ما وراء الحقيقة

الديمقراطية الكهنوتية

| د. طارق آل شيخان الشمري

بشكل‭ ‬مختصر‭ ‬وسريع،‭ ‬هناك‭ ‬تشخيص‭ ‬لكل‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالانتخابات‭ ‬الإيرانية‭ ‬الأخيرة،‭ ‬وهذا‭ ‬التشخيص‭ ‬يكمن‭ ‬في‭ ‬نقاط‭ ‬واضحة‭ ‬تجعل‭ ‬القارئ‭ ‬يستوعب‭ ‬الأمر،‭ ‬النقطة‭ ‬الأولى‭ ‬هي‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬ديمقراطية‭ ‬في‭ ‬إيران،‭ ‬فالديمقراطية‭ ‬تلزمها‭ ‬مجموعة‭ ‬مبادئ‭ ‬منها‭ ‬حرية‭ ‬التعبير‭ ‬وانتقاد‭ ‬رأس‭ ‬الهرم،‭ ‬وهذا‭ ‬غير‭ ‬موجود‭ ‬في‭ ‬إيران،‭ ‬حيث‭ ‬إنه‭ ‬لا‭ ‬يجوز‭ ‬مطلقا‭ ‬انتقاد‭ ‬المرشد‭ ‬بتاتا،‭ ‬ومنها‭ ‬أيضا‭ ‬حرية‭ ‬تأسيس‭ ‬الأحزاب‭ ‬والدخول‭ ‬بانتخابات،‭ ‬وهذا‭ ‬أيضا‭ ‬غير‭ ‬موجود‭ ‬لأن‭ ‬رموز‭ ‬النظام‭ ‬نفسه‭ ‬منعوا‭ ‬من‭ ‬ترشيح‭ ‬أنفسهم‭ ‬كأحمدي‭ ‬نجاد‭ ‬وعلي‭ ‬لاريجاني‭ ‬وآخرين،‭ ‬ومنها‭ ‬أيضا‭ ‬محاسبة‭ ‬الرأس‭ ‬الأعلى‭ ‬وهو‭ ‬غير‭ ‬موجود‭ ‬أيضا،‭ ‬فالبرلمان‭ ‬أو‭ ‬الجهات‭ ‬التشريعية‭ ‬الأخرى‭ ‬تستطيع‭ ‬عزل‭ ‬الرئيس‭ ‬المنتخب،‭ ‬لكن‭ ‬هذا‭ ‬الرئيس‭ ‬ليس‭ ‬هو‭ ‬رأس‭ ‬الهرم‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬بالدول‭ ‬الغربية،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬المرشد‭ ‬هو‭ ‬الرأس‭ ‬الأعلى‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬تجوز‭ ‬محاسبته‭ ‬أو‭ ‬المساس‭ ‬به،‭ ‬وإن‭ ‬وضعوا‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬بمجلس‭ ‬تشخيص‭ ‬مصلحة‭ ‬النظام،‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬صوري‭ ‬أيضا‭. ‬

النقطة‭ ‬الثانية‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬الرؤساء‭ ‬السابقين‭ ‬والمرشحين‭ ‬للانتخابات‭ ‬من‭ ‬إصلاحيين‭ ‬ومحافظين،‭ ‬هم‭ ‬فقط‭ ‬متسابقون‭ ‬يتسابقون‭ ‬فيما‭ ‬بينهم‭ ‬أيهم‭ ‬ينفذ‭ ‬سياسة‭ ‬ورؤية‭ ‬وأهداف‭ ‬المرشد؟‭ ‬وليس‭ ‬لتطبيق‭ ‬رؤاهم‭ ‬وأفكارهم‭ ‬وبرنامجهم‭ ‬الانتخابي،‭ ‬كون‭ ‬الشذ‭ ‬عن‭ ‬رؤية‭ ‬ما‭ ‬يريده‭ ‬المرشد‭ ‬يعتبر‭ ‬من‭ ‬المحرمات،‭ ‬لهذا‭ ‬فإن‭ ‬المرشد‭ ‬يمارس‭ ‬كهنوتيته‭ ‬وفلسفته‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬هؤلاء‭ ‬“الدمى”‭.‬

النقطة‭ ‬الثالثة‭ ‬هي‭ ‬أن‭ ‬الثورة‭ ‬في‭ ‬إيران‭ ‬ومرشديها‭ ‬الخميني‭ ‬والخامنئي‭ ‬ومن‭ ‬سيأتي‭ ‬بعدهما،‭ ‬أقيمت‭ ‬على‭ ‬ركيزة‭ ‬وأساس‭ ‬وفلسفة‭ ‬واحدة‭ ‬لا‭ ‬تتغير‭ ‬إلا‭ ‬بسقوط‭ ‬النظام،‭ ‬وهذه‭ ‬الركيزة‭ ‬هي‭ ‬أن‭ ‬المرشد‭ ‬يعمل‭ ‬أولا‭ ‬على‭ ‬استمالة‭ ‬الشيعة‭ ‬ثم‭ ‬لاحقا‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬السنة،‭ ‬ليكون‭ ‬مرشد‭ ‬المسلمين‭ ‬جميعا،‭ ‬ولتحقيق‭ ‬هذا‭ ‬المبدأ‭ ‬الأبدي‭ ‬فإن‭ ‬عليه‭ ‬التدخل‭ ‬بالشأن‭ ‬الشيعي،‭ ‬وبعد‭ ‬ذلك‭ ‬سيقوم‭ ‬بغزو‭ ‬أو‭ ‬احتلال‭ ‬أو‭ ‬تحريك‭ ‬عملائه‭ ‬من‭ ‬السنة‭ ‬كالإخوان‭ ‬المسلمين‭ ‬ليسيطروا‭ ‬على‭ ‬الأنظمة‭ ‬العربية‭ ‬تباعا،‭ ‬وعليه،‭ ‬فإن‭ ‬رئيسي‭ ‬والذي‭ ‬قبله‭ ‬حينما‭ ‬يدعون‭ ‬بتصريحاتهم‭ ‬للوحدة‭ ‬الإسلامية‭ ‬والعلاقات‭ ‬الطيبة‭ ‬والمفاوضات‭ ‬وحل‭ ‬المشاكل‭ ‬مع‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬فهي‭ ‬مجرد‭ ‬أكاذيب،‭ ‬والهدف‭ ‬الأبدي‭ ‬للمرشد‭ ‬يتطلب‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬التصريحات‭ ‬اللطيفة‭ ‬عن‭ ‬حسن‭ ‬الجوار‭ ‬والوحدة‭ ‬الإسلامية‭.‬