سوالف

المستهترون... لابد من محاسبتهم بشدة

| أسامة الماجد

لقد‭ ‬فقدنا‭ ‬خلال‭ ‬الأيام‭ ‬الماضية‭ ‬أحباء‭ ‬اختفوا‭ ‬عن‭ ‬أفق‭ ‬حياتنا‭ ‬إلى‭ ‬الأبد،‭ ‬ولم‭ ‬يتركوا‭ ‬لنا‭ ‬سوى‭ ‬ذكريات‭ ‬حزينة‭ ‬وحياة‭ ‬شاقة‭ ‬وعين‭ ‬تبرق‭ ‬من‭ ‬الألم‭ ‬وصورة‭ ‬غامضة‭ ‬كالحلم‭ ‬أو‭ ‬الأمنية‭ ‬البعيدة،‭ ‬حيث‭ ‬نخر‭ ‬“فيروس‭ ‬كورونا”‭ ‬في‭ ‬جسد‭ ‬مجتمعنا‭ ‬ونفد‭ ‬صبر‭ ‬المواطنين‭ ‬وعجزوا‭ ‬عن‭ ‬ضبط‭ ‬أعصابهم‭ ‬بسبب‭ ‬المستهترين‭ ‬“مواطنين‭ ‬ووافدين”‭ ‬الذين‭ ‬أطرقوا‭ ‬برأسهم‭ ‬نحو‭ ‬الأرض‭ ‬وأصبحوا‭ ‬أشباحا‭ ‬مخيفة‭ ‬ملتفة‭ ‬بثياب‭ ‬قاتمة،‭ ‬فهذا‭ ‬يفتح‭ ‬مراسم‭ ‬“عزاء”‭ ‬في‭ ‬بيته‭ ‬وهو‭ ‬يعلم‭ ‬مدى‭ ‬خطورة‭ ‬التجمعات‭ ‬العائلية،‭ ‬وكل‭ ‬تفكيره‭ ‬الضيق‭ ‬ينحصر‭ ‬في‭ ‬مفهوم‭ ‬سأحيا‭ ‬وأتغلب‭ ‬على‭ ‬الموت،‭ ‬وآخر‭ ‬يتصور‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬ليلة‭ ‬رأس‭ ‬السنة‭ ‬ولا‭ ‬يعود‭ ‬من‭ ‬“لحواطه”‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬ساعة‭ ‬متأخرة‭ ‬من‭ ‬الليل،‭ ‬وهناك‭ ‬من‭ ‬يتسمر‭ ‬خلف‭ ‬الطاولات‭ ‬في‭ ‬المقاهي‭ ‬ويدخن،‭ ‬والعمالة‭ ‬الآسيوية‭ ‬تسمع‭ ‬الجلبة‭ ‬والضوضاء‭ ‬فوق‭ ‬رؤوسها‭ ‬أينما‭ ‬تكون‭.‬

يجب‭ ‬على‭ ‬الإنسان‭ ‬أن‭ ‬يفرض‭ ‬على‭ ‬نفسه‭ ‬قاعدة‭ ‬داخلية‭ ‬حتى‭ ‬يستطيع‭ ‬أن‭ ‬يحتفظ‭ ‬بتوازنه‭ ‬العقلي‭ ‬والعضوي،‭ ‬إن‭ ‬الدولة‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬فرض‭ ‬القانون‭ ‬على‭ ‬الشعب‭ ‬بالقوة،‭ ‬لكنها‭ ‬لا‭ ‬تستطيع‭ ‬أن‭ ‬تفرض‭ ‬عليه‭ ‬الأخلاق،‭ ‬فيجب‭ ‬أن‭ ‬يدرك‭ ‬كل‭ ‬فرد‭ ‬ضرورة‭ ‬فعل‭ ‬الخير‭ ‬وتجنب‭ ‬فعل‭ ‬الشر،‭ ‬وأن‭ ‬يرغم‭ ‬نفسه‭ ‬على‭ ‬اتباع‭ ‬هذا‭ ‬المنهاج‭ ‬ببذل‭ ‬جهد‭ ‬إرادي،‭ ‬فالعقل‭ ‬وقوة‭ ‬الإرادة‭ ‬والأخلاق‭ ‬ترتبط‭ ‬ببعضها‭ ‬ارتباطا‭ ‬وثيقا،‭ ‬بيد‭ ‬ان‭ ‬الإحساس‭ ‬الأدبي‭ ‬أهم‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬العقل،‭ ‬وحينما‭ ‬ينعدم‭ ‬هذا‭ ‬الإحساس‭ ‬من‭ ‬أحد‭ ‬الشعوب‭ ‬فإن‭ ‬كيانه‭ ‬الاجتماعي‭ ‬كله‭ ‬يبدأ‭ ‬في‭ ‬الانهيار‭ ‬البطيء،‭ ‬هكذا‭ ‬يقول‭ ‬الدكتور‭ ‬الكسيس‭ ‬كاريل‭ ‬في‭ ‬كتابه‭ ‬“الإنسان‭ ‬ذلك‭ ‬المجهول”‭.‬

لا‭ ‬نعلم‭ ‬كيف‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬فئة‭ ‬مستهترة‭ ‬لا‭ ‬تميز‭ ‬ولا‭ ‬تبصر‭ ‬وغير‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬التحكم‭ ‬في‭ ‬نفسها‭ ‬وهي‭ ‬ترى‭ ‬أعداد‭ ‬الوفيات‭ ‬والإصابات‭ ‬في‭ ‬ازدياد،‭ ‬وصفارات‭ ‬الإنذار‭ ‬ترن‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬بيت‭. ‬إن‭ ‬هؤلاء‭ ‬الضعفاء‭ ‬والمستهترين‭ ‬بالإجراءات‭ ‬والتعليمات‭ ‬ومعدومي‭ ‬الثقة‭ ‬بأنفسهم‭ ‬والمتهربين‭ ‬من‭ ‬المسؤولية‭ ‬يجب‭ ‬محاسبتهم‭ ‬بشدة‭ ‬لأنهم‭ ‬عامل‭ ‬مزعج‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬وأجسام‭ ‬غريبة‭ ‬ينبغي‭ ‬تحطيمها‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تحطمنا،‭ ‬فحسب‭ ‬ما‭ ‬توحي‭ ‬به‭ ‬الروايات‭ ‬أنهم‭ ‬لا‭ ‬يعرفون‭ ‬كلمة‭ ‬“التزم‭ ‬واجلس‭ ‬في‭ ‬البيت”،‭ ‬وقد‭ ‬تبذل‭ ‬معهم‭ ‬جهودا‭ ‬شاقة‭ ‬لتوصيل‭ ‬معنى‭ ‬خطر‭ ‬على‭ ‬حياتك‭ ‬وحياة‭ ‬أهلك‭.‬