تعُّقبُ الأزواج.. شقاءٌ اختياري!

| هدى حرم

تُراقبُ‭ ‬تعابيرَ‭ ‬وجهه‭ ‬كلما‭ ‬تلقَّى‭ ‬رسالةً‭ ‬على‭ ‬هاتفه‭ ‬المحمول‭ ‬أو‭ ‬انخرط‭ ‬في‭ ‬حوارٍ‭ ‬على‭ ‬برنامج‭ ‬الواتس‭ ‬آب،‭ ‬وتتفحصُ‭ ‬ملابسه‭ ‬للكشف‭ ‬عن‭ ‬آثارٍ‭ ‬لجريمةٍ‭ ‬لمْ‭ ‬تُرتكب‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬دماغها‭ ‬المزدحم‭ ‬بالسيناريوهات‭ ‬والصور،‭ ‬وقد‭ ‬تشتمُّ‭ ‬ملابسَه‭ ‬للتأكد‭ ‬من‭ ‬أنها‭ ‬لا‭ ‬تفوحُ‭ ‬برائحةٍ‭ ‬نسائيةٍ‭ ‬بأيِّ‭ ‬شكلٍ‭ ‬من‭ ‬الأشكال،‭ ‬وقد‭ ‬لا‭ ‬تكتفي‭ ‬بذلك‭ ‬وحسب،‭ ‬لكنها‭ ‬تتجاوزُ‭ ‬حدودها‭ ‬بتحميلِ‭ ‬برامج‭ ‬للتعقبِ‭ ‬في‭ ‬جوالها،‭ ‬ودونَ‭ ‬أنْ‭ ‬يُدرك‭ ‬تصطاده‭ ‬أينما‭ ‬ذهب‭ ‬وتضبطه‭ ‬بالجرم‭ ‬المشهود‭ ‬حقيقةً‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬أو‭ ‬خيالاً‭ ‬نسجته‭ ‬وحدها‭ ‬في‭ ‬مُخيلتها‭ ‬المُتعَبة‭ ‬لا‭ ‬غير‭.‬

شقاءٌ‭ ‬لا‭ ‬داعي‭ ‬له‭ ‬البتَّة،‭ ‬وانغماسٌ‭ ‬في‭ ‬الهم‭ ‬والخوفِ‭ ‬والترقب‭ ‬والغيرة‭ ‬المريضة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تُؤذي‭ ‬سواها،‭ ‬وحريٌ‭ ‬بها‭ ‬أنْ‭ ‬تدعهُ‭ ‬وشأنه،‭ ‬لا‭ ‬أنْ‭ ‬تُنقِّبَ‭ ‬خلفه‭ ‬وتحفرَ‭ ‬تحت‭ ‬قدميه‭ ‬للبحث‭ ‬عن‭ ‬آثارِ‭ ‬خيانةٍ،‭ ‬أو‭ ‬لاكتشافِ‭ ‬أخرى‭ ‬أو‭ ‬أخريات‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬زوجها،‭ ‬ماذا‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬صحيحاً،‭ ‬لِم‭ ‬تلهثُ‭ ‬نحو‭ ‬خرابِ‭ ‬عِشِّها‭ ‬الهادئ‭ ‬وخسارةِ‭ ‬زوجٍ‭ ‬قد‭ ‬يكونُ‭ ‬انجرَّ‭ ‬فعلاً‭ ‬لنزوةٍ‭ ‬عابرة،‭ ‬سيعودُ‭ ‬بعدها‭ ‬لرشده‭ ‬عاجلاً‭ ‬أو‭ ‬آجلا؟‭ ‬لِمَ‭ ‬تجلبُ‭ ‬بعضُ‭ ‬النساء‭ ‬الشقاءَ‭ ‬والتعاسة‭ ‬لنفسها‭ ‬بالشك‭ ‬والغيرةِ‭ ‬العمياء‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬يجدرُ‭ ‬بها‭ ‬أنْ‭ ‬تكونَ‭ ‬عمياءَ‭ ‬بكماءَ‭ ‬صماء‭ ‬عن‭ ‬نزواتِ‭ ‬رجُلِها‭ ‬لتحيا‭ ‬بسعادة؟

ولا‭ ‬نقولُ‭ ‬إنَّ‭ ‬الرجالَ‭ ‬خونةٌ‭ ‬بالمجمل،‭ ‬لكنهم‭ ‬مُعرَّضون‭ ‬للجذبِ‭ ‬والإغراء‭ ‬من‭ ‬الخارج،‭ ‬وعليه‭ ‬فإنَّ‭ ‬الصورةَ‭ ‬النمطية‭ ‬الراسخة‭ ‬عن‭ ‬الرجال‭ ‬هي‭ ‬أنهم‭ ‬“بصَّاصون”‭ ‬لا‭ ‬تملأُ‭ ‬عيونهم‭ ‬امرأةٌ‭ ‬واحدة،‭ ‬هذه‭ ‬الصورةُ،‭ ‬بالإضافة‭ ‬لفقدانِ‭ ‬بعض‭ ‬النساء‭ ‬ثقتهنَّ‭ ‬بذواتهن،‭ ‬نتيجةَ‭ ‬عدمِ‭ ‬تقدير‭ ‬أزواجهن‭ ‬لهن‭ ‬بالأقوال‭ ‬أو‭ ‬الأفعال،‭ ‬تقودان‭ ‬تلك‭ ‬الزوجات‭ ‬للخوفِ‭ ‬من‭ ‬دخولِ‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬أزواجهن‭. ‬في‭ ‬نهايةِ‭ ‬المطاف‭ ‬لا‭ ‬تمتلكُ‭ ‬المرأةُ‭ ‬الرجل،‭ ‬كما‭ ‬لا‭ ‬يمتلكُ‭ ‬الرجلُ‭ ‬المرأة،‭ ‬فقد‭ ‬خُلقوا‭ ‬جميعا‭ ‬أحراراً،‭ ‬وعلى‭ ‬الزوجة‭ ‬أنْ‭ ‬تعيَ‭ ‬أنَّ‭ ‬أساليبَ‭ ‬المراقبةِ‭ ‬التي‭ ‬تجتهدُ‭ ‬في‭ ‬تطويرها،‭ ‬ليست‭ ‬سوى‭ ‬معول‭ ‬لهدمِ‭ ‬بيت‭ ‬الزوجيةِ‭ ‬الذي‭ ‬يجب‭ ‬أنْ‭ ‬يقومَ‭ ‬على‭ ‬الاحترامِ‭ ‬المتبادل‭ ‬وحسن‭ ‬المعاملة‭ ‬والحب‭ ‬والثقة؛‭ ‬فلتدعْ‭ ‬الزوجاتُ‭ ‬أزواجهن‭ ‬دون‭ ‬قيودٍ‭ ‬أو‭ ‬رقابة،‭ ‬فتلك‭ ‬القيودُ‭ ‬وتلك‭ ‬الرقابةُ‭ ‬تجعلهم‭ ‬يقاومون‭ ‬الهيمنةَ‭ ‬والتحكم،‭ ‬ليخرجوا‭ ‬من‭ ‬مركزِ‭ ‬الزوجية‭ ‬الطاردِ‭ ‬إلى‭ ‬محيطهِ‭ ‬الجاذب،‭ ‬فالممنوع‭ ‬مرغوب‭. ‬ثم‭ ‬لماذا‭ ‬تُغلِقُ‭ ‬النسوةُ‭ ‬على‭ ‬رجالاتِ‭ ‬حياتهن‭ ‬بالأقفال‭ ‬وتُوجهُ‭ ‬عدساتِ‭ ‬الرقيب‭ ‬نحوهم‭ ‬وكأنهم‭ ‬لا‭ ‬شبيه‭ ‬لهم‭ ‬بالكون‭ ‬ولا‭ ‬نظير،‭ ‬ظناً‭ ‬منهن‭ ‬أنهن‭ ‬قادرات‭ ‬على‭ ‬منعهم‭ ‬من‭ ‬معرفة‭ ‬أخرى‭ ‬أو‭ ‬الاقترانِ‭ ‬بها،‭ ‬وينسينَ‭ ‬أنَّ‭ ‬الرجلَ‭ ‬يفعل‭ ‬ما‭ ‬يريد‭ ‬إذا‭ ‬قرر‭ ‬ذلك‭. ‬نصحيتي‭ ‬لهذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬النساء،‭ ‬ثِقْنَ‭ ‬بأنفسكنَّ‭ ‬وتحلَّينَ‭ ‬بالقوة‭ ‬وتوقفنَ‭ ‬عن‭ ‬جلدِ‭ ‬ذواتكُنَّ‭ ‬وتعذيبها‭ ‬بالشك‭ ‬الفارغ‭ ‬والغيرة‭ ‬القاتلة‭ ‬التي‭ ‬تُشْقيكنَّ‭ ‬ليس‭ ‬إلا،‭ ‬وتشغلكن‭ ‬بالبحث‭ ‬وتقصي‭ ‬تحركات‭ ‬أزواجكن،‭ ‬بدلَ‭ ‬أنْ‭ ‬تشغلنَ‭ ‬أنفسكن‭ ‬بتهيئة‭ ‬عش‭ ‬الزوجية‭ ‬بشتَّى‭ ‬أنواع‭ ‬الراحةِ‭ ‬والسعادة‭.‬