‬مطعمًا‭ ‬بأن‭ ‬الناس‭ ‬أصبحوا‭ ‬لا‭ ‬يأتون‭ ‬إلى‭ ‬المطعم‭ ‬لأخذ‭ ‬طلباتهم،‭ ‬ويعتمدون‭ ‬اعتمادًا‭ ‬كليًا‭ ‬على‭ ‬شركات‭ ‬التوصيل،‭ ‬حتى‭ ‬إن‭ ‬كان‭ ‬منزلهم‭ ‬على‭ ‬بعد‭ ‬خطوات‭ ‬من‭ ‬المطعم‭! ‬والمضحك‭ ‬المبكي‭ ‬وعلى‭ ‬عهدة‭ ‬الراوي‭ ‬أن‭ ‬أحد‭ ‬الأشخاص‭ ‬طلب‭ ‬مشروبا‭ ‬غازيا‭ ‬قيمته‭ ‬‮٤٠٠‬‭ ‬فلس‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬سعره‭ ‬‮٢٥٠‬‭ ‬فلسًا‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬سوبرماركت،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬شركة‭ ‬التوصيل‭ ‬تفرض‭ ‬‮٢٥‬‭ % ‬رسوما‭ ‬على‭ ‬صاحب‭ ‬المطعم‭ ‬و‮٧٠٠‬‭ ‬فلس‭ ‬من‭ ‬طالب‭ ‬المشروب‭! ‬تصوروا‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الشاب‭ ‬دفع‭ ‬دينارا‭ ‬ومئة‭ ‬فلس‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬كان‭ ‬بإمكانه‭ ‬أن‭ ‬يشتريه‭ ‬بـ‭ ‬‮٢٥٠‬‭ ‬فلسًا‭ ‬لا‭ ‬غير،‭ ‬والأمثلة‭ ‬كثيرة‭ ‬حول‭ ‬هذا‭ ‬السلوك‭ ‬الخاطئ‭ ‬والخطير‭ ‬الذي‭ ‬أعتبره‭ ‬تهديدا‭ ‬لممارساتنا‭ ‬اليومية‭ ‬الحياتية‭ ‬ونمط‭ ‬الحياة‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬المصاريف‭ ‬الإضافية‭ ‬التي‭ ‬تكون‭ ‬كاهلا‭ ‬على‭ ‬الشخص‭ ‬أو‭ ‬عائلته،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬الناحية‭ ‬الصحية‭ ‬والنظافة‭ ‬المتبعة‭ ‬في‭ ‬تحضير‭ ‬هذه‭ ‬الأطعمة‭. ‬

إننا‭ ‬بأمس‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬إطلاق‭ ‬حملة‭ ‬إعلامية‭ ‬وطنية‭ ‬تشارك‭ ‬فيها‭ ‬جميع‭ ‬الجهات‭ ‬الحكومية‭ ‬والخاصة‭ ‬والجمعيات‭ ‬الأهلية‭ ‬والأجهزة‭ ‬الإعلامية‭ ‬ووسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬بمختلف‭ ‬أنواعها‭ ‬لنشر‭ ‬الوعي‭ ‬وتثقيف‭ ‬الناس‭ ‬بهذه‭ ‬الجزئية‭ ‬من‭ ‬حياتنا،‭ ‬صدقوني‭ ‬إن‭ ‬هذه‭ ‬الحملات‭ ‬ستؤتي‭ ‬ثمارها‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬المتوسط،‭ ‬وأنا‭ ‬لم‭ ‬أكن‭ ‬قط‭ ‬ضد‭ ‬مبدأ‭ ‬التعامل‭ ‬وطلب‭ ‬الأطباق‭ ‬من‭ ‬المطاعم،‭ ‬لكن‭ ‬ليس‭ ‬بهذه‭ ‬الطريقة‭ ‬المجنونة‭.‬

أعرف‭ ‬موظفين‭ ‬رواتبهم‭ ‬متواضعة‭ ‬جدًا‭ ‬ويصرون‭ ‬على‭ ‬تناول‭ ‬وجبة‭ ‬الإفطار‭ ‬في‭ ‬مقر‭ ‬عملهم‭ ‬بشكل‭ ‬يومي،‭ ‬ما‭ ‬يكلفهم‭ ‬مبلغا‭ ‬وقدره،‭ ‬ويتنقلون‭ ‬بعد‭ ‬الدوام‭ ‬من‭ ‬مقهى‭ ‬إلى‭ ‬آخر،‭ ‬وفي‭ ‬نهاية‭ ‬الشهر‭ ‬يشتكون‭ ‬بأن‭ ‬راتبهم‭ ‬لا‭ ‬يكفيهم‭! ‬السؤال‭ ‬الذي‭ ‬يطرح‭ ‬نفسه،‭ ‬لماذا‭ ‬لا‭ ‬نعود‭ ‬أنفسنا‭ ‬على‭ ‬تناول‭ ‬وجبة‭ ‬الإفطار‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬وليس‭ ‬الحصر‭ ‬في‭ ‬منازلنا،‭ ‬ونوفر‭ ‬بذلك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المصروفات،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬سلوك‭ ‬صحي،‭ ‬والله‭ ‬من‭ ‬وراء‭ ‬القصد‭.‬