ما أقساك يا “كورونا”

| عبدعلي الغسرة

قصص‭ ‬لم‭ ‬يُؤلِفها‭ ‬كاتب،‭ ‬وقائعها‭ ‬وأحداثها‭ ‬من‭ ‬واقع‭ ‬الحياة،‭ ‬الحياة‭ ‬التي‭ ‬عاشها‭ ‬الإنسان‭ ‬البحريني‭ ‬في‭ ‬صراعه‭ ‬وكفاحه‭ ‬ضد‭ ‬كورونا‭ ‬القاسي،‭ ‬هذا‭ ‬الوباء‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬ينزل‭ ‬بجسد‭ ‬أحد‭ ‬إلا‭ ‬أوجعه‭ ‬وأقعده،‭ ‬والسعيدُ‭ ‬من‭ ‬تركه‭ ‬وشفي‭ ‬منه،‭ ‬وآخرون‭ ‬أقبرهم‭ ‬بكل‭ ‬قسوة،‭ ‬المرضى‭ ‬يتألمون،‭ ‬والأطباء‭ ‬والممرضون‭ ‬يبذلون‭ ‬جهودًا‭ ‬كبيرة‭ ‬واستثنائية‭ ‬لإسعافهم‭ ‬وشفائهم،‭ ‬هؤلاء‭ ‬يعملون‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬نصف‭ ‬اليوم‭ ‬وأكثر‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬وبتواصل،‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬يعالجون‭ ‬فيه‭ ‬مرضاهم‭ ‬ينتقلون‭ ‬تاليا‭ ‬لأقسام‭ ‬الكورونا،‭ ‬يواصلون‭ ‬همتهم‭ ‬وعنايتهم‭.‬

إنها‭ ‬قصص‭ ‬حقيقية،‭ ‬أبطالها‭ ‬الكوادر‭ ‬الطبية‭ ‬والتمريضية‭ ‬باختلاف‭ ‬تخصصاتهم،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬المتطوعات‭ ‬والمتطوعين‭ ‬بمختلف‭ ‬المستشفيات،‭ ‬فهم‭ ‬يعملون‭ ‬صباحًا‭ ‬ومساء‭ ‬بين‭ ‬أنياب‭ ‬الكورونا،‭ ‬فهجروا‭ ‬مسؤولياتهم‭ ‬الشخصية‭ ‬إلى‭ ‬ضفة‭ ‬المسؤولية‭ ‬الإنسانية‭ ‬والوطنية،‭ ‬وجندوا‭ ‬ذاتهم‭ ‬ومهنتهم‭ ‬في‭ ‬معركة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الوجود‭ ‬ولأجل‭ ‬إنقاذهم‭ ‬مريضا‭ ‬وشفاء‭ ‬آخر،‭ ‬سلاحهم‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬فيضٌ‭ ‬من‭ ‬المشاعر‭ ‬الإنسانية‭ ‬والولاء‭ ‬للمهنة‭ ‬وحُبهم‭ ‬بلادهم،‭ ‬وما‭ ‬بذلوه‭ ‬من‭ ‬تعب‭ ‬كما‭ ‬رووا‭ ‬جاء‭ ‬كالبلسم‭ ‬على‭ ‬قلوبهم‭ ‬يَحمل‭ ‬في‭ ‬طياته‭ ‬عودة‭ ‬الحياة‭ ‬إلى‭ ‬مَن‭ ‬فقدها‭ ‬مِن‭ ‬المصابين‭ ‬الذين‭ ‬مَنَ‭ ‬الله‭ ‬عليهم‭ ‬بالشفاء،‭ ‬وهذا‭ ‬الوفاء‭ ‬والعطاء‭ ‬البحريني‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬شيم‭ ‬أهل‭ ‬البحرين‭ ‬وامتداد‭ ‬لعطاء‭ ‬الآباء‭ ‬والأجداد،‭ ‬وهي‭ ‬نعمة‭ ‬أفاض‭ ‬الله‭ ‬بها‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الوطن‭ ‬الصغير‭ ‬الكبير‭ ‬بأهله‭.‬

قصص‭ ‬تروي‭ ‬لنا‭ ‬أن‭ ‬هؤلاء‭ ‬البواسل‭ ‬عملوا‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬طاقتهم‭ ‬وأعطوا‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬قدرتهم‭ ‬لأجل‭ ‬إنقاذ‭ ‬الإنسان‭ ‬من‭ ‬براثن‭ ‬الوباء،‭ ‬ولا‭ ‬يبتغون‭ ‬من‭ ‬وراء‭ ‬ذلك‭ ‬جزاء‭ ‬ولا‭ ‬شكورا،‭ ‬إنها‭ ‬قصص‭ ‬إنسانية‭ ‬شارك‭ ‬في‭ ‬وقائعها‭ ‬جنود‭ ‬خط‭ ‬الدفاع‭ ‬الأول‭ ‬عن‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مستشفياتها‭ ‬منذ‭ ‬بدء‭ ‬غزو‭ ‬الكورونا‭ ‬في‭ ‬مارس‭ ‬2020م،‭ ‬قصص‭ ‬سجلت‭ ‬وقفات‭ ‬إنسانية‭ ‬ووطنية‭ ‬أثبتت‭ ‬عزم‭ ‬أبطالها‭ ‬وبطلاتها‭ ‬على‭ ‬تأدية‭ ‬الواجب‭ ‬بدون‭ ‬تردد،‭ ‬قصص‭ ‬ستبقى‭ ‬كنزا‭ ‬ثمينًا‭ ‬وورثًا‭ ‬وطنيًا‭ ‬ومنارًا‭ ‬للأجيال‭ ‬ليقرأوا‭ ‬بمدادٍ‭ ‬مِن‭ ‬ذهب‭ ‬صفحات‭ ‬خالدة‭ ‬من‭ ‬البطولات‭ ‬والصولات‭ ‬بسلاح‭ ‬الطب‭ ‬والمعرفة‭ ‬ضد‭ ‬الوباء‭ ‬الفاتك‭.‬

وبإذن‭ ‬الله‭ ‬وبفضل‭ ‬هذا‭ ‬العطاء‭ ‬المتفاني‭ ‬المجيد‭ ‬والدعم‭ ‬الحكومي‭ ‬السديد‭ ‬وبتكاتفنا‭ ‬الشديد‭ ‬ستزول‭ ‬هذه‭ ‬الجائحة،‭ ‬وستعود‭ ‬الحياة‭ ‬كما‭ ‬كانت‭ ‬وأفضل‭ ‬من‭ ‬جديد‭.‬