نقطة ارتكاز

المقاومة الفلسطينية وإيران!

| د. غسان محمد عسيلان

أخطأ‭ ‬رئيس‭ ‬المكتب‭ ‬السياسي‭ ‬لحركة‭ ‬حماس‭ ‬إسماعيل‭ ‬هنية‭ ‬حين‭ ‬قدَّم‭ ‬الشكر‭ ‬لإيران‭ ‬على‭ ‬دعمها‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬بالمال‭ ‬والتقنية‭ (‬كما‭ ‬يقول‭)‬‭ ‬التي‭ ‬مكنتها‭ ‬من‭ ‬تطوير‭ ‬صواريخ‭ ‬المقاومة‭ ‬كما‭ ‬يُشاع‭!‬

وإن‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬المعروف‭ ‬أن‭ ‬السياسة‭ ‬هي‭ ‬فن‭ ‬الممكن‭ ‬وأنه‭ ‬لا‭ ‬ثوابت‭ ‬فيها،‭ ‬فأعداء‭ ‬اليوم‭ ‬قد‭ ‬يصبحون‭ ‬حلفاء‭ ‬الغد،‭ ‬وحلفاء‭ ‬الأمس‭ ‬قد‭ ‬يكونون‭ ‬أعداء‭ ‬اليوم،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬رئيس‭ ‬المكتب‭ ‬السياسي‭ ‬لحركة‭ ‬حماس‭ ‬ارتكب‭ ‬خطأً‭ ‬سياسيًّا‭ ‬عندما‭ ‬شكر‭ ‬إيران؛‭ ‬لأنه‭ ‬بذلك‭ ‬قد‭ ‬آذى‭ ‬مشاعر‭ ‬الملايين‭ ‬من‭ ‬الجماهير‭ ‬العربية‭ ‬الداعمة‭ ‬للقضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬باعتبارها‭ ‬قضيتهم،‭ ‬فالفلسطينيون‭ ‬هم‭ ‬عرب‭ ‬قبل‭ ‬أي‭ ‬شيء‭.‬

على‭ ‬العموم‭ ‬من‭ ‬المتفهم‭ ‬أن‭ ‬أي‭ ‬شعب‭ ‬محتل‭ ‬يُناضل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬حريته‭ ‬من‭ ‬حقه‭ ‬أن‭ ‬يستعين‭ ‬بأية‭ ‬جهة‭ ‬تُقدم‭ ‬له‭ ‬أي‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬أنواع‭ ‬الدعم‭ ‬والمساندة،‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬بالكلام‭ ‬والدعاية‭ ‬فقط‭ ‬كما‭ ‬تفعل‭ ‬إيران‭ ‬وتركيا‭ ‬في‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬فتصريحات‭ ‬قادتهم‭ ‬مجرد‭ ‬تصريحات‭ ‬حنجورية‭ (‬يعني‭ ‬فنجرية‭ ‬بق‭ ‬كما‭ ‬يقول‭ ‬إخواننا‭ ‬المصريون‭).‬

وإذا‭ ‬كنا‭ ‬نسمع‭ ‬جعجعة‭ ‬من‭ ‬إيران‭ ‬ولا‭ ‬نرى‭ ‬طحينًا‭ ‬منها‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالقضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬فهذا‭ ‬هو‭ ‬دأب‭ ‬إيران‭ ‬صاحبة‭ ‬شعار‭ ‬“الموت‭ ‬لأميركا‭ ‬الموت‭ ‬لإسرائيل”،‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬دأب‭ ‬أذرعها‭ ‬بالوكالة‭ ‬في‭ ‬عالمنا‭ ‬العربي،‭ ‬فطوال‭ ‬عشرات‭ ‬السنين‭ ‬وهم‭ ‬يُصدعون‭ ‬رؤوسنا‭ ‬بمثل‭ ‬هذه‭ ‬التصريحات‭ ‬ولمْ‭ ‬نرَ‭ ‬منهم‭ ‬يومًا‭ ‬رصاصة‭ ‬واحدة‭ ‬موجَّهة‭ ‬للمحتل‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬ولو‭ ‬حتى‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬الخطأ‭ ‬“رصاصة‭ ‬طائشة”‭.‬

عمومًا‭ ‬يرى‭ ‬العرب‭ ‬أن‭ ‬اللوم‭ ‬كل‭ ‬اللوم‭ ‬يقع‭ ‬على‭ ‬إسرائيل‭ ‬التي‭ ‬ترفض‭ ‬مبادرة‭ ‬السلام‭ ‬العربية‭ ‬التي‭ ‬أطلقها‭ ‬خادم‭ ‬الحرمين‭ ‬الشريفين‭ ‬الملك‭ ‬عبدالله‭ ‬بن‭ ‬عبدالعزيز‭ - ‬رحمه‭ ‬الله‭ - ‬عام‭ ‬2002م،‭ ‬فقبول‭ ‬هذه‭ ‬المبادرة‭ ‬كفيل‭ ‬بانتهاء‭ ‬هذه‭ ‬الأوضاع‭ ‬المأساوية‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬وتحقيق‭ ‬السلام‭ ‬العادل‭ ‬والشامل‭ ‬بين‭ ‬العرب‭ ‬والإسرائيليين،‭ ‬وخير‭ ‬ضامن‭ ‬لتقبل‭ ‬الشعوب‭ ‬العربية‭ ‬لإسرائيل‭ ‬وإقامة‭ ‬علاقات‭ ‬طبيعية‭ ‬معها‭.‬

أما‭ ‬إصرار‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬قتل‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬وهدم‭ ‬منازلهم،‭ ‬وتشريدهم‭ ‬من‭ ‬أراضيهم،‭ ‬وتعمد‭ ‬الاعتداءات‭ ‬المتكررة‭ ‬على‭ ‬المسجد‭ ‬الأقصى‭ ‬المبارك،‭ ‬وضرب‭ ‬المصلين‭ ‬وترويعهم،‭ ‬والبطش‭ ‬بالأطفال‭ ‬والنساء‭ ‬والشيوخ،‭ ‬وطرد‭ ‬الآمنين‭ ‬من‭ ‬بيوتهم،‭ ‬والاستيلاء‭ ‬عليها‭ ‬أو‭ ‬هدمها‭... ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬كفيلٌ‭ ‬باستمرار‭ ‬تفجُّر‭ ‬الأوضاع‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬