“كورونا” بين الوباء والثراء

| عبدعلي الغسرة

كشفت‭ ‬منظمة‭ ‬“أوكسفام”‭ ‬مؤخرًا‭ ‬“أن‭ ‬اللقاحات‭ ‬التي‭ ‬جرى‭ ‬تطويرها‭ ‬ضد‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭ ‬المستجد‭ ‬ساهمت‭ ‬في‭ ‬بروز‭ ‬تسعة‭ ‬مليارديرات‭ ‬جدد‭ ‬في‭ ‬العالم”،‭ ‬وأضافت‭ ‬أن‭ ‬“ثروة‭ ‬هؤلاء‭ ‬الأشخاص‭ ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬19‭.‬3‭ ‬مليار‭ ‬دولار”،‭ ‬وذلك‭ ‬بفضل‭ ‬الأرباح‭ ‬الهائلة‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬جنيها‭ ‬من‭ ‬بيع‭ ‬هذه‭ ‬اللقاحات‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬انتشار‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا‭ ‬وزيادة‭ ‬الإقبال‭ ‬على‭ ‬التطعيم‭ ‬للحماية‭ ‬من‭ ‬تداعياته،‭ ‬وتذكر‭ ‬التقارير‭ ‬الصحية‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الأرباح‭ ‬تكفي‭ ‬لتلقيح‭ ‬أكثر‭ ‬الدول‭ ‬فقرًا‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬لم‭ ‬تتلق‭ ‬سوى‭ (‬0.2‭) ‬في‭ ‬المئة‭ ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬اللقاحات‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬إنتاجها‭ ‬في‭ ‬العالم‭. ‬ويتحتم‭ ‬على‭ ‬الدول‭ ‬المنتجة‭ ‬للقاحات‭ ‬وتجارها‭ ‬الأثرياء‭ ‬أن‭ ‬يتطلعوا‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬العدالة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬في‭ ‬توفير‭ ‬اللقاح‭ ‬لجميع‭ ‬الأنفس‭ ‬البشرية‭ ‬التي‭ ‬تضررت‭ ‬من‭ ‬وباء‭ ‬كورونا‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬تحقيق‭ ‬المكاسب‭ ‬المالية،‭ ‬وأن‭ ‬يُساهم‭ ‬هؤلاء‭ ‬الأثرياء‭ ‬بجزء‭ ‬من‭ ‬مكاسبهم‭ ‬الكورونية‭ ‬في‭ ‬توفير‭ ‬العلاج‭ ‬للشعوب‭ ‬الفقيرة‭ ‬لحمايتهم‭ ‬من‭ ‬تداعيات‭ ‬الوباء‭. ‬لقد‭ ‬اجتاح‭ ‬وباء‭ ‬كورونا‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬الفقيرة‭ ‬والغنية‭ ‬وأصاب‭ ‬شعوبها‭ ‬بدون‭ ‬انتقاء‭ ‬نفس‭ ‬دون‭ ‬أخرى،‭ ‬وتبعا‭ ‬لديمقراطية‭ ‬الوباء‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تتحقق‭ ‬ديمقراطية‭ ‬العلاج‭ ‬واللقاح،‭ ‬أي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬اللقاح‭ ‬في‭ ‬متناول‭ ‬الجميع‭ ‬دون‭ ‬استثناء،‭ ‬وعدم‭ ‬احتكاره‭ ‬وتجنب‭ ‬التصرف‭ ‬الكيفي‭ ‬بأسعاره‭ ‬وتوزيعه،‭ ‬ولأنه‭ ‬وباء‭ ‬خطر‭ ‬ويُهدد‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬قاطبة‭ ‬فعلى‭ ‬الدول‭ ‬كافة‭ ‬التعاون‭ ‬لمحاربته‭ ‬ومقاومة‭ ‬تداعياته‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬اجتثاثه‭ ‬والخروج‭ ‬من‭ ‬دائرة‭ ‬خطره‭ ‬بأقل‭ ‬الخسائر‭ ‬الممكنة،‭ ‬فبجانب‭ ‬ما‭ ‬أحدثه‭ ‬الوباء‭ ‬من‭ ‬خسائر‭ ‬بشرية‭ ‬وصحية‭ ‬ونفسية‭ ‬فقد‭ ‬ذكرت‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الدراسات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬أن‭ ‬“الوباء‭ ‬تسبب‭ ‬في‭ ‬أكبر‭ ‬انخفاض‭ ‬تشهده‭ ‬الأسواق‭ ‬المالية‭ ‬منذُ‭ ‬الأزمة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬العالمية‭ ‬عام‭ ‬2008م”‭.‬

في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬تسببت‭ ‬الجائحة‭ ‬بخروج‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الشركات‭ ‬من‭ ‬السوق‭ ‬وإفلاس‭ ‬بعضها‭ ‬وتسريح‭ ‬العاملين‭ ‬فيها،‭ ‬فإن‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الشركات‭ ‬الأخرى‭ ‬في‭ ‬السوق‭ ‬توسعت‭ ‬أعمالها‭ ‬وزادت‭ ‬أرباحها،‭ ‬ومنها‭ (‬شركات‭ ‬إنتاج‭ ‬المطهرات،‭ ‬وأساليب‭ ‬الوقاية‭ ‬من‭ ‬الفيروس،‭ ‬وشركات‭ ‬التجارة‭ ‬الإلكترونية،‭ ‬وشركات‭ ‬تصنيع‭ ‬الدواء‭ ‬واللقاحات‭ ‬المضادة‭ ‬لكورونا‭)‬،‭ ‬أي‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الوباء‭ ‬الذي‭ ‬استنزف‭ ‬أموال‭ ‬الدول‭ ‬وخصوصا‭ ‬الفقيرة،‭ ‬والذي‭ ‬أهلك‭ ‬الملايين‭ ‬من‭ ‬البشر‭ ‬وتداعت‭ ‬حياتهم‭ ‬الصحية،‭ ‬استفادت‭ ‬منه‭ ‬هذه‭ ‬الشركات‭ ‬في‭ ‬توسيع‭ ‬نشاطها‭ ‬وتعزيز‭ ‬أسهمها‭ ‬في‭ ‬السوق،‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬زيادة‭ ‬أرباحها‭ ‬بالمليارات،‭ ‬ومن‭ ‬المتوقع‭ ‬ارتفاع‭ ‬مؤشر‭ ‬هذه‭ ‬الزيادة‭ ‬كلما‭ ‬أطال‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭ ‬البقاء‭.‬