موعد مع السعادة

| د. عبدالله الحواج

لعله‭ ‬موعدٌ‭ ‬مع‭ ‬التقنية،‭ ‬موعدٌ‭ ‬مع‭ ‬السعادة،‭ ‬ذلك‭ ‬القرار‭ ‬الاستباقي‭ ‬الذي‭ ‬أصدرته‭ ‬اللجنة‭ ‬التنسيقية‭ ‬برئاسة‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬حمد‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه‭ ‬بشأن‭ ‬ما‭ ‬يطلق‭ ‬عليه‭ ‬بـ‭ ‬“نصف‭ ‬الإغلاق”‭ ‬للأنشطة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬أملًا‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬التعافي‭ ‬مع‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا‭.‬

لعلنا‭ ‬على‭ ‬موعد‭ ‬مع‭ ‬الإتقان‭ ‬للتكنولوجيا‭ ‬الفارقة‭ ‬حتى‭ ‬نواجه‭ ‬“نصف‭ ‬الإغلاق”‭ ‬بكل‭ ‬الأمل‭ ‬في‭ ‬الخلاص،‭ ‬وحتى‭ ‬نتعاطى‭ ‬مع‭ ‬الأيام‭ ‬الجميلة‭ ‬بإحساس‭ ‬تام‭ ‬بالمسؤولية‭ ‬وبوعي‭ ‬مجتمعي‭ ‬مازلنا‭ ‬نراهن‭ ‬عليه‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬لم‭ ‬تأت‭ ‬الرياح‭ ‬مثلما‭ ‬كنا‭ ‬نشتهي‭.‬

التعليم‭ ‬بمختلف‭ ‬أركانه‭ ‬ومرتكزاته‭ ‬تحت‭ ‬“نصف‭ ‬الإغلاق”،‭ ‬كل‭ ‬المنظومة‭ ‬أصبحت‭ ‬“أون‭ ‬لاين”‭ ‬بامتياز‭ ‬وكل‭ ‬“الأون‭ ‬لاين”‭ ‬أصبح‭ ‬في‭ ‬عهدة‭ ‬بنية‭ ‬تحتية‭ ‬تكنولوجية‭ ‬تمكنت‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬من‭ ‬بلوغ‭ ‬أدق‭ ‬مضامينها،‭ ‬واعتلاء‭ ‬أعلى‭ ‬منصاتها‭ ‬عندما‭ ‬وقعت‭ ‬“الفأس‭ ‬في‭ ‬الرأس”،‭ ‬وعندما‭ ‬أصبحت‭ ‬الجائحة‭ ‬الكونية‭ ‬المرعبة‭ ‬قاب‭ ‬قوسين‭ ‬أو‭ ‬أدنى‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬إنسان‭ ‬يعيش‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الأرض‭ ‬الطيبة‭.‬

الأرقام،‭ ‬“إصابات‭ ‬ووفيات‭ ‬وحالات‭ ‬حرجة”‭ ‬في‭ ‬تصاعد،‭ ‬الأسباب‭ ‬رغم‭ ‬تلقيح‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬70‭ % ‬من‭ ‬سكان‭ ‬البحرين‭ ‬بالجرعة‭ ‬الأولى،‭ ‬ورغم‭ ‬وصول‭ ‬عدد‭ ‬اللقاحات‭ ‬اليومي‭ ‬إلى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬31‭ ‬ألفًا،‭ ‬ورغم‭ ‬ورغم‭ ‬ورغم‭.. ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الأسباب‭ ‬مازالت‭ ‬مجهولة،‭ ‬والحيثيات‭ ‬مازالت‭ ‬مرتبكة،‭ ‬والتداعيات‭ ‬مثلما‭ ‬نرى‭ ‬أصبحت‭ ‬لا‭ ‬تسر‭ ‬عدوا‭ ‬ولا‭ ‬حبيبا‭.‬

من‭ ‬هنا‭ ‬كان‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬للفريق‭ ‬الوطني‭ ‬رأي‭ ‬آخر،‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬“المزيد‭ ‬من‭ ‬الاحتراز”‭ ‬وجهته‭ ‬السابقة‭ ‬عندما‭ ‬تقرر‭ ‬“نصف‭ ‬الإغلاق”‭ ‬قبل‭ ‬بضعة‭ ‬شهور،‭ ‬وعندما‭ ‬جاءت‭ ‬الرياح‭ ‬بما‭ ‬كنا‭ ‬نشتهي‭ ‬وتراجعت‭ ‬أعداد‭ ‬الإصابات‭ ‬ووصلت‭ ‬إلى‭ ‬أدنى‭ ‬معدل‭ ‬لها،‭ ‬وأعداد‭ ‬الوفيات‭ ‬ناهزت‭ ‬في‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأيام‭ ‬الرقم‭ ‬“صفرًا”‭.‬

حدث‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬الماضي،‭ ‬وسوف‭ ‬يحدث‭ ‬بعون‭ ‬الله‭ ‬ورعايته‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭ ‬القريب،‭ ‬الحكومة‭ ‬راهنت‭ ‬على‭ ‬وعي‭ ‬المجتمع،‭ ‬على‭ ‬“مجتمع‭ ‬واعي”‭ ‬ونحن‭ ‬نراهن‭ ‬على‭ ‬الأيام‭ ‬المقبلة،‭ ‬أيام‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬كورونا،‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬وفيات‭ ‬بسبب‭ ‬الكورونا،‭ ‬هكذا‭ ‬هي‭ ‬الأيام،‭ ‬يوم‭ ‬لنا‭ ‬ويوم‭ ‬علينا،‭ ‬رغم‭ ‬ذلك‭ ‬فإن‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬لنا‭ ‬من‭ ‬إنجازات،‭ ‬وما‭ ‬كان‭ ‬علينا‭ ‬من‭ ‬إصابات‭ ‬أو‭ ‬وفيات‭ ‬جميعها‭ ‬سوف‭ ‬تكون‭ ‬في‭ ‬ذمة‭ ‬التاريخ،‭ ‬سوف‭ ‬يسجل‭ ‬للبحرين‭ ‬بأنها‭ ‬استطاعت‭ ‬لجم‭ ‬الجائحة،‭ ‬وأنها‭ ‬تمكنت‭ ‬ببروتوكول‭ ‬الإزاحة‭ ‬والنأي‭ ‬بالمجتمع‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬تحمد‭ ‬عقباه،‭ ‬والوصول‭ ‬بالحالات‭ ‬إلى‭ ‬الحد‭ ‬الأدنى‭ ‬المأمول‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬المعمورة‭.‬

يقولون‭ ‬إن‭ ‬الإغلاق‭ ‬أو‭ ‬نصفه‭ ‬سوف‭ ‬يصيب‭ ‬الأنشطة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬بخسائر،‭ ‬وأن‭ ‬معدل‭ ‬النمو‭ ‬سوف‭ ‬يتراجع،‭ ‬وأن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬القطاعات‭ ‬التي‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬“التقارب”‭ ‬سوف‭ ‬تعاني‭ ‬الأمرَّين،‭ ‬صحيح‭ ‬ولكن‭ ‬أسبوعان‭ ‬في‭ ‬عمر‭ ‬الزمن‭ ‬لا‭ ‬يساوي‭ ‬سنينًا‭ ‬أمام‭ ‬صحة‭ ‬الإنسان،‭ ‬أمام‭ ‬أمانه‭ ‬واطمئنانه‭ ‬على‭ ‬حياته‭ ‬وأسرته‭ ‬وأقربائه‭ ‬وأصدقائه،‭ ‬أسبوعان‭ ‬في‭ ‬عمر‭ ‬الزمن‭ ‬بـ‭ ‬“نصف‭ ‬إغلاق”‭ ‬يساوي‭ ‬عمرًا‭ ‬بأكمله‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الحياة،‭ ‬وأسبوعان‭ ‬في‭ ‬عمر‭ ‬نشاط‭ ‬لا‭ ‬يساوي‭ ‬روحًا‭ ‬صاعدة‭ ‬إلى‭ ‬بارئها‭ ‬بسبب‭ ‬الجائحة‭ ‬الملعونة‭ ‬وتداعياتها‭ ‬المتحورة‭ ‬باكتساح‭.‬

مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬قدمت‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التصدي‭ ‬لهذه‭ ‬الجائحة،‭ ‬وعلى‭ ‬المدى‭ ‬من‭ ‬سنة‭ ‬ونصف‭ ‬السنة‭ ‬تقريبًا‭ ‬تحملت‭ ‬ميزانيتها‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬4‭,‬3‭ ‬مليار‭ ‬دينار؛‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬ألا‭ ‬يشعر‭ ‬المواطن‭ ‬بآثار‭ ‬الكارثة‭ ‬الكونية،‭ ‬وإلا‭ ‬يتأثر‭ ‬كائن‭ ‬من‭ ‬كان‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الخلود‭ ‬بالهجمة‭ ‬الشرسة‭ ‬للفيروس‭ ‬اللعين‭ ‬وتداعياته‭ ‬على‭ ‬القطاعات‭ ‬التي‭ ‬يلتحم‭ ‬فيها‭ ‬البشر‭ ‬مع‭ ‬البشر،‭ ‬بقوة‭ ‬الدفع‭ ‬الإنسانية‭ ‬العادية،‭ ‬وبمعدل‭ ‬النمو‭ ‬القطاعي‭ ‬الطبيعي‭ ‬الذي‭ ‬يدفع‭ ‬النماء‭ ‬إلى‭ ‬الأمام،‭ ‬وحركة‭ ‬المجتمع‭ ‬إلى‭ ‬مصاف‭ ‬الدول‭ ‬المتقدمة‭.‬

لقد‭ ‬اتخذت‭ ‬الحكومة‭ ‬ممثلة‭ ‬في‭ ‬اللجنة‭ ‬التنسيقية‭ ‬قرارًا‭ ‬شجاعًا‭ ‬للمرة‭ ‬الثانية‭ ‬وربما‭ ‬للمرة‭ ‬الثالثة،‭ ‬وقد‭ ‬قبِل‭ ‬المجتمع‭ ‬بالقرار،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬السعادة‭ ‬ربما‭ ‬تكون‭ ‬قد‭ ‬خيمت‭ ‬على‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬العائلات‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تخشى‭ ‬من‭ ‬تفاقم‭ ‬الجائحة‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬ذلك‭.‬

سنكون‭ ‬أيضًا‭ ‬على‭ ‬موعد‭ ‬مع‭ ‬الفائق‭ ‬في‭ ‬التقنية،‭ ‬والسباق‭ ‬في‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬الراقية،‭ ‬لن‭ ‬نقول‭ ‬إنها‭ ‬فقط‭ ‬الجامعات،‭ ‬وإنها‭ ‬فقط‭ ‬مراكز‭ ‬البحث‭ ‬العلمي،‭ ‬وإنها‭ ‬فقط‭ ‬الحكومات،‭ ‬لكنها‭ ‬منظومة‭ ‬الكيان‭ ‬البحريني‭ ‬المتماسك،‭ ‬كتلة‭ ‬المجتمع‭ ‬الحر‭ ‬وهو‭ ‬يواجه‭ ‬بمنتهى‭ ‬الحرية‭ ‬جائحة‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬في‭ ‬الحسبان،‭ ‬ووباء‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬في‭ ‬متناول‭ ‬الطواقم‭ ‬الطبية‭ ‬مثلما‭ ‬كان‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬الماضي‭.‬

العالم‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬أمام‭ ‬أصعب‭ ‬اختبار‭ ‬في‭ ‬تاريخه،‭ ‬والأرض‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تنجب‭ ‬سوى‭ ‬الخيرات‭ ‬للبشرية‭ ‬جمعاء‭ ‬ستكون‭ ‬قادرة‭ ‬بعون‭ ‬الله‭ ‬وحفظه‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تتجاوز‭ ‬هذه‭ ‬المحنة‭ ‬بقلب‭ ‬ملؤه‭ ‬الإيمان‭ ‬وبروح‭ ‬صنوانها‭ ‬المحبة‭ ‬وبيد‭ ‬ستكون‭ ‬مع‭ ‬يد‭ ‬الله،‭ ‬لتكون‭ ‬يد‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬يدنا‭ ‬أجمعين‭.‬