إدارة الأزمات وأزمات الإدارة... الفرص والمكاسب

| يوسف الحداد

تقاس‭ ‬قوة‭ ‬الدول‭ ‬وتقدمها‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬بتطورها‭ ‬العلمي‭ ‬والتكنولوجي،‭ ‬إنما‭ ‬أيضاً‭ ‬بقدرتها‭ ‬على‭ ‬إدارة‭ ‬الأزمات‭ ‬بفاعلية‭ ‬وكفاءة،‭ ‬وتحويلها‭ ‬إلى‭ ‬فرص‭ ‬للانطلاق‭ ‬إلى‭ ‬نجاحات‭ ‬وإنجازات‭ ‬جديدة،‭ ‬وجاءت‭ ‬أزمة‭ ‬جائحة‭ ‬“كوفيد‭ ‬19”‭ ‬منذ‭ ‬ظهورها‭ ‬نهاية‭ ‬العام‭ ‬2019‭ ‬وحتى‭ ‬وقتنا‭ ‬الراهن‭ ‬لتكشف‭ ‬ذلك‭ ‬بوضوح،‭ ‬فقد‭ ‬أظهرت‭ ‬أن‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تمتلك‭ ‬منظومة‭ ‬قوية‭ ‬وفاعلة‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬الأزمات‭ ‬والاستعداد‭ ‬الاستباقي‭ ‬لها‭ ‬وامتلاك‭ ‬أدواتها‭ ‬هي‭ ‬القادرة‭ ‬على‭ ‬تخفيف‭ ‬تداعياتها‭ ‬السلبية‭ ‬وتحقيق‭ ‬التعافي‭ ‬السريع‭ ‬والمستدام‭ ‬منها،‭ ‬وقدمت‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬نموذجاً‭ ‬ملهماً‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الشأن،‭ ‬ففي‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬فيه‭ ‬هذه‭ ‬الأزمة‭ ‬تلقي‭ ‬بتداعياتها‭ ‬السلبية‭ ‬على‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬على‭ ‬الصعد‭ ‬كافة،‭ ‬الصحية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والاجتماعية،‭ ‬وتبحث‭ ‬عن‭ ‬حلول‭ ‬لمواجهتها‭ ‬وتخفيف‭ ‬آثارها،‭ ‬فإن‭ ‬الإمارات‭ ‬تجاوزت‭ ‬ذلك‭ ‬سريعاً،‭ ‬وواصلت‭ ‬تنفيذ‭ ‬خططها‭ ‬التنموية‭ ‬ومشروعاتها‭ ‬الكبرى‭ ‬في‭ ‬المجالات‭ ‬كافة‭.‬

وإذ‭ ‬كانت‭ ‬المؤشرات‭ ‬الدولية‭ ‬تحمل‭ ‬في‭ ‬دلالاتها‭ ‬الوجه‭ ‬الآخر‭ ‬للإنجاز‭ ‬والتفوق،‭ ‬فإن‭ ‬الإمارات‭ ‬جاءت‭ ‬في‭ ‬صدارة‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المؤشرات‭ ‬الدولية‭ ‬الخاصة‭ ‬بالتعافي‭ ‬من‭ ‬جائحة‭ ‬كوفيد‭ ‬19،‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬الجوانب‭ ‬الصحية‭ ‬وتعزيز‭ ‬المناعة‭ ‬المجتمعية،‭ ‬إنما‭ ‬أيضاً‭ ‬في‭ ‬الجوانب‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬فقد‭ ‬احتلت‭ ‬قمة‭ ‬الترتيب‭ ‬العالمي‭ ‬لمعدل‭ ‬التطعيم‭ ‬ضد‭ ‬فيروس‭ ‬“كورونا”‭ ‬المستجد‭ ‬وفقاً‭ ‬لتصنيف‭ ‬حديث‭ ‬صدر‭ ‬عن‭ ‬صحيفة‭ ‬“نيويورك‭ ‬تايمز”‭ ‬الأميركية،‭ ‬كما‭ ‬حققت‭ ‬الاستثمارات‭ ‬الأجنبية‭ ‬المباشرة‭ ‬الواردة‭ ‬إلى‭ ‬الإمارات‭ ‬نمواً‭ ‬بنسبة‭ ‬44‭.‬2‭ % ‬خلال‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭ ‬2020‭ ‬مقارنة‭ ‬بعام‭ ‬2019،‭ ‬حيث‭ ‬بلغت‭ ‬19‭.‬88‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬وذلك‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬تداعيات‭ ‬الجائحة،‭ ‬وارتفع‭ ‬الرصيد‭ ‬التراكمي‭ ‬لتدفقات‭ ‬الاستثمار‭ ‬الأجنبي‭ ‬المباشر‭ ‬لنحو‭ ‬174‭ ‬مليار‭ ‬دولار،‭ ‬بنسبة‭ ‬نمو‭ ‬12‭.‬9‭ % ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬ذاتها،‭ ‬كما‭ ‬استطاع‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الإماراتي‭ ‬خلق‭ ‬100‭ ‬ألف‭ ‬وظيفة‭ ‬بقطاع‭ ‬التجزئة‭ ‬والتجارة‭ ‬الإلكترونية‭ ‬و148‭ ‬ألف‭ ‬وظيفة‭ ‬بقطاع‭ ‬المالية‭ ‬والتقنية‭ ‬والاتصالات‭.‬

ستظل‭ ‬أزمة‭ ‬جائحة‭ ‬كوفيد‭ ‬19،‭ ‬رغم‭ ‬ما‭ ‬تثيره‭ ‬من‭ ‬مآس‭ ‬إنسانية‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬العالم،‭ ‬اختباراً‭ ‬حقيقيا‭ ‬لقياس‭ ‬قوة‭ ‬الدول،‭ ‬ومؤشراً‭ ‬لتقييم‭ ‬منظومتها‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬الأزمات‭ ‬والتعافي‭ ‬المستدام‭ ‬منها،‭ ‬وقد‭ ‬نجحت‭ ‬الإمارات‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الاختبار‭ ‬بكفاءة‭ ‬عالية،‭ ‬وقدمت‭ ‬تجربة‭ ‬يحتذى‭ ‬بها‭ ‬للآخرين‭ ‬في‭ ‬الإدارة‭ ‬الفاعلة‭ ‬والرشيدة‭ ‬للأزمات،‭ ‬والاستعداد‭ ‬الاستباقي‭ ‬للمستقبل،‭ ‬تكفي‭ ‬الإشارة‭ ‬هنا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الإمارات‭ ‬جاءت‭ ‬في‭ ‬مقدمة‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬التي‭ ‬بدأت‭ ‬مبكراً‭ ‬جهود‭ ‬التعافي‭ ‬المستدام‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الجائحة،‭ ‬بل‭ ‬وقادت‭ ‬الجهود‭ ‬العالمية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الشأن،‭ ‬حينما‭ ‬أعلنت‭ ‬عن‭ ‬هيكلة‭ ‬حكومتها‭ ‬لتواكب‭ ‬الأولويات‭ ‬الجديدة‭ ‬لعالم‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬كورونا‭.‬