لمحات

ضريبة الشهرة

| د.علي الصايغ

شيء‭ ‬جميل‭ ‬أن‭ ‬نرى‭ ‬بعض‭ ‬الشخصيات‭ ‬المشهورة‭ ‬في‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬وهي‭ ‬تحاول‭ ‬جاهدة‭ ‬بطريقة‭ ‬مفتعلة‭ ‬أو‭ ‬عفوية‭ ‬أن‭ ‬ترسم‭ ‬البسمة‭ ‬على‭ ‬شفاه‭ ‬الناس‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬غدت‭ ‬البسمة‭ ‬فيه‭ ‬من‭ ‬أصعب‭ ‬الأشياء‭ ‬الممكنة‭ ‬والمغلفة‭ ‬اليوم‭ ‬بشيء‭ ‬من‭ ‬الحزن‭ ‬بسبب‭ ‬أخبار‭ ‬جنائز‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا‭ ‬التي‭ ‬فتكت‭ ‬بالعالم‭ ‬بأسره،‭ ‬وأصبحت‭ ‬العدو‭ ‬الأوحد‭ ‬المتفق‭ ‬عليه‭ ‬بين‭ ‬جميع‭ ‬البشر‭.‬

لكن‭ ‬الخلل‭ ‬يكمن‭ ‬في‭ ‬الكيفية‭ ‬التي‭ ‬ينتهجها‭ ‬بعض‭ ‬هؤلاء‭ ‬الأشخاص‭ ‬من‭ ‬المشاهير،‭ ‬والتي‭ ‬قد‭ ‬تحط‭ ‬أحياناً‭ ‬من‭ ‬كرامة‭ ‬الآخرين‭ ‬بغية‭ ‬الإضحاك‭ ‬واصطناع‭ ‬الفرحة،‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬يظهروا‭ ‬بمظهر‭ ‬“الاستهبال”‭ ‬حتى‭ ‬يكسبوا‭ ‬أكبر‭ ‬قدر‭ ‬من‭ ‬التفاعل‭ ‬والمتابعة‭ ‬من‭ ‬أناس‭ ‬قد‭ ‬يكونوا‭ ‬كذلك‭ ‬في‭ ‬أعمار‭ ‬لم‭ ‬تؤهلهم‭ ‬بعد‭ ‬لتنضج‭ ‬انفعالاتهم‭ ‬وأفكارهم،‭ ‬ولم‭ ‬يصلوا‭ ‬إلى‭ ‬مرحلة‭ ‬الاتزان‭ ‬المطلوبة،‭ ‬وتنقصهم‭ ‬الخبرة‭ ‬الحياتية‭.‬

أضف‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬بعضهم‭ ‬يستغلون‭ ‬أطفالهم‭ ‬أسوأ‭ ‬استغلال،‭ ‬إلى‭ ‬درجة‭ ‬أنهم‭ ‬يعرضونهم‭ ‬إلى‭ ‬أجواء‭ ‬بعيدة‭ ‬كل‭ ‬البعد‭ ‬عن‭ ‬الوضع‭ ‬الطبيعي‭ ‬الذي‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬يتربى‭ ‬الطفل‭ ‬عليه‭ ‬حتى‭ ‬يتمكن‭ ‬من‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬نفسه،‭ ‬وشق‭ ‬طريقه‭ ‬باختياره؛‭ ‬فالكثير‭ ‬من‭ ‬الأسر،‭ ‬ومنهم‭ ‬من‭ ‬هم‭ ‬في‭ ‬مراحل‭ ‬الشهرة‭ ‬المتقدمة‭ ‬في‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬يتعاملون‭ ‬مع‭ ‬أبنائهم‭ ‬على‭ ‬أنهم‭ ‬المصدر‭ ‬الرئيس‭ ‬والأسرع‭ ‬للثروة،‭ ‬ويستغلونهم‭ ‬بطريقة‭ ‬مقززة‭ ‬للأسف،‭ ‬متجاهلين‭ ‬بذلك‭ ‬حقهم‭ ‬في‭ ‬العيش‭ ‬والنشوء‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬يتدخل‭ ‬الملايين‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬في‭ ‬حياتهم،‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬يسيئوا‭ ‬إليهم‭ ‬بإساءات‭ ‬مختلفة،‭ ‬تؤثر‭ ‬بشكل‭ ‬أو‭ ‬بآخر‭ ‬عليهم،‭ ‬ويتكبدون‭ ‬بذلك‭ ‬ضريبة‭ ‬الشهرة،‭ ‬ويرون‭ ‬الوجه‭ ‬الآخر‭ ‬التعيس‭ ‬لها‭.‬