الجائحة ومكارم الأخلاق

| د. عبدالله الحواج

هي‭ ‬المكرمة،‭ ‬وهو‭ ‬الواجب،‭ ‬هي‭ ‬المسئولية،‭ ‬وهي‭ ‬الأخلاق‭ ‬الحميدة،‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬تحلى‭ ‬بها‭ ‬الوطن‭ ‬خلال‭ ‬الأسابيع‭ ‬القليلة‭ ‬الماضية،‭ ‬الكتف‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬بالكتف،‭ ‬واليد‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬في‭ ‬اليد،‭ ‬والروح‭ ‬المفعمة‭ ‬بالإيمان‭ ‬والتوافق،‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬ساعد‭ ‬البحرين‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬على‭ ‬رأب‭ ‬أصداع‭ ‬الجائحة،‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬وأكثر‭ ‬منه‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬لجم‭ ‬الإصابات‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ثلاثة‭ ‬آلاف،‭ ‬إلى‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬700،‭ ‬هو‭ ‬ذاته‭ ‬الذي‭ ‬فرمل‭ ‬الوفيات‭ ‬ومن‭ ‬هم‭ ‬في‭ ‬“العناية‭ ‬المركزة”‭.‬

هي‭ ‬اللجنة‭ ‬التنسيقية‭ ‬برئاسة‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء،‭ ‬وهو‭ ‬الدور‭ ‬الذي‭ ‬لعبه‭ ‬الفريق‭ ‬الوطني‭ ‬بمنتهى‭ ‬الكياسة‭ ‬والهدوء‭ ‬والكفاءة،‭ ‬وقبل‭ ‬هذا‭ ‬أو‭ ‬ذاك‭ ‬هي‭ ‬التوجيهات‭ ‬السامية‭ ‬الكريمة‭ ‬لحضرة‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه‭ ‬بأن‭ ‬يتم‭ ‬وفورًا‭ ‬تحجيم‭ ‬الجائحة،‭ ‬والبحث‭ ‬عن‭ ‬أرقى‭ ‬آليات‭ ‬الاحتراز‭ ‬والتجنب،‭ ‬ووضع‭ ‬كل‭ ‬الأمور‭ ‬في‭ ‬نصابها‭ ‬الصحيح‭.‬

وبالفعل‭ ‬وخلال‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬أسبوعين‭ ‬مما‭ ‬يسمى‭ ‬بـ‭ ‬“نصف‭ ‬الغلق”‭ ‬تراجعت‭ ‬أعداد‭ ‬الإصابات‭ ‬مما‭ ‬يقارب‭ ‬من‭ ‬الأربعة‭ ‬آلاف‭ ‬إصابة‭ ‬يوميًا‭ ‬إلى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ستمئة‭ ‬إصابة‭ ‬بقليل،‭ ‬وأعداد‭ ‬الوفيات‭ ‬إلى‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬عشرة‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأيام‭ ‬وننتظر‭ ‬تراجعها‭ ‬رغم‭ ‬تأرجحها‭ ‬في‭ ‬أيام‭ ‬أخرى‭.‬

ورغم‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬نصف‭ ‬الإغلاق‭ ‬“70‭ %‬”‭ ‬تقريبًا،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬وتيرة‭ ‬الاقتصاد‭ ‬أبت‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬تحت‭ ‬السيطرة،‭ ‬وإلا‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬في‭ ‬الحدود‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تصيب‭ ‬النمو‭ ‬أو‭ ‬النشاط‭ ‬بالأذى،‭ ‬فصدرت‭ ‬الأوامر‭ ‬من‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬حمد‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه‭ ‬بتدشين‭ ‬حزمة‭ ‬دعم‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬الآن‭ ‬ولمدة‭ ‬ثلاثة‭ ‬أشهر‭ ‬قادمة‭ ‬بقيمة‭ ‬485‭ ‬مليون‭ ‬دينار،‭ ‬يعني‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مليار‭ ‬و250‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬لدعم‭ ‬القطاعات‭ ‬والأنشطة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬المتأثرة‭ ‬بنصف‭ ‬الغلق،‭ ‬وتلك‭ ‬التي‭ ‬أصابها‭ ‬الضيم‭ ‬بفعل‭ ‬تمدد‭ ‬وتحور‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا‭.‬

والمعروف‭ ‬أن‭ ‬الحكومة‭ ‬كانت‭ ‬قد‭ ‬أصدرت‭ ‬في‭ ‬بدء‭ ‬التفشي‭ ‬حزمة‭ ‬داعمة‭ ‬بقيمة‭ ‬أربعة‭ ‬مليارات‭ ‬و300‭ ‬مليون‭ ‬دينار‭ ‬بحريني،‭ ‬تم‭ ‬صرفها‭ ‬بالكامل‭ ‬على‭ ‬الإجراءات‭ ‬الاحترازية‭ ‬واللقاحات‭ ‬والمسحات‭ ‬الاستكشافية‭ ‬للفيروس‭ ‬اللعين،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬تحمل‭ ‬رواتب‭ ‬البحرينيين‭ ‬في‭ ‬المؤسسات‭ ‬التي‭ ‬تعاني‭ ‬الأمرين‭ ‬من‭ ‬أثر‭ ‬الجائحة‭ ‬الفادح‭ ‬ومن‭ ‬تداعياتها‭ ‬المتراكمة‭.‬

وها‭ ‬نحن‭ ‬اليوم‭ ‬نقف‭ ‬أمام‭ ‬مكرمة‭ ‬جديدة،‭ ‬أمام‭ ‬حزمة‭ ‬داعمة‭ ‬فاعلة‭ ‬بإذن‭ ‬الله،‭ ‬صحيح‭ ‬أن‭ ‬حصر‭ ‬القطاعات‭ ‬والأنشطة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬المتأثرة‭ ‬وتلك‭ ‬التي‭ ‬تعاني‭ ‬مازال‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬إعادة‭ ‬نظر‭ ‬وأهمها‭ ‬الجامعات‭ ‬الخاصة‭ ‬والمدارس‭ ‬ربما،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬تقنية‭ ‬“الأون‭ ‬لاين”‭ ‬مازالت‭ ‬لا‭ ‬تغري‭ ‬“البعض”‭ ‬بالانضمام‭ ‬إلى‭ ‬المنظومة‭ ‬التعليمية‭ ‬اعتقادًا‭ ‬بأن‭ ‬التعليم‭ ‬وجهًا‭ ‬لوجه‭ ‬أكثر‭ ‬نجاعة‭ ‬وفائدة‭ ‬ومردودا؛‭ ‬وربما‭ ‬لأن‭ ‬هذه‭ ‬التقنية‭ ‬مازالت‭ ‬خاضعة‭ ‬لمن‭ ‬يتقنونها‭ ‬وحدهم،‭ ‬أما‭ ‬الذين‭ ‬يتحفظون‭ ‬عليها،‭ ‬فمازال‭ ‬أمامهم‭ ‬مشوار‭ ‬من‭ ‬الممارسة‭ ‬والتعاطي‭ ‬والتراكم؛‭ ‬حتى‭ ‬يستطيعوا‭ ‬التعامل‭ ‬بل‭ ‬والتفاعل‭ ‬مع‭ ‬“الأون‭ ‬لاين”‭ ‬وكأنها‭ ‬الحقيقة‭ ‬الكاملة‭ ‬والوجود‭ ‬المتكامل‭ ‬الحي‭.‬

على‭ ‬أية‭ ‬حال،‭ ‬بلادنا‭ ‬مازالت‭ ‬بخير،‭ ‬والتوجه‭ ‬والتجلي‭ ‬والاقتحام‭ ‬المبرمج‭ ‬لفيروس‭ ‬كورونا‭ ‬وتحوراته‭ ‬ومستجداته‭ ‬ربما‭ ‬يكون‭ ‬له‭ ‬أكبر‭ ‬الأثر‭ ‬في‭ ‬كبح‭ ‬جماح‭ ‬التفشي،‭ ‬وربما‭ ‬يكون‭ ‬هو‭ ‬الطريق‭ ‬الطويل‭ ‬الذي‭ ‬سوف‭ ‬يقودنا‭ ‬إلى‭ ‬صفر‭ ‬إصابات‭ ‬وصفر‭ ‬وفيات؛‭ ‬لأن‭ ‬الله‭ ‬لا‭ ‬يضيع‭ ‬أجر‭ ‬من‭ ‬أحسن‭ ‬عملًا،‭ ‬“وقل‭ ‬اعملوا‭ ‬فسيرى‭ ‬الله‭ ‬عملكم‭ ‬ورسوله‭ ‬والمؤمنون”،‭ ‬والله‭ ‬الموفق‭ ‬والمستعان‭.‬