تصرف مرفوض

| زهير توفيقي

تلقيت‭ ‬كغيري‭ ‬عبر‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬نبأ‭ ‬وفاة‭ ‬إحدى‭ ‬السيدات‭ ‬الفاضلات،‭ ‬حيث‭ ‬كانت‭ ‬حالتها‭ ‬الصحية‭ ‬حرجة‭ ‬وفي‭ ‬العناية‭ ‬المركزة،‭ ‬وقمت‭ ‬كغيري‭ ‬أيضًا‭ ‬فور‭ ‬تلقي‭ ‬الخبر‭ ‬الحزين‭ ‬بنشر‭ ‬الخبر‭ ‬للأهل‭ ‬والأصدقاء‭ ‬والمعارف‭ ‬وهذه‭ ‬عادة‭ ‬أتبعها‭ ‬في‭ ‬السراء‭ ‬والضراء‭ ‬وأعتبرها‭ ‬جيدة‭ ‬بهدف‭ ‬التواصل‭ ‬ونقل‭ ‬المعلومات،‭ ‬خصوصا‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬هذه‭ ‬الأوضاع‭ ‬الصحية‭ ‬بسبب‭ ‬هذا‭ ‬الوباء‭ ‬الذي‭ ‬ابتلي‭ ‬به‭ ‬العالم،‭ ‬لكن‭ ‬فوجئت‭ ‬بكم‭ ‬الرسائل‭ ‬النصية‭ ‬والمكالمات‭ ‬الهاتفية‭ ‬التي‭ ‬انهالت‭ ‬علي‭ ‬وهم‭ ‬ينكرون‭ ‬الخبر،‭ ‬بل‭ ‬يستنكرون‭ ‬هذا‭ ‬العمل‭ ‬بأشد‭ ‬عبارات‭ ‬الشجب‭ ‬والاستنكار،‭ ‬وكأنني‭ ‬أنا‭ ‬المتهم‭ ‬في‭ ‬نشر‭ ‬هذه‭ ‬الإشاعة‭ ‬المغرضة‭!‬

بصراحة‭ ‬كما‭ ‬يقول‭ ‬المثل‭ ‬الشعبي‭ ‬“بغيت‭ ‬أسوي‭ ‬خير‭ ‬انقلب‭ ‬شر”،‭ ‬وحاولت‭ ‬أن‭ ‬أرد‭ ‬على‭ ‬الكثير‭ ‬منهم،‭ ‬لكن‭ ‬لم‭ ‬أستطع‭ ‬بحكم‭ ‬أن‭ ‬القائمة‭ ‬طويلة‭! ‬بعضهم‭ ‬كان‭ ‬لطيفًا‭ ‬جدًا‭ ‬وعذرني‭ ‬بل‭ ‬قدم‭ ‬لي‭ ‬الشكر‭ ‬لأنني‭ ‬أبلغته‭ ‬بالخبر‭ ‬وإن‭ ‬اتضح‭ ‬أنه‭ ‬غير‭ ‬صحيح‭ ‬لاحقًا،‭ ‬خصوصا‭ ‬أنها‭ ‬سيدة‭ ‬فاضلة‭ ‬وكبيرة‭ ‬في‭ ‬العمر‭ ‬وتعاني‭ ‬من‭ ‬المرض‭ ‬“الله‭ ‬يشافيها‭ ‬ويعافيها”‭.‬

شخصيًا‭ ‬تربطني‭ ‬علاقة‭ ‬وثيقة‭ ‬وحميمة‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬العائلة‭ ‬الكريمة‭ ‬وكنت‭ ‬على‭ ‬تواصل‭ ‬معهم‭ ‬والسؤال‭ ‬عن‭ ‬حالتها‭ ‬وهذا‭ ‬أضعف‭ ‬الإيمان‭ ‬وأقل‭ ‬شيء‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬أقدمه،‭ ‬والسؤال‭ ‬الذي‭ ‬يطرح‭ ‬نفسه،‭ ‬من‭ ‬منكم‭ ‬يستطيع‭ ‬أن‭ ‬يبرر‭ ‬لي‭ ‬هذا‭ ‬الفعل‭ ‬المشين‭ ‬وبأي‭ ‬حق‭ ‬يتم‭ ‬بث‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الأخبار‭ ‬وما‭ ‬مصلحتهم‭ ‬في‭ ‬ذلك‭! ‬من‭ ‬وجهة‭ ‬نظري‭ ‬المتواضعة‭ ‬أرى‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬قام‭ ‬بهذا‭ ‬الفعل‭ ‬غير‭ ‬الأخلاقي‭ ‬“سامحه‭ ‬الله”‭ ‬يفتقد‭ ‬أبسط‭ ‬أبجديات‭ ‬الأخلاق‭ ‬والذوق‭ ‬والأصول‭ ‬والإحساس‭ ‬وكل‭ ‬الصفات‭ ‬الحميدة‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يتحلى‭ ‬بها‭ ‬الإنسان‭ ‬العاقل‭! ‬ولو‭ ‬كنت‭ ‬أعرف‭ ‬مصدر‭ ‬الخبر‭ ‬لقمت‭ ‬بتلقينه‭ ‬درسًا‭ ‬لن‭ ‬ينساه‭.‬

وكما‭ ‬قلنا‭ ‬مراراً‭ ‬وتكراراً‭ ‬إن‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬اخترعت‭ ‬لخدمة‭ ‬البشرية،‭ ‬وهي‭ ‬للتواصل‭ ‬المفيد‭ ‬ونقل‭ ‬المعلومات‭ ‬والحكم‭ ‬والعبر‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الأشياء‭ ‬التي‭ ‬تثري‭ ‬الناس‭ ‬وتزيدهم‭ ‬معرفة،‭ ‬وللأسف‭ ‬الشديد‭ ‬نستقبل‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬كماً‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬الرسائل‭ ‬غير‭ ‬المجدية‭ ‬بل‭ ‬المضرة‭ ‬في‭ ‬أغلب‭ ‬الأوقات‭. ‬

تذكروا‭ ‬أن‭ ‬الأمم‭ ‬تنهض‭ ‬وترتقي‭ ‬برقي‭ ‬أبنائها،‭ ‬والصدق‭ ‬جوهر‭ ‬كل‭ ‬عمل،‭ ‬فلا‭ ‬عمل‭ ‬إلا‭ ‬بالصدق‭ ‬وهو‭ ‬جوهر‭ ‬كل‭ ‬عبادة،‭ ‬فالأخلاق‭ ‬لا‭ ‬قيمة‭ ‬لها‭ ‬بلا‭ ‬صدق‭ ‬وجوهر‭ ‬العلم،‭ ‬ولا‭ ‬علم‭ ‬إلا‭ ‬بالصدق‭ ‬وجوهر‭ ‬المعاملة‭. ‬اللهم‭ ‬إني‭ ‬أسألك‭ ‬من‭ ‬عظيم‭ ‬لطفك‭ ‬وكرمك‭ ‬وسترك‭ ‬الجميل‭ ‬أن‭ ‬تشفيها‭ ‬وتمدها‭ ‬بالصحة‭ ‬والعافية،‭ ‬اللهم‭ ‬رب‭ ‬الناس،‭ ‬مذهب‭ ‬البأس،‭ ‬اشفها‭ ‬أنت‭ ‬الشافي‭.‬