فجر جديد

“رسائل التفه”

| إبراهيم النهام

ورطتنا‭ ‬“السوشال‭ ‬ميديا”،‭ ‬ومعها‭ ‬المنصات‭ ‬الحديثة،‭ ‬والتطبيقات،‭ ‬والهواتف‭ ‬الذكية،‭ ‬والنت‭ ‬وإلخ‭...‬،‭ ‬لماذا؟‭ ‬لأنها‭ ‬فتحت‭ ‬الأبواب‭ ‬على‭ ‬مصراعيها‭ ‬للمتردية‭ ‬والنطيحة‭ ‬وما‭ ‬أكل‭ ‬السبع،‭ ‬والأهم‭ ‬“الرويبضة”‭ ‬لكي‭ ‬تشغلنا‭ ‬وتشغل‭ ‬العامة‭ ‬برسائل‭ ‬“التفه‭ ‬والسذج‭ ‬والفضاوة”،‭ ‬الرسائل‭ ‬التي‭ ‬سمحت‭ ‬لكل‭ ‬“من‭ ‬هب‭ ‬ودب”‭ ‬بأن‭ ‬يكون‭ ‬عالماً‭ ‬وفهيماً‭ ‬ومثقفاً‭ ‬وناصحاً‭ ‬للناس‭.‬

الرسائل‭ ‬التي‭ ‬تتصيد‭ ‬بالماء‭ ‬العكر،‭ ‬بكل‭ ‬شاردة‭ ‬وواردة‭ ‬تحدث‭ ‬بالمجتمع،‭ ‬حباً‭ ‬للظهور،‭ ‬ولتكسب‭ ‬المعارف،‭ ‬وخلق‭ ‬الشهرة‭ ‬الزائفة‭ ‬والسريعة،‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬كرامة‭ ‬الشخوص،‭ ‬ومؤسسات‭ ‬الدولة‭ ‬ومكانة‭ ‬الناس‭ ‬وذويهم‭.‬

لذلك،‭ ‬أصبح‭ ‬الجميع‭ ‬“فجأة”‭ ‬إعلاميين،‭ ‬ونشطاء‭ ‬سياسيين‭ ‬واجتماعيين،‭ ‬بل‭ ‬وقضاة‭ ‬على‭ ‬غيرهم،‭ ‬ساسهم‭ ‬الأول‭ ‬الدخول‭ ‬في‭ ‬نوايا‭ ‬الناس‭ ‬والحكم‭ ‬عليهم‭ ‬والتشهير‭ ‬بهم،‭ ‬والسير‭ ‬مع‭ ‬“الموجة”‭ ‬التي‭ ‬يتحدث‭ ‬بها‭ ‬الناس،‭ ‬أيا‭ ‬كانت‭ ‬هذه‭ ‬الموجة‭.‬

ينتقدون‭ ‬من‭ ‬الجهل،‭ ‬وينهشون‭ (‬غيرهم‭) ‬بأنياب‭ ‬صدئة‭ ‬ومسمومة‭ ‬وملوثة،‭ ‬بلا‭ ‬أي‭ ‬مخزون‭ ‬معرفي،‭ ‬أو‭ ‬ثقافي،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬أدب‭ ‬الكلام،‭ ‬فكانت‭ ‬النتيجة‭ ‬هي‭ ‬ما‭ ‬نشاهده‭ ‬اليوم،‭ ‬فوضى‭ ‬و”تخطي”‭ ‬كل‭ ‬الخطوط‭ ‬والمبادئ‭ ‬والقيم،‭ ‬وانكفاء‭ ‬المثقفين‭ ‬وأصحاب‭ ‬الفكر‭ ‬النير‭ ‬على‭ ‬أنفسهم،‭ ‬وتصدر‭ ‬“التفه”‭ ‬للمشهد،‭ ‬وصدارة‭ ‬القول‭.‬

“السوشال‭ ‬ميديا”‭ ‬باتت‭ ‬فاضحة‭ ‬للبعض‭ ‬بإراداتهم،‭ ‬حيث‭ ‬مكنت‭ ‬هذا‭ ‬وذاك‭ ‬من‭ ‬الخروج‭ ‬عبر‭ ‬الشاشات‭ ‬الصغيرة‭ ‬بمظهر‭ ‬“الأرجوازات”‭ ‬والمهرجين‭ ‬الرخص،‭ ‬فهذا‭ ‬الستيني‭ ‬يرقص،‭ ‬وهذا‭ ‬السبعيني‭ ‬يدندن،‭ ‬وهذا‭ ‬الشاب‭ ‬يزج‭ ‬أنفه‭ ‬بكل‭ ‬صغيرة‭ ‬وكبيرة‭ ‬في‭ ‬المجتمع،‭ ‬وفقا‭ ‬لمقولة‭ ‬“مع‭ ‬الخيل‭ ‬يا‭ ‬شقرا”‭.‬

ما‭ ‬يحدث‭ ‬ببساطة،‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬القصور‭ ‬الفادح‭ ‬في‭ ‬الأسرة‭ ‬ودور‭ ‬الأبوين‭ ‬التربوي،‭ ‬والذي‭ ‬بات‭ ‬غافلاً‭ ‬عن‭ ‬الأولويات‭ ‬والأساسيات،‭ ‬والمهمات‭ ‬الجسام‭ ‬في‭ ‬تربية‭ ‬الأبناء‭ ‬وفي‭ ‬الشد‭ ‬عليهم‭ ‬إن‭ ‬استلزم‭ ‬الأمر،‭ ‬فأصبح‭ ‬البعض‭ ‬–‭ ‬للأسف‭ - ‬يرى‭ ‬أن‭ ‬حمل‭ ‬ابنه‭ ‬الشهادة‭ ‬هو‭ ‬الساس‭ ‬والأساس‭ ‬في‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬والنجاح‭ ‬بها،‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬غير‭ ‬صحيح،‭ ‬متى‭ ‬ما‭ ‬غابت‭ ‬الأخلاق‭ ‬والقيم‭ ‬والمبادئ‭.‬