بريطانيا في فلسطين

| رضي السماك

عن‭ ‬المركز‭ ‬القومي‭ ‬للترجمة‭ ‬بالقاهرة‭ ‬صدر‭ ‬عام‭ ‬2019‭ ‬كتاب‭ ‬بعنوان‭ ‬“بريطانيا‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭.. ‬قصة‭ ‬الحكم‭ ‬البريطاني‭ ‬لفلسطين‭ ‬1917‭ - ‬1948”،‭ ‬تأليف‭ ‬كارل‭ ‬صباغ،‭ ‬ترجمة‭ ‬محمد‭ ‬عصفور،‭ ‬مراجعة‭ ‬محمد‭ ‬شاهين،‭ ‬وأهمية‭ ‬الكتاب‭ ‬تتجلى‭ ‬ليس‭ ‬في‭ ‬كونه‭ ‬فقط‭ ‬يؤرخ‭ ‬لحقبة‭ ‬مهمة‭ ‬مفصلية‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬فلسطين‭ ‬العربية‭ ‬تبدأ‭ ‬من‭ ‬المقدمات‭ ‬التاريخية‭ ‬لوعد‭ ‬بلفور‭ ‬بإنشاء‭ ‬وطن‭ ‬قومي‭ ‬لليهود‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬عام‭ ‬1917‭ ‬وتنتهي‭ ‬بالعام‭ ‬1948‭ ‬الذي‭ ‬اصطلح‭ ‬العرب‭ ‬على‭ ‬تسميته‭ ‬بعام‭ ‬النكبة‭ ‬وقيام‭ ‬دولة‭ ‬“إسرائيل”‭ ‬التي‭ ‬سرعان‭ ‬ما‭ ‬حظيت‭ ‬بالشرعية‭ ‬الدولية،‭ ‬بل‭ ‬ولكون‭ ‬مؤلف‭ ‬الكتاب،‭ ‬رغم‭ ‬أصله‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬عُرف‭ ‬لدى‭ ‬الأوساط‭ ‬العلمية‭ ‬والأكاديمية‭ ‬البريطانية‭ ‬المحايدة‭ ‬بتجرده‭ ‬العلمي‭ ‬والموضوعي‭ ‬في‭ ‬دراساته‭ ‬البعيدة‭ ‬عن‭ ‬العواطف‭ ‬وإثارة‭ ‬المشاعر‭. ‬وهو‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬وُلد‭ ‬لأب‭ ‬فلسطيني‭ ‬وأم‭ ‬إنجليزية‭ ‬في‭ ‬1942،‭ ‬وحصل‭ ‬على‭ ‬منحة‭ ‬من‭ ‬جامعة‭ ‬كامبريج‭ ‬وتخرج‭ ‬فيها‭ ‬بدرجة‭ ‬الشرف‭ ‬الأولى،‭ ‬فوالده‭ ‬عيسى‭ ‬صباغ‭ ‬من‭ ‬رعيل‭ ‬الإعلاميين‭ ‬العرب‭ ‬في‭ ‬الأربعينيات‭ ‬حيث‭ ‬عمل‭ ‬مديراً‭ ‬للقسم‭ ‬العربي‭ ‬لهيئة‭ ‬الإذاعة‭ ‬البريطانية،‭ ‬وعندما‭ ‬طُلب‭ ‬منه‭ ‬إذاعة‭ ‬خبر‭ ‬قرار‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬بتقسيم‭ ‬فلسطين‭ ‬عام‭ ‬1947‭ ‬المتضمن‭ ‬منح‭ ‬اليهود‭ ‬50‭ % ‬من‭ ‬أراضي‭ ‬بلاده‭ ‬أذاع‭ ‬الخبر‭ ‬مع‭ ‬شعور‭ ‬عميق‭ ‬اعتراه‭ ‬من‭ ‬الغصة‭ ‬والحزن‭ ‬الشديد،‭ ‬ومُنع‭ ‬من‭ ‬العودة‭ ‬لبلاده‭ ‬وقرر‭ ‬على‭ ‬إثر‭ ‬ذلك‭ ‬الانتقال‭ ‬إلى‭ ‬أميركا‭ ‬التي‭ ‬أسس‭ ‬فيها‭ ‬إذاعة‭ ‬“صوت‭ ‬أميركا”‭ ‬بالعربية‭ ‬ومُنح‭ ‬جنسيتها،‭ ‬وعائلته‭ ‬تتمتع‭ ‬بتاريخ‭ ‬عريق‭ ‬في‭ ‬تجارب‭ ‬الحكم‭ ‬المحلي‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬حيث‭ ‬ينحدر‭ ‬منها‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬مخاتير‭ ‬القرى‭ ‬ومحافظي‭ ‬المدن‭. ‬

ينقسم‭ ‬الكتاب‭ ‬إلى‭ ‬ثمانية‭ ‬فصول‭: ‬الأول‭ ‬بعنوان‭ ‬“فلسطين‭ ‬قبل‭ ‬مجيء‭ ‬البريطانيين”‭ ‬ويعرض‭ ‬فيه‭ ‬بإيجاز‭ ‬تاريخ‭ ‬فلسطين‭ ‬وشعبها‭ ‬واقتصادها‭ ‬وقراها‭ ‬ومدنها،‭ ‬والثاني‭ ‬عن‭ ‬فلسطين‭ ‬وأوروبا‭ ‬حيث‭ ‬يتناول‭ ‬بدايات‭ ‬اهتمام‭ ‬الأوروبيين‭ ‬بالشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وخصوصا‭ ‬فلسطين،‭ ‬والثالث‭ ‬عن‭ ‬“تقسيم‭ ‬الغنائم‭ ‬في‭ ‬مؤتمر‭ ‬السلام‭ ‬1919،‭ ‬وأهمها‭ ‬الغنيمة‭ ‬الفلسطينية‭. ‬والرابع‭ ‬عن‭ ‬الإدارة‭ ‬البريطانية‭ ‬في‭ ‬فلسطين”،‭ ‬والخامس‭ ‬بعنوان‭ ‬“يهود‭ ‬في‭ ‬فلسطين”،‭ ‬والسادس‭ ‬عن‭ ‬احتجاجات‭ ‬العرب‭ ‬وثورة‭ ‬1933‭ - ‬1939،‭ ‬والسابع‭ ‬بعنوان‭ ‬“صهاينة‭ ‬ضد‭ ‬بريطانيا”،‭ ‬أما‭ ‬الثامن‭ ‬والأخير‭ ‬فقد‭ ‬جاء‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭ ‬“أزمة‭ ‬بريطانيا‭ ‬في‭ ‬فلسطين”،‭ ‬ومع‭ ‬أن‭ ‬الكتاب‭ ‬يخاطب‭ ‬العقل‭ ‬الغربي‭ ‬فإن‭ ‬ترجمته‭ ‬إلى‭ ‬العربية‭ ‬تثري‭ ‬المكتبة‭ ‬العربية‭ ‬بمصدر‭ ‬علمي‭ ‬مهم‭ ‬عن‭ ‬تاريخ‭ ‬فلسطين‭ ‬الحديث‭.‬