سوالف

إشاعات السوشال ميديا... مفتاح الفوضى والخطيئة المميتة

| أسامة الماجد

يقول‭ ‬الدكتور‭ ‬إريك‭ ‬بيرن‭ ‬في‭ ‬كتابه‭ ‬الشهير‭ ‬“الألعاب‭ ‬التي‭ ‬يمارسها‭ ‬الناس”‭.. ‬إن‭ ‬الإنسان‭ ‬يتحرك‭ ‬في‭ ‬حياته‭ ‬مستجيبا‭ ‬لعدد‭ ‬من‭ ‬المنبهات،‭ ‬ساعيا‭ ‬إلى‭ ‬سد‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الاحتياجات‭ ‬الأساسية،‭ ‬وأشهر‭ ‬هذه‭ ‬الاحتياجات‭ ‬ما‭ ‬يطلق‭ ‬عليه‭ ‬“جوع‭ ‬الطعام”،‭ ‬هذا‭ ‬المنبه‭ ‬يعتبر‭ ‬المنبه‭ ‬الأول‭ ‬الذي‭ ‬يدفع‭ ‬الإنسان‭ ‬إلى‭ ‬النشاط‭ ‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬تخلقه‭.‬

أعكس‭ ‬كلام‭ ‬الدكتور‭ ‬إريك‭ ‬بيرن‭ ‬وأقول،‭ ‬لدينا‭ ‬في‭ ‬مجتمعنا‭ ‬نماذج‭ ‬بشرية‭ ‬عندها‭ ‬جوع‭ ‬نشر‭ ‬الأخبار‭ ‬المثيرة‭ ‬بدون‭ ‬التأكد‭ ‬من‭ ‬صحتها‭ ‬في‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬وتتصرف‭ ‬بغرابة‭ ‬وحرية‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬مدى‭ ‬سلامة‭ ‬وصحة‭ ‬الأخبار‭ ‬التي‭ ‬تنشر،‭ ‬وهم‭ ‬أشبه‭ ‬بمن‭ ‬يحملون‭ ‬على‭ ‬أكتافهم‭ ‬صناديق‭ ‬من‭ ‬الثرثرة‭ ‬والأقاويل‭ ‬ويوزعونها‭ ‬على‭ ‬الناس‭ ‬من‭ ‬مخابئهم‭ ‬خلف‭ ‬الهاتف‭ ‬أو‭ ‬الحاسوب،‭ ‬فقد‭ ‬حولوا‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬إلى‭ ‬ملعب‭ ‬أو‭ ‬غرفة‭ ‬عمليات‭ ‬أو‭ ‬مطبخ‭ ‬لطبخ‭ ‬ونشر‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬وهذا‭ ‬الطقس‭ ‬عندهم‭ ‬أشبه‭ ‬بطقوس‭ ‬العبادة‭.‬

ليت‭ ‬هؤلاء‭ ‬يعرفون‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬ينشرونه‭ ‬في‭ ‬حساباتهم‭ ‬دون‭ ‬التأكد‭ ‬من‭ ‬صحة‭ ‬الخبر‭ ‬والرجوع‭ ‬إلى‭ ‬المصدر‭ ‬الرسمي،‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬له‭ ‬أثر‭ ‬عكسي‭ ‬على‭ ‬المجتمع،‭ ‬فلربما‭ ‬يعمل‭ ‬على‭ ‬بث‭ ‬الخوف‭ ‬والرهبة‭ ‬في‭ ‬نفوس‭ ‬المواطنين،‭ ‬وسبق‭ ‬أن‭ ‬ذكرت‭ ‬قبل‭ ‬مدة‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬شخص‭ ‬استشف‭ ‬المدى‭ ‬والطريق‭ ‬وعرف‭ ‬له‭ ‬كلمتين‭ ‬فتح‭ ‬له‭ ‬حسابا‭ ‬في‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬وأطلق‭ ‬عليه‭ ‬الاسم‭ ‬الفلاني‭ ‬واختار‭ ‬له‭ ‬شعارا‭ ‬وتصور‭ ‬نفسه‭ ‬أنه‭ ‬الصحافي‭ ‬الذي‭ ‬يبحث‭ ‬عن‭ ‬السرعة‭ ‬والسبق،‭ ‬وأنه‭ ‬مصدر‭ ‬موثوق‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬سينشره‭ ‬سيلقى‭ ‬رواجا‭ ‬لدى‭ ‬الناس،‭ ‬ويتعمد‭ ‬نشر‭ ‬الأخبار‭ ‬المثيرة‭ ‬بدون‭ ‬التأكد‭ ‬من‭ ‬صحتها،‭ ‬وهذا‭ ‬هو‭ ‬الأسلوب‭ ‬المعروف‭ ‬حاليا،‭ ‬فالقضية‭ ‬الأهم‭ ‬عندهم‭ ‬هي‭ ‬الإثارة،‭ ‬والبعض‭ ‬لا‭ ‬يتردد‭ ‬في‭ ‬عمل‭ ‬أساليب‭ ‬إحصائية‭ ‬غريبة‭ ‬ويقحم‭ ‬نفسه‭ ‬في‭ ‬أمور‭ ‬لا‭ ‬يفقه‭ ‬فيها‭ ‬أبدا‭.‬

إن‭ ‬هذه‭ ‬اللامبالاة‭ ‬السبب‭ ‬الرئيسي‭ ‬في‭ ‬انتشار‭ ‬الإشاعات‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬وعمودها‭ ‬الفقري،‭ ‬ومفتاح‭ ‬الفوضى‭ ‬والخطيئة‭ ‬المميتة،‭ ‬ولابد‭ ‬من‭ ‬وقفة‭ ‬حازمة‭ ‬من‭ ‬الجهات‭ ‬المختصة‭ ‬لردع‭ ‬هذه‭ ‬الحسابات‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬مثل‭ ‬النار‭ ‬المستعرة‭.‬