سوالف

حفر آبار الماء في الدول الفقيرة... مشروعات تنقصها المصداقية

| أسامة الماجد

ازداد‭ ‬في‭ ‬الآونة‭ ‬الأخيرة‭ ‬إرسال‭ ‬بعض‭ ‬الناس‭ ‬أموالا‭ ‬إلى‭ ‬جمعيات‭ ‬خيرية‭ ‬وحسابات‭ ‬في‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬لحفر‭ ‬آبار‭ ‬ماء‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الفقيرة‭ ‬كصدقة‭ ‬جارية‭ ‬للميت؛‭ ‬استنادا‭ ‬إلى‭ ‬حديث‭ ‬الرسول‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم،‭ ‬“فقد‭ ‬روي‭ ‬أن‭ ‬سعد‭ ‬بن‭ ‬عبادة‭ ‬رضي‭ ‬الله‭ ‬عنه‭ ‬أتى‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ (‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭)‬،‭ ‬وقال‭ ‬يا‭ ‬رسول‭ ‬الله‭: ‬أي‭ ‬الصدقة‭ ‬أفضل،‭ ‬فقال‭ ‬سقي‭ ‬الماء”‭.‬

لكن‭ ‬من‭ ‬حق‭ ‬المتبرع‭ ‬ومن‭ ‬يرسل‭ ‬المال‭ ‬بحسن‭ ‬النية‭ ‬أن‭ ‬يقف‭ ‬على‭ ‬محتوى‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭ ‬الخيري،‭ ‬ليس‭ ‬بكلمات‭ ‬موجزة‭ ‬أو‭ ‬بإرسال‭ ‬صورة‭ ‬“بنر”‭ ‬مكتوب‭ ‬عليه‭ ‬اسم‭ ‬المتوفى‭ ‬والتاريخ‭ ‬ومعلق‭ ‬على‭ ‬البئر،‭ ‬ويقف‭ ‬حوله‭ ‬ثلاثة‭ ‬أو‭ ‬أربعة‭ ‬أشخاص‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬الدول‭ ‬الفقيرة،‭ ‬فصورة‭ ‬“البنر”‭ ‬ليست‭ ‬برهانا‭ ‬على‭ ‬حقيقة‭ ‬فعلنا‭ ‬الخير‭ ‬والصدقة‭ ‬الجارية،‭ ‬فمن‭ ‬السهل‭ ‬جدا‭ ‬طباعة‭ ‬أي‭ ‬اسم‭ ‬على‭ ‬“البنر”‭ ‬ووضعه‭ ‬أمام‭ ‬أحد‭ ‬الآبار‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الدول‭ ‬الفقيرة‭ ‬حتى‭ ‬تتكون‭ ‬صورة‭ ‬قائمة‭ ‬في‭ ‬ذهن‭ ‬المتبرع‭ ‬ليقتنع‭ ‬أن‭ ‬المشروع‭ ‬حقيقي‭ ‬وأمواله‭ ‬ذهبت‭ ‬في‭ ‬محلها‭ ‬حتى‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يتأكد‭ ‬من‭ ‬مواطن‭ ‬الشبهات‭ ‬والريب،‭ ‬فكل‭ ‬ما‭ ‬يستلمه‭ ‬من‭ ‬الجمعية‭ ‬أو‭ ‬الجهة‭ ‬التي‭ ‬تتكفل‭ ‬بمشروع‭ ‬حفر‭ ‬البئر‭ ‬صورة‭ ‬على‭ ‬“الواتساب”‭ ‬أو‭ ‬مكالمة‭ ‬هاتفية‭ ‬على‭ ‬ستائر‭ ‬مخملية‭ ‬جميلة‭.‬

ولا‭ ‬يقتصر‭ ‬تعليق‭ ‬“البنر”‭ ‬على‭ ‬الآبار،‭ ‬إنما‭ ‬نشاهده‭ ‬أيضا‭ ‬على‭ ‬المساجد‭ ‬الصغيرة‭ ‬في‭ ‬القرى‭ ‬والمناطق‭ ‬الفقيرة‭ ‬والنائية،‭ ‬فلو‭ ‬كان‭ ‬المشروع‭ ‬حقيقيا‭ ‬لماذا‭ ‬لا‭ ‬ينقش‭ ‬الاسم‭ ‬ويعلق‭ ‬على‭ ‬واجهة‭ ‬المسجد،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬البناء‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬خرائط‭ ‬وأوراق‭ ‬رسمية‭ ‬من‭ ‬الجهات‭ ‬المختصة‭ ‬هناك،‭ ‬ومتابعة‭ ‬مندوبين‭ ‬وتفاصيل‭ ‬كثيرة‭ ‬ذات‭ ‬أهمية،‭ ‬حتى‭ ‬إن‭ ‬كان‭ ‬بلا‭ ‬خرائط،‭ ‬نظرا‭ ‬لطبيعة‭ ‬المنطقة،‭ ‬فعلى‭ ‬الأقل‭ ‬أوراق‭ ‬رسمية‭ ‬كأدلة‭ ‬واتصالات،‭ ‬ومن‭ ‬المهم‭ ‬أيضا‭ ‬زيارة‭ ‬المشروع‭ ‬بالتنسيق‭ ‬مع‭ ‬الجهة‭ ‬المشرفة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الثقة‭ ‬في‭ ‬سلامة‭ ‬الإجراءات‭.‬

لنقف‭ ‬وقفة‭ ‬طويلة‭ ‬عند‭ ‬المهم‭ ‬وهو‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬الجمعيات‭ ‬الخيرية‭ ‬والحسابات‭ ‬تقوم‭ ‬وتنفذ‭ ‬مشروعات‭ ‬تنقصها‭ ‬الدقة‭ ‬والمصداقية‭ ‬دون‭ ‬انتباه‭ ‬من‭ ‬المتبرع،‭ ‬وأتصور‭ ‬أن‭ ‬المسألة‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬عملية‭ ‬تحقق‭ ‬وليس‭ ‬الاكتفاء‭ ‬بصورة‭ ‬“بنر”‭ ‬يرسل‭ ‬إلى‭ ‬المتبرع‭ ‬على‭ ‬“الواتساب”‭.‬