سوالف

عقول مغيبة من طراز واحد

| أسامة الماجد

لقد‭ ‬انجرف‭ ‬البعض‭ ‬في‭ ‬مجتمعاتنا‭ ‬إلى‭ ‬النظريات‭ ‬الجديدة‭ ‬القادمة‭ ‬من‭ ‬الغرب،‭ ‬وحوروها‭ ‬ولعبوا‭ ‬فيها‭ ‬بما‭ ‬يتناسب‭ ‬مع‭ ‬توجهاتهم‭ ‬ومشاريعهم،‭ ‬ونظروا‭ ‬إليها‭ ‬من‭ ‬زوايا‭ ‬معينة،‭ ‬خصوصا‭ ‬تلك‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالحرية،‭ ‬هؤلاء‭ ‬قفزوا‭ ‬فوق‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬وطالبوا‭ ‬بالتحرر‭ ‬من‭ ‬الحكومات،‭ ‬وتلك‭ ‬هي‭ ‬الفوضى‭ ‬بعينها‭ ‬ولها‭ ‬مبدأ‭ ‬وامتداد‭ ‬معروف،‭ ‬ويعرف‭ ‬أصحابه‭ ‬بـ‭ ‬“الفوضويون”،‭ ‬وطالبوا‭ ‬أيضا‭ ‬بالحرية‭ ‬الكاملة‭ ‬في‭ ‬الكلمة‭ ‬المكتوبة‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬أو‭ ‬صحيفة‭ ‬أو‭ ‬عبر‭ ‬منصات‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كانت‭ ‬تثير‭ ‬النعرات‭ ‬الطائفية‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬وتضر‭ ‬بسلامة‭ ‬وأمن‭ ‬الوطن،‭ ‬فحينما‭ ‬يقومون‭ ‬بالتكسير‭ ‬والتحطيم‭ ‬والخروج‭ ‬في‭ ‬مسيرات‭ ‬غير‭ ‬مرخصة‭ ‬يعتبرون‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬مطالب‭ ‬الناس‭ ‬وأمر‭ ‬يتماشى‭ ‬مع‭ ‬الحرية‭.‬

هؤلاء‭ ‬الناس‭ ‬ونعرفهم‭ ‬جيدا‭ ‬يعتبرون‭ ‬أنفسهم‭ ‬الطلقاء‭ ‬الذين‭ ‬يتحركون‭ ‬دون‭ ‬قيود‭ ‬وقوانين‭ ‬في‭ ‬المجتمع،‭ ‬ولا‭ ‬يريدون‭ ‬أن‭ ‬يلومهم‭ ‬أحد،‭ ‬خصوصا‭ ‬أنهم‭ ‬يتبعون‭ ‬جوقة‭ ‬المنظمات‭ ‬الدولية‭ ‬المشبوهة‭ ‬القائمة‭ ‬على‭ ‬الجهل‭ ‬والعنصرية‭ ‬ومختلف‭ ‬الأمراض،‭ ‬وإلا‭ ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬يجعل‭ ‬شخصا‭ ‬عاقلا‭ ‬يدرك‭ ‬مسؤولياته‭ ‬وواجباته‭ ‬تجاه‭ ‬الوطن‭ ‬يخرج‭ ‬في‭ ‬مسيرة‭ ‬غير‭ ‬مرخصة‭ ‬ويطلق‭ ‬شعارات‭ ‬سياسية،‭ ‬أو‭ ‬ينشئ‭ ‬حسابا‭ ‬في‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬ويستخدمه‭ ‬للحماقات‭ ‬والإرهاب‭ ‬والتحريض‭ ‬والعنف‭ ‬ويعتبره‭ ‬قوة‭ ‬مغناطيسية‭ ‬تجذب‭ ‬أمثاله‭ ‬من‭ ‬المرضى‭ ‬البعيدين‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬هدف‭ ‬وطني‭.‬

القوانين‭ ‬لا‭ ‬تنشئ‭ ‬فينا‭ ‬الرجل‭ ‬الصالح،‭ ‬إنما‭ ‬ينشئه‭ ‬التعليم‭ ‬الصحيح‭ ‬والقدوة‭ ‬الصالحة،‭ ‬والعجيب‭ ‬في‭ ‬أمر‭ ‬هؤلاء‭ ‬أنهم‭ ‬متعلمون‭ ‬ويجولون‭ ‬ويصولون‭ ‬في‭ ‬المعارف،‭ ‬لكن‭ ‬عندما‭ ‬تجادلهم‭ ‬وتناقشهم‭ ‬في‭ ‬“حرية‭ ‬الفوضى”‭ ‬التي‭ ‬يتبعونها‭ ‬ولعبهم‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬التناقضات‭ ‬والتدفق‭ ‬غير‭ ‬الطبيعي‭ ‬للإساءة‭ ‬للوطن‭ ‬والجلوس‭ ‬في‭ ‬عربة‭ ‬المنظمات‭ ‬المشبوهة‭ ‬دون‭ ‬التحقق‭ ‬من‭ ‬الوجهة،‭ ‬تجدهم‭ ‬يدورون‭ ‬على‭ ‬البلدان‭ ‬لإقناعك‭ ‬بكلمة‭ ‬ولكن‭ ‬دون‭ ‬جدوى،‭ ‬لأنهم‭ ‬لا‭ ‬يخافون‭ ‬شيئا‭ ‬كخوفهم‭ ‬من‭ ‬الحقيقة‭ ‬والنقاش‭ ‬المخلص‭ ‬والحقوق‭ ‬والواجبات‭.‬

ادعهم‭ ‬لمناظرة‭ ‬ومنافسة‭ ‬علنية‭ ‬ستجد‭ ‬تفكيرهم‭ ‬من‭ ‬القرون‭ ‬البعيدة‭ ‬وبلا‭ ‬منطق‭ ‬سليم،‭ ‬عقول‭ ‬مغيبة‭ ‬من‭ ‬طراز‭ ‬واحد،‭ ‬وكأنهم‭ ‬خارج‭ ‬المجتمعات‭ ‬الإنسانية‭ ‬القائمة‭ ‬على‭ ‬التنظيم‭ ‬والنظام‭.‬