ياسمينيات

لو كانوا يعلمون

| ياسمين خلف

أحد‭ ‬العاملين‭ ‬في‭ ‬الصفوف‭ ‬الأمامية‭ ‬ضمن‭ ‬الفريق‭ ‬الوطني‭ ‬الطبي‭ ‬للتصدي‭ ‬لفيروس‭ ‬كورونا،‭ ‬وهو‭ ‬قريب‭ ‬جداً‭ ‬من‭ ‬الحالات‭ ‬التي‭ ‬تحت‭ ‬العناية‭ ‬المركزة،‭ ‬يقول‭: ‬“لو‭ ‬ترون‭ ‬ما‭ ‬نرى،‭ ‬لما‭ ‬تهاونتم‭ ‬في‭ ‬الإجراءات‭ ‬الاحترازية،‭ ‬ولما‭ ‬تخاذلتم‭ ‬أبداً‭ ‬عن‭ ‬أخذ‭ ‬اللقاح،‭ ‬فما‭ ‬نراه‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬من‭ ‬حالات‭ ‬أمر‭ ‬لا‭ ‬يُحتمل،‭ ‬فلم‭ ‬أر‭ ‬طوال‭ ‬حياتي‭ ‬المهنية‭ ‬التي‭ ‬ناهزت‭ ‬العشرين‭ ‬عاماً‭ ‬ما‭ ‬أراه‭ ‬الآن”‭!‬

البعض‭ ‬يجد‭ ‬من‭ ‬عملية‭ ‬تداول‭ ‬آخر‭ ‬مستجدات‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا‭ ‬أمراً‭ ‬غير‭ ‬مرغوب‭ ‬فيه،‭ ‬لما‭ ‬قد‭ ‬يتسبب‭ ‬فيه‭ ‬للبعض‭ ‬من‭ ‬خوف‭ ‬ورهبة،‭ ‬ويطالب‭ ‬هذا‭ ‬البعض،‭ ‬بالتوقف‭ ‬عن‭ ‬تداول‭ ‬هذه‭ ‬الأخبار‭! ‬نعم،‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬لتلك‭ ‬الدعوات‭ ‬جانبا‭ ‬من‭ ‬الصحة،‭ ‬فهناك‭ ‬من‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬رهاب‭ ‬أخبار‭ ‬الموت‭ ‬والمرض،‭ ‬لكن‭ ‬ولنكن‭ ‬أكثر‭ ‬واقعية‭.. ‬السواد‭ ‬الأعظم‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬ممن‭ ‬هم‭ ‬حولنا،‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬يشعروا‭ ‬بحقيقة‭ ‬الوضع،‭ ‬ولم‭ ‬يدركوا‭ ‬حجم‭ ‬المرض،‭ ‬وحجم‭ ‬الجهود‭ ‬المبذولة‭ ‬في‭ ‬التصدي‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المملكة،‭ ‬لن‭ ‬يجدوا‭ ‬ما‭ ‬يمنعهم‭ ‬من‭ ‬أخذ‭ ‬الحيطة‭ ‬والحذر‭ ‬والالتزام‭ ‬بالإجراءات‭ ‬الاحترازية،‭ ‬وأجزم‭ ‬أنه‭ ‬لولا‭ ‬تلك‭ ‬الأخبار‭ ‬المتداولة‭ ‬عن‭ ‬الجائحة‭ ‬ومدى‭ ‬تفشيها‭ ‬وانتشارها،‭ ‬ومدى‭ ‬شراسة‭ ‬هذا‭ ‬الفيروس،‭ ‬لوجدت‭ ‬مساحة‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬المستهترين‭ ‬والمتهاونين،‭ ‬ألم‭ ‬تسمع‭ ‬أحداً‭ ‬ممن‭ ‬حولك‭ ‬وهو‭ ‬يردد‭: ‬“كل‭ ‬ذلك‭ ‬هراء،‭ ‬انفلونزا‭ ‬كغيرها‭ ‬ولا‭ ‬داعي‭ ‬للتهويل”‭! ‬وستجدهم‭ ‬يمارسون‭ ‬حياتهم‭ ‬بشكل‭ ‬اعتيادي‭.. ‬زيارات،‭ ‬وتجمعات،‭ ‬وقبلات‭ ‬وأحضان‭!‬

لسنا‭ ‬طبعاً‭ ‬مع‭ ‬تداول‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يُنشر‭ ‬هنا‭ ‬وهناك،‭ ‬فالبعض‭ ‬وجد‭ ‬من‭ ‬السوشال‭ ‬ميديا‭ ‬منصة‭ ‬للظهور‭ ‬والشهرة‭ ‬ولو‭ ‬كان‭ ‬على‭ ‬أكتاف‭ ‬الشائعات‭ ‬وترويجها،‭ ‬لكن‭ ‬نحن‭ ‬مع‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬المعلومات‭ ‬المأخوذة‭ ‬من‭ ‬مصادرها‭ ‬الموثوقة،‭ ‬التي‭ ‬تجعل‭ ‬كل‭ ‬فرد‭ ‬منا‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجتمع‭ ‬مسؤولاً،‭ ‬مع‭ ‬التعرف‭ ‬عن‭ ‬قرب‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع‭ ‬وفي‭ ‬غرف‭ ‬الإنعاش‭ ‬والمحاجر،‭ ‬مع‭ ‬معرفة‭ ‬حجم‭ ‬ما‭ ‬تبذله‭ ‬الصفوف‭ ‬الأمامية‭ ‬التي‭ ‬ومنذ‭ ‬عام‭ ‬ونيف‭ ‬لم‭ ‬تذق‭ ‬طعماً‭ ‬للراحة،‭ ‬بل‭ ‬لم‭ ‬يهدأ‭ ‬لها‭ ‬بال‭ ‬وهي‭ ‬ترى‭ ‬أرواحاً‭ ‬تنسل‭ ‬بين‭ ‬أيديها،‭ ‬وهي‭ ‬في‭ ‬لحظات‭ ‬الحياة‭ ‬الأخيرة‭.‬

 

ياسمينة‭:

‬الخوف‭ ‬ربما‭ ‬يدفع‭ ‬البعض‭ ‬للالتزام‭.‬