سِمات المؤسسة المبتكرة

| م. نبيل بن عبدالرحمن آل محمود

للمؤسسة‭ ‬المبتكرة‭ ‬سِمات‭ ‬تتّسم‭ ‬بها‭ ‬تُميّزها‭ ‬عن‭ ‬المؤسسات‭ ‬المنافسة‭ ‬أو‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬تسعى‭ ‬لتكون‭ ‬منافسة‭ ‬لها،‭ ‬فالمؤسسة‭ ‬المبتكرة‭ ‬لا‭ ‬تحمل‭ ‬سِمات‭ ‬تقليدية‭ ‬ولا‭ ‬تعمل‭ ‬بشكل‭ ‬تقليدي‭ ‬ولا‭ ‬تتعاطى‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬يدور‭ ‬حولها‭ ‬بأسلوب‭ ‬تقليدي‭.. ‬وذاك‭ ‬ما‭ ‬يُميّزها‭ ‬عن‭ ‬سواها‭. ‬ومن‭ ‬سِمات‭ ‬المؤسسة‭ ‬المبتكرة‭ ‬أنها‭: ‬

تُدرك‭ ‬أين‭ ‬تقف‭ ‬وإلى‭ ‬أين‭ ‬تتّجه‭ ‬وكيف‭ ‬تصل‭ ‬لوجهتها‭. ‬فهي‭ ‬لا‭ ‬تعمل‭ ‬“بمبدأ‭ ‬الصُّدفة”‭ ‬بل‭ ‬“بمبدأ‭ ‬استشراف‭ ‬المستقبل”‭ ‬لذلك‭ ‬لا‭ ‬تترك‭ ‬مجال‭ ‬للصُّدف‭ ‬غير‭ ‬المحسُوبة‭ ‬أو‭ ‬متغيّرات‭ ‬السوق‭ ‬غير‭ ‬المأخوذة‭ ‬بالحسبان‭ ‬أو‭ ‬رغبات‭ ‬الزبائن‭ ‬المستقبلية‭ ‬المُهمَلة‭. ‬

هي‭ ‬مؤسسة‭ ‬دوماً‭ ‬نَهِمة‭ ‬وبلا‭ ‬حدود‭! ‬تترقب‭ ‬كل‭ ‬جديد،‭ ‬تتقبل‭ ‬كل‭ ‬فكرة،‭ ‬تطّلع‭ ‬وتبحث‭ ‬وتُطوّر‭ ‬للإتيان‭ ‬بفرص‭ ‬وأفكار‭ ‬وحلول‭ ‬ابتكارية‭ ‬تُضيف‭ ‬قيمة‭ ‬لمنتجاتها‭ ‬أو‭ ‬خدماتها‭ ‬وبالتالي‭ ‬لزبائنها‭ ‬الحاليين‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬ولائهم‭ ‬أو‭ ‬المحتملين‭ ‬لجذبهم‭. ‬

رادار‭ ‬المؤسسة‭ ‬يعمل‭ ‬باستمرار‭ ‬لالتقاط‭ ‬كل‭ ‬فرصة‭ ‬ابتكارية‭ ‬من‭ ‬حولها،‭ ‬فهي‭ ‬تُدرك‭ ‬أن‭ ‬في‭ ‬الأزمات‭ ‬تكمن‭ ‬فرصاً‭ ‬ابتكارية،‭ ‬وفي‭ ‬المخاطر‭ ‬تكمن‭ ‬فرص‭ ‬ابتكارية،‭ ‬وفي‭ ‬المشكلات‭ ‬تكمن‭ ‬فرص‭ ‬ابتكارية،‭ ‬لذلك‭ ‬تسعى‭ ‬لالتقاطها‭ ‬وتحويلها‭ ‬لابتكارات‭ ‬مجدية،‭ ‬فهي‭ ‬ترى‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬حولها‭ ‬بعين‭ ‬مختلفة‭ ‬عن‭ ‬منافسيها‭. ‬

تبحث‭ ‬عن‭ ‬الرؤى‭ ‬البعيدة‭ ‬والقدرات‭ ‬المتفتّحة‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬واسع،‭ ‬فعند‭ ‬استشفاف‭ ‬الحاجة‭ ‬المستقبلية‭ ‬للأسواق‭ ‬والزبائن‭ ‬لا‭ ‬تتوقف‭ ‬المؤسسة‭ ‬عند‭ ‬قدراتها‭ ‬فقط‭ ‬بل‭ ‬تُضمّنه‭ ‬ما‭ ‬يُمكن‭ ‬الاستعانة‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬مصادر‭ ‬خارجية‭ ‬كشركات‭ ‬أخرى‭ ‬ولا‭ ‬تُصر‭ ‬على‭ ‬توفير‭ ‬كل‭ ‬خدمة‭ ‬أو‭ ‬منتج‭ ‬داخلياً‭ ‬بل‭ ‬تُركّز‭ ‬على‭ ‬جوهر‭ ‬اختصاصها‭ ‬فقط‭. ‬

تتتبّع‭ ‬الأفكار‭ ‬الابتكارية‭ ‬داخل‭ ‬وخارج‭ ‬المؤسسة‭ ‬للاستفادة‭ ‬منها،‭ ‬فهي‭ ‬لا‭ ‬تتقوقع‭ ‬داخل‭ ‬المؤسسة‭ ‬اعتماداً‭ ‬على‭ ‬أفكار‭ ‬منتسبيها‭ ‬فقط‭ ‬بل‭ ‬تتعداها‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬يدور‭ ‬خارجها‭ ‬من‭ ‬أفكار‭ ‬وفرص‭ ‬ابتكارية‭ ‬ذات‭ ‬مؤشرات‭ ‬مُجدية‭. ‬

‭ ‬تعمل‭ ‬باحترافية‭ ‬على‭ ‬تنفيذ‭ ‬التفكير‭ ‬التصميمي‭ (‬Design Thinking‭) ‬بمراحله‭ ‬ومهاراته‭ ‬المتدرّجة،‭ ‬فالتفكير‭ ‬التصميمي‭ ‬هو‭ ‬سبيلها‭ ‬مع‭ ‬منتسبيها‭ ‬لإثارة‭ ‬أفكارهم‭ ‬وترتيبها‭ ‬بآليات‭ ‬انسيابية‭ ‬تنتج‭ ‬عنها‭ ‬أفكار‭ ‬ابتكارية‭ ‬قابلة‭ ‬للتنفيذ‭ ‬بأساليب‭ ‬مُنظّمة‭. ‬

تختبر‭ ‬ما‭ ‬تبتكره‭ ‬وتُجرّبه‭ ‬بتكرار‭ ‬حتى‭ ‬تصل‭ ‬لمبتغاها‭ ‬بإصرار،‭ ‬هي‭ ‬لا‭ ‬تستسلم‭ ‬أبداً‭ ‬وتستمر‭ ‬في‭ ‬الابتكار‭ ‬والتجربة‭ ‬حتى‭ ‬تحقق‭ ‬نتائج‭ ‬ملموسة،‭ ‬قيادة‭ ‬المؤسسة‭ ‬تتحلّى‭ ‬بالصبر‭ ‬وتُدرك‭ ‬يقيناً‭ ‬أن‭ ‬ذاك‭ ‬ما‭ ‬يميّز‭ ‬مؤسستها‭ ‬المبتكرة‭ ‬عن‭ ‬المؤسسات‭ ‬التقليدية‭.‬    سخيّة‭ ‬في‭ ‬إثارة‭ ‬المحفّزات‭ ‬وتوفير‭ ‬عوامل‭ ‬التمكين،‭ ‬فهي‭ ‬لا‭ ‬تبخل‭ ‬على‭ ‬بيئتها‭ ‬المؤسسية‭ ‬بتوفير‭ ‬مُسرّعات‭ ‬الابتكار‭ ‬لشحذ‭ ‬همم‭ ‬موظفيها،‭ ‬ولا‭ ‬تتردد‭ ‬في‭ ‬توفير‭ ‬البنى‭ ‬التحتية‭ ‬التكنولوجية،‭ ‬ولا‭ ‬تقصّر‭ ‬تجاههم‭ ‬بالبرامج‭ ‬التطويرية‭ ‬والإرشادية‭ ‬ولا‭ ‬بتوفير‭ ‬التقنيات‭ ‬والتطبيقات‭ ‬الضرورية،‭ ‬ولا‭ ‬تتأخّر‭ ‬في‭ ‬منح‭ ‬الحوافز‭ ‬التشجيعية‭ ‬للمبتكرين‭.  ‬تعمل‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬موجودات‭ ‬المؤسسة‭ ‬وأصولها‭ ‬والتعمّق‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬قدراتها‭ ‬الابتكارية‭ ‬لاستغلالها‭ ‬بالشكل‭ ‬الأمثل،‭ ‬فمن‭ ‬أجل‭ ‬تحقيق‭ ‬الاستفادة‭ ‬القصوى‭ ‬من‭ ‬بناء‭ ‬قدرات‭ ‬الصفوف‭ ‬الأمامية‭ ‬يتوجّب‭ ‬بناء‭ ‬قدرات‭ ‬الصفوف‭ ‬الخلفية‭ ‬أيضا‭ ‬بذات‭ ‬المستوى‭ ‬لكونها‭ ‬لا‭ ‬تقل‭ ‬أهمية‭ ‬عن‭ ‬سابقتها‭.  ‬تدفع‭ ‬لتنفيذ‭ ‬برامج‭ ‬الابتكار‭ ‬بمنهجيات‭ ‬مستمرة‭ ‬منضبطة‭ ‬بدون‭ ‬نهاية‭ ‬وذلك‭ ‬لإيمان‭ ‬إدارتها‭ ‬العليا‭ ‬أن‭ ‬الاستمرارية‭ ‬عامل‭ ‬رئيس‭ ‬للنجاح‭ ‬والتميُّز‭ ‬في‭ ‬منظومة‭ ‬الابتكار،‭ ‬وكلما‭ ‬انقضت‭ ‬دورة‭ ‬من‭ ‬حقيبة‭ ‬الأعمال‭ ‬بدأت‭ ‬دورة‭ ‬أخرى‭ ‬وهكذا‭ ‬دواليك‭. ‬

‭ ‬تثير‭ ‬باستمرار‭ ‬ثقافة‭ ‬القيادة‭ ‬المستدامة‭ ‬التي‭ ‬تخرج‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬وتحت‭ ‬قيادتها‭ ‬ابتكارات‭ ‬ومبتكرون،‭ ‬وذاك‭ ‬لا‭ ‬يتأتّى‭ ‬إلا‭ ‬عبر‭ ‬تعيين‭ ‬قادة‭ ‬لبرامج‭ ‬الابتكار‭ ‬على‭ ‬اختلافها‭ ‬وكلٌ‭ ‬حسب‭ ‬تخصصه‭ ‬وقدراته‭ ‬ليقود‭ ‬حقيبة‭ ‬الأفكار‭ ‬والمهام‭ ‬الابتكارية‭ ‬المتصلة‭ ‬بها‭ ‬ومتابعتها‭ ‬باستمرار‭ ‬لضمان‭ ‬عدم‭ ‬انحرافها‭ ‬عن‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬الابتكارية‭ ‬للمؤسسة‭ ‬ككل‭.‬