لقطة

المرحوم هشام عدوان.. “غوغل” عصره!

| أحمد كريم

لا‭ ‬أعلم‭ ‬من‭ ‬أين‭ ‬أبدأ‭ ‬في‭ ‬الكتابة‭ ‬عنه،‭ ‬فهناك‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬قيمة‭ ‬إنسانية‭ ‬تتجلى‭ ‬في‭ ‬شخصية‭ ‬الأستاذ‭ ‬هشام‭ ‬عدوان،‭ ‬الذي‭ ‬فارقنا‭ ‬بداء‭ ‬ليس‭ ‬كداء‭ ‬عصرنا،‭ ‬وإنما‭ ‬توفي‭ ‬بعد‭ ‬تردي‭ ‬حالته‭ ‬الصحية‭ ‬بسرعة‭ ‬لم‭ ‬تمهلنا‭ ‬لنتزود‭ ‬منه‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يرحل‭ ‬إلى‭ ‬الأبد‭.‬

ولا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬الحزن‭ ‬يجثم‭ ‬على‭ ‬صدر‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬عرف‭ ‬هشام‭ ‬عدوان‭ (‬رحمه‭ ‬الله‭) ‬سواء‭ ‬من‭ ‬العاملين‭ ‬في‭ ‬بلاط‭ ‬صاحبة‭ ‬الجلالة‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬ذلك،‭ ‬وأما‭ ‬هذه‭ ‬فيحق‭ ‬لها‭ ‬أن‭ ‬تفخر‭ ‬وتتباهى‭ ‬بصحافي‭ ‬مارس‭ ‬مهنة‭ ‬المتاعب‭ ‬باحترافية‭ ‬وجدية‭ ‬مثله،‭ ‬وتخرج‭ ‬على‭ ‬يديه‭ ‬صحافيون‭ ‬وشخصيات‭ ‬مهمة‭ ‬ومؤثرة‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬اغترفت‭ ‬منه‭ ‬الثقافة‭ ‬والمعرفة‭.‬

لكن‭ ‬هشام‭ ‬عدوان‭ ‬ليس‭ ‬مجرد‭ ‬رجل‭ ‬تمكن‭ ‬من‭ ‬مهنة‭ ‬الصحافة،‭ ‬وأصبح‭ ‬فيها‭ ‬أستاذا‭ ‬ومعلما،‭ ‬وإنما‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬واقع‭ ‬الحال،‭ ‬إنسان‭ ‬حسن‭ ‬المعشر،‭ ‬لا‭ ‬تمل‭ ‬منه‭ ‬ولا‭ ‬تكل،‭ ‬فهو‭ ‬قادر‭ ‬ببساطة‭ ‬شديدة‭ ‬أن‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬موقف‭ ‬درس،‭ ‬ومن‭ ‬كل‭ ‬كلمة‭ ‬معلومة‭. ‬إنه‭ ‬باختصار‭ ‬“غوغل‭ ‬عصره”‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تتطور‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬وتجعلنا‭ ‬نحصل‭ ‬على‭ ‬المعلومة‭ ‬بضغطة‭ ‬زر‭!‬

وهشام‭ ‬عدوان،‭ ‬لمن‭ ‬لا‭ ‬يعرفه،‭ ‬فهو‭ ‬شخص‭ ‬بهيئة‭ ‬أستاذ،‭ ‬يخفي‭ ‬خلف‭ ‬نظاراته‭ ‬العريضة‭ ‬نظرة‭ ‬شاخصة،‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬الهيبة‭ ‬والوقار‭ ‬ما‭ ‬تعجز‭ ‬عنه‭ ‬الكلمات،‭ ‬لكنه‭ ‬قد‭ ‬يكسر‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬الستار‭ ‬بمجرد‭ ‬أن‭ ‬يرحب‭ ‬بك‭ ‬ويسألك‭ ‬عن‭ ‬أحوالك،‭ ‬فتجد‭ ‬نفسك‭ ‬مرتبكا،‭ ‬وأنت‭ ‬تجيب‭ ‬عليه،‭ ‬لأنه‭ ‬سيعلق‭ ‬كل‭ ‬إجابة‭ ‬بسؤال‭ ‬أو‭ ‬تعليق‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬سرعة‭ ‬بديهة‭ ‬تضاهي‭ ‬بديهته‭ ‬الفذة‭.‬

هكذا‭ ‬عرفت‭ ‬المرحوم‭ ‬هشام‭ ‬عدوان،‭ ‬شهم‭ ‬كريم،‭ ‬وأستاذ‭ ‬فاضل،‭ ‬ومثقف‭ ‬غزير‭ ‬المعرفة،‭ ‬ولا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬رحيله‭ ‬خسارة‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬عرفه،‭ ‬وأنا‭ ‬أشعر‭ ‬بالحسرة‭ ‬لأنني‭ ‬لم‭ ‬ألتقه‭ ‬قبل‭ ‬وفاته‭ ‬بفترة‭ ‬طويلة،‭ ‬وما‭ ‬يصلني‭ ‬من‭ ‬أخباره‭ ‬كان‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬ابن‭ ‬أخيه‭ ‬حسن‭ ‬عدوان‭ ‬زميلنا‭ ‬في‭ ‬الصحيفة‭ ‬وهذا‭ ‬الأخير‭ ‬فيه‭ ‬شيء‭ ‬من‭ ‬رائحة‭ ‬عمه‭ ‬العبقة‭.‬

رحم‭ ‬الله‭ ‬الأستاذ‭ ‬الصحافي‭ ‬هشام‭ ‬عدوان‭ ‬رحمة‭ ‬واسعة،‭ ‬وأسكنه‭ ‬فسيح‭ ‬جناته،‭ ‬وأنعم‭ ‬على‭ ‬أهله‭ ‬بالصبر‭ ‬والسلوان،‭ ‬وإنا‭ ‬لله‭ ‬وإنا‭ ‬إليه‭ ‬راجعون‭.‬