مواقف إدارية

أنا لا يهمني شكل الطاولة!

| أحمد البحر

لفت‭ ‬انتباه‭ ‬الرئيس‭ ‬التنفيذي‭ ‬المعين‭ ‬حديثًا‭ ‬وجود‭ ‬طاولة‭ ‬مستديرة‭ ‬في‭ ‬قاعة‭ ‬الاجتماعات‭ ‬فسأل‭ ‬مدير‭ ‬مكتبه‭ ‬عن‭ ‬سبب‭ ‬وجود‭ ‬هذا‭ ‬الشكل‭ ‬لطاولة‭ ‬الاجتماعات‭ ‬وليس‭ ‬الشكل‭ ‬المعتاد‭. ‬رد‭ ‬المدير‭ ‬قائلاً‭: ‬كان‭ ‬الرئيس‭ ‬التنفيذي‭ ‬السابق‭ ‬يؤمن‭ ‬كما‭ ‬يقول‭ ‬البعض‭ ‬بضرورة‭ ‬الاستماع‭ ‬إلى‭ ‬الآراء،‭ ‬كل‭ ‬الآراء‭ ‬مهما‭ ‬اختلفت‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬القرار‭ ‬المناسب‭. ‬تابع‭ ‬المدير‭: ‬الشكل‭ ‬لطاولة‭ ‬الاجتماع‭ ‬يرسخ‭ ‬مبدأ‭ ‬كلنا‭ ‬شركاء‭ ‬في‭ ‬صنع‭ ‬القرار‭. ‬هكذا‭ ‬يقول‭ ‬البعض‭ ‬عن‭ ‬فلسفة‭ ‬الرئيس‭ ‬السابق‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬شؤون‭ ‬المؤسسة،‭ ‬ورأيي‭...‬

لم‭ ‬أسألك‭ ‬عن‭ ‬رأيك،‭ ‬المهم‭ ‬الآن‭ ‬أن‭ ‬نتخلص‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الطاولة‭ ‬فأنا‭ ‬لا‭ ‬أؤمن‭ ‬بالمظاهر‭ ‬بل‭ ‬بالأفعال‭! ‬فشكل‭ ‬الطاولة‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬لي‭ ‬بالضرورة‭ ‬منهجية‭ ‬أو‭ ‬أسلوب‭ ‬المسؤول‭ ‬في‭ ‬الإدارة‭. ‬أريدك‭ ‬أن‭ ‬تتصل‭ ‬بنواب‭ ‬الرئيس‭ ‬ومديري‭ ‬الإدارات‭ ‬للترتيب‭ ‬للاجتماع‭ ‬الأول‭ ‬معهم‭. ‬هذه‭ ‬وظيفتك‭ ‬وليس‭ ‬إبداء‭ ‬الرأي،‭ ‬حاول‭ ‬ألا‭ ‬تخرج‭ ‬عن‭ ‬إطار‭ ‬الوصف‭ ‬الوظيفي‭ ‬لك‭. ‬على‭ ‬فكرة‭ ‬سأعيد‭ ‬ترتيب‭ ‬مهامك‭!‬

بعد‭ ‬مضي‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬6‭ ‬أشهر‭ ‬على‭ ‬تعاملهم‭ ‬مع‭ ‬الرئيس‭ ‬الجديد‭ ‬ومحاولة‭ ‬دراسة‭ ‬شخصيته‭ ‬وأسلوبه‭ ‬غير‭ ‬الظاهر‭ ‬في‭ ‬الإدارة‭ ‬نجح‭ ‬البعض‭ ‬في‭ ‬التعرف‭ ‬على‭ ‬المفاتيح‭ ‬الصحيحة‭ ‬لأسلوب‭ ‬التعامل‭ ‬معه‭ ‬بينما‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬البعض‭ ‬الآخر‭ ‬يواجه‭ ‬بعض‭ ‬الصعوبات‭ ‬في‭ ‬ذلك‭. ‬الذين‭ ‬نجحوا‭ ‬عرفوا‭ ‬بأن‭ ‬هذا‭ ‬المسؤول‭ ‬يهوى‭ ‬الأحاديث‭ ‬المطولة‭ ‬وخاصة‭ ‬تلك‭ ‬المتعلقة‭ ‬بسيرته‭ ‬المهنية‭ ‬وعندما‭ ‬يناقش‭ ‬موضوعًا‭ ‬معينًا‭ ‬فإنه‭ ‬يذهب‭ ‬شرقًا‭ ‬وغربًا‭ ‬دون‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬الموضوع‭ ‬الأساسي‭ ‬وفي‭ ‬النهاية‭ ‬يبلغ‭ ‬الحضور‭ ‬بالقرار‭. ‬هو‭ ‬لا‭ ‬يتوقع‭ ‬أن‭ ‬يناقشه‭ ‬أحد‭ ‬في‭ ‬قراراته‭ ‬وفي‭ ‬حال‭ ‬حدوث‭ ‬ذلك‭ ‬فإن‭ ‬كرسي‭ ‬ذاك‭ ‬الشخص‭ ‬قد‭ ‬يصبح‭ ‬شاغرًا‭.‬

سيدي‭ ‬القارئ‭ ‬قد‭ ‬يتمتع‭ ‬بعضنا‭ ‬بخبرات‭ ‬مهنية‭ ‬طويلة‭ ‬ومتجددة‭ ‬ومؤهلات‭ ‬مهنية‭ ‬وأكاديمية‭ ‬عالية‭ ‬قد‭ ‬ساهمت‭ ‬في‭ ‬وصولنا‭ ‬إلى‭ ‬مناصب‭ ‬متقدمة‭ ‬ولكن‭ ‬هناك‭ ‬حقيقة‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تغييبها‭ ‬وهي‭ ‬حاجتنا‭ ‬إلى‭ ‬ترسيخ‭ ‬مهارة‭ ‬الاستماع‭ ‬لدينا‭ ‬وحاجتنا‭ ‬إلى‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬آراء‭ ‬الاختصاصيين‭ ‬وإشراكهم‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬صنع‭ ‬القرار‭. ‬تعلمنا‭ ‬من‭ ‬علماء‭ ‬الإدارة‭ ‬وممارسيها‭ ‬الابتعاد‭ ‬عن‭ ‬ما‭ ‬يعرف‭ ‬بـ‭ ‬“التمحور‭ ‬حول‭ ‬الذات”،‭ ‬والذي‭ ‬يعرّفه‭ ‬معجم‭ ‬المصطلحات‭ ‬الإدارية‭ ‬بأنه‭: ‬“الاتجاه‭ ‬الذي‭ ‬يقوم‭ ‬على‭ ‬الاعتقاد‭ ‬بأن‭ ‬خصائص‭ ‬الشخص‭ ‬أو‭ ‬سماته‭ ‬تفوق‭ ‬خصائص‭ ‬غيره،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يبعده‭ ‬عن‭ ‬الغير‭ ‬ولا‭ ‬يقبل‭ ‬آراءهم‭ ‬ووجهات‭ ‬نظرهم‭ ‬أو‭ ‬أفكارهم”‭. ‬ما‭ ‬رأيك‭ ‬سيدي‭ ‬القارئ؟