دَعُوها تعيش!

| هدى حرم

عقِبَ‭ ‬صلاةِ‭ ‬الجمعة‭ ‬كان‭ ‬يُعلنُ‭ ‬عن‭ ‬طلاقها؛‭ ‬ليعلمَ‭ ‬الجميع‭ ‬أنها‭ ‬جاهزة‭ ‬للزواج‭ ‬من‭ ‬جديد،‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الزمان‭ ‬الذي‭ ‬كانت‭ ‬تسودُ‭ ‬فيه‭ ‬الأميَّة‭ ‬كان‭ ‬الناسُ‭ ‬أكثرَ‭ ‬مرونةً‭ ‬مع‭ ‬المرأة‭ ‬المطلقة،‭ ‬لا‭ ‬عوائقَ‭ ‬في‭ ‬وجهِ‭ ‬الزواج‭ ‬من‭ ‬جديد،‭ ‬لربما‭ ‬هي‭ ‬الصرامةُ‭ ‬والعادات‭ ‬والتقاليد‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تقتضي‭ ‬من‭ ‬الأهل‭ ‬تزويج‭ ‬ابنتهم؛‭ ‬فبقاؤها‭ ‬في‭ ‬بيت‭ ‬أهلها‭ ‬عيبٌ‭ ‬وعار،‭ ‬وتزويجُها‭ ‬إنْ‭ ‬طُلِّقَتْ‭ ‬أو‭ ‬رُمِّلتْ‭ ‬واجبٌ‭ ‬على‭ ‬الأهل‭ ‬والمجتمع،‭ ‬أما‭ ‬في‭ ‬عصر‭ ‬التقدمِ‭ ‬والتكنولوجيا،‭ ‬الذي‭ ‬ينالُ‭ ‬فيه‭ ‬كلُ‭ ‬فردٍ‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬نصيبهُ‭ ‬من‭ ‬التعليم،‭ ‬ليصلَ‭ ‬لدرجاتٍ‭ ‬عُليا‭ ‬من‭ ‬العلم‭ ‬والمعرفة،‭ ‬تَراهُ‭ ‬ينكفئُ‭ ‬على‭ ‬عَقِبهِ‭ ‬ويتخلفُ‭ ‬في‭ ‬فكره‭ ‬ويبغي‭ ‬في‭ ‬حكمه‭ ‬على‭ ‬المرأةِ‭ ‬المطلقة‭ ‬في‭ ‬مجتمعه،‭ ‬ويبدو‭ ‬أنَّ‭ ‬العلمَ‭ ‬وحدَهُ‭ ‬لا‭ ‬يكفي‭ ‬ليتخذَ‭ ‬المجتمعُ‭ ‬موقفاً‭ ‬خاليا‭ ‬من‭ ‬التمييز‭ ‬والنبذِ‭ ‬للمرأة‭ ‬التي‭ ‬لمْ‭ ‬تُفلِحْ‭ ‬في‭ ‬علاقتها‭ ‬الزوجية‭.‬

لا‭ ‬يتسامح‭ ‬المجتمع‭ ‬غالباً‭ ‬مع‭ ‬المرأة‭ ‬المطلقة،‭ ‬وينظرُ‭ ‬إليها‭ ‬نظرةً‭ ‬دونية‭ ‬تؤثر‭ ‬سلباً‭ ‬على‭ ‬حياتها‭ ‬ومستقبلها،‭ ‬فهي‭ ‬سيئة‭ ‬في‭ ‬نظر‭ ‬الناس،‭ ‬وعلى‭ ‬عاتقها‭ ‬تقعُ‭ ‬مسؤوليةُ‭ ‬الطلاق‭ ‬والفشل‭ ‬في‭ ‬استمرار‭ ‬الزواج‭. ‬كما‭ ‬يسِمُ‭ ‬المجتمع،‭ ‬انطلاقا‭ ‬من‭ ‬النزعة‭ ‬الذكورية،‭ ‬المرأة‭ ‬بسوء‭ ‬الخُلق‭ ‬والخروجِ‭ ‬عن‭ ‬المألوف‭ ‬ويعُدُّ‭ ‬طلاقها‭ ‬خطيئة‭ ‬دون‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬الظروف‭ ‬والأسباب،‭ ‬وليس‭ ‬هذا‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬ينظر‭ ‬المجتمع‭ ‬للمرأة‭ ‬المطلقة‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬بضاعةٌ‭ ‬مستعملة،‭ ‬ما‭ ‬يجعلُ‭ ‬الزواجَ‭ ‬محصوراً‭ ‬في‭ ‬العلاقة‭ ‬الجنسية‭ ‬ليس‭ ‬إلا‭.‬

تتعرض‭ ‬المطلقةُ‭ ‬كذلك‭ ‬للمضايقات‭ ‬والتحرش‭ ‬لاعتقادِ‭ ‬الرجل‭ ‬بأنها‭ ‬سهلةُ‭ ‬الإغواء؛‭ ‬فهي‭ ‬حسب‭ ‬ظنه‭ ‬أكثرُ‭ ‬تحرراً‭ ‬بسبب‭ ‬التجارب‭ ‬التي‭ ‬خبِرتْها،‭ ‬ويعتقدُ‭ ‬بعض‭ ‬مرضى‭ ‬النفوس‭ ‬من‭ ‬الرجال‭ ‬أنها‭ ‬قد‭ ‬تقبلُ‭ ‬بعلاقةٍ‭ ‬خارج‭ ‬إطار‭ ‬الزواج،‭ ‬وأنها‭ ‬فرصةٌ‭ ‬جيدة‭ ‬للتسلية،‭ ‬ولا‭ ‬يقتصر‭ ‬النبذ‭ ‬الاجتماعي‭ ‬للمطلقة‭ ‬على‭ ‬الرجل،‭ ‬بل‭ ‬يتعداه‭ ‬للمرأة‭ ‬أيضاً،‭ ‬فتخشى‭ ‬المرأة‭ ‬المتزوجة‭ ‬على‭ ‬زوجها‭ ‬لظنها‭ ‬أنَّ‭ ‬المطلقة‭ ‬قد‭ ‬تبحثُ‭ ‬عن‭ ‬رجلٍ‭ ‬آخر،‭ ‬كما‭ ‬ترفض‭ ‬النساءُ‭ ‬تزويجَ‭ ‬أبنائها‭ ‬من‭ ‬امرأةٍ‭ ‬مطلقة‭ ‬رفضا‭ ‬باتا‭.‬

أسبابٌ‭ ‬عدة‭ ‬تكمن‭ ‬خلف‭ ‬نظرة‭ ‬المجتمع‭ ‬للمرأة‭ ‬المطلقة،‭ ‬منها‭ ‬الموروث‭ ‬الاجتماعي‭ ‬الذي‭ ‬تتناقلهُ‭ ‬الأجيالُ‭ ‬دون‭ ‬وعي،‭ ‬وبلا‭ ‬أدنى‭ ‬تفكير‭ ‬بمظلومية‭ ‬المرأة‭ ‬المطلقة‭ ‬أو‭ ‬دوافعها‭ ‬للطلاق‭. ‬“المقال‭ ‬كاملا‭ ‬في‭ ‬الموقع‭ ‬الإلكتروني”‭.‬