ومضة قلم

المتطوعون... تضحيات عظيمة وجهود استثنائية

| محمد المحفوظ

جهود‭ ‬كبيرة‭ ‬واستثنائية‭ ‬ينهض‭ ‬بها‭ ‬الفريق‭ ‬الوطني‭ ‬للتصدّي‭ ‬لجائحة‭ ‬كورونا،‭ ‬وتضحيات‭ ‬عظيمة‭ ‬لهم‭ ‬تستحق‭ ‬الإكبار‭ ‬والتقدير،‭ ‬فحين‭ ‬كان‭ ‬الخطر‭ ‬محدقا‭ ‬بالجميع‭ ‬كانت‭ ‬المبادرة‭ ‬بالتطوع‭ ‬أمرا‭ ‬حتميا،‭ ‬فهرع‭ ‬المئات‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬المواقع‭ ‬كالحجر‭ ‬الصحيّ‭ ‬ومواقع‭ ‬الفحص‭ ‬المختلفة‭ ‬وغيرها،‭ ‬فاستحقوا‭ ‬بذلك‭ ‬التقدير‭ ‬الكبير،‭ ‬وسَرّنا‭ ‬بالطبع‭ ‬أن‭ ‬يشيد‭ ‬وكيل‭ ‬وزارة‭ ‬الصحة‭ ‬بالمتطوعين،‭ ‬خصوصا‭ ‬من‭ ‬هم‭ ‬في‭ ‬الصفوف‭ ‬الأمامية‭ ‬الذين‭ ‬سطروا‭ ‬أروع‭ ‬الأمثلة‭ ‬في‭ ‬العطاء،‭ ‬وبالتالي‭ ‬فإنّ‭ ‬لهم‭ ‬الأولوية‭ ‬في‭ ‬التوظيف‭ ‬بما‭ ‬يتناسب‭ ‬مع‭ ‬مؤهلاتهم‭ ‬وخبراتهم‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الصحيّ،‭ ‬ورغم‭ ‬التطمينات‭ ‬الصادرة‭ ‬عن‭ ‬الوزارة‭ ‬بأنّ‭ ‬الكوادر‭ ‬الوطنية‭ ‬لها‭ ‬الخيار‭ ‬الأول‭ ‬والفرص‭ ‬الوظيفية‭ ‬إلا‭ ‬أنهم‭ ‬فوجئوا‭ ‬بإحلال‭ ‬آخرين‭ ‬في‭ ‬مواقع‭ ‬كانوا‭ ‬الأحق‭ ‬والأجدر‭ ‬بها‭.‬

وأسعدتنا‭ ‬استجابة‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬أعضاء‭ ‬المجلس‭ ‬النيابيّ‭ ‬مع‭ ‬الإخوة‭ ‬المتطوعين‭ ‬بمطالبتهم‭ ‬بوضع‭ ‬آلية‭ ‬واضحة‭ ‬للاستفادة‭ ‬من‭ ‬المتطوعين‭ ‬ضمن‭ ‬الصفوف‭ ‬الأمامية‭ ‬لمكافحة‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا‭ ‬منذ‭ ‬ما‭ ‬يزيد‭ ‬على‭ ‬سنة‭ ‬ونصف‭ ‬السنة‭ ‬بتوظيفهم‭ ‬أو‭ ‬تقديم‭ ‬مكافآت‭ ‬لهم‭ ‬بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬أنّ‭ ‬تضحياتهم‭ ‬تفوق‭ ‬ما‭ ‬يقدمه‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬المتطوعين‭ ‬الآخرين‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مجال‭ ‬آخر‭ ‬معرضين‭ ‬حياتهم‭ ‬للخطر‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬وقت،‭ ‬وغني‭ ‬عن‭ ‬الذكر‭ ‬أنّ‭ ‬شبابنا‭ ‬من‭ ‬الجنسين‭ ‬كانوا‭ ‬دوما‭ ‬على‭ ‬أهبة‭ ‬الاستعداد‭ ‬وفي‭ ‬أشد‭ ‬الأوقات‭ ‬لنداءات‭ ‬الدّولة،‭ ‬وتطوع‭ ‬العشرات‭ ‬منهم‭ ‬ينم‭ ‬عن‭ ‬روح‭ ‬وطنية‭ ‬عالية،‭ ‬وأتذكر‭ ‬أنّ‭ ‬أحد‭ ‬المتطوعين‭ ‬من‭ ‬العاملين‭ ‬في‭ ‬التمريض‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬تقاعد‭ ‬منذ‭ ‬أمد‭ ‬قصير‭ ‬بعد‭ ‬عناء‭ ‬سنوات‭ ‬وبخلاف‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يتبادر‭ ‬إلى‭ ‬الأذهان‭ ‬بالركون‭ ‬إلى‭ ‬الراحة‭ ‬فإنه‭ ‬آثر‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬يلتحق‭ ‬بالصفوف‭ ‬الأمامية‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬عمل‭ ‬قياسية‭ ‬تمتد‭ ‬إلى‭ ‬12‭ ‬ساعة‭ ‬متواصلة‭.‬

ورغم‭ ‬أنّ‭ ‬المتطوعين‭ ‬يدركون‭ ‬أنّ‭ ‬تواجدهم‭ ‬في‭ ‬الأمام‭ ‬يعني‭ ‬أنهم‭ ‬في‭ ‬دائرة‭ ‬الخطر،‭ ‬لكننيّ‭ ‬أستذكر‭ ‬ما‭ ‬صرّحت‭ ‬به‭ ‬إحدى‭ ‬الطبيبات‭ ‬المتطوعات‭ ‬وهي‭ ‬تمارس‭ ‬مهمتها‭ ‬في‭ ‬الحجر‭ ‬الصحي‭ ‬في‭ ‬الحد‭ ‬الذي‭ ‬يبعد‭ ‬عن‭ ‬منطقة‭ ‬سكنها‭ ‬ثلاثين‭ ‬دقيقة‭.. ‬تقول‭ ‬“شعرت‭ ‬كما‭ ‬لو‭ ‬أنني‭ ‬درست‭ ‬السنوات‭ ‬السبع‭ ‬في‭ ‬كلية‭ ‬الطب‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬هذه‭ ‬اللحظة،‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬أمامي‭ ‬سوى‭ ‬خيار‭ ‬التطوع‭ ‬لخدمة‭ ‬شعبي‭ ‬وبلدي،‭ ‬وكان‭ ‬هدفي‭ ‬شفاء‭ ‬كل‭ ‬مريض‭ ‬من‭ ‬كورونا،‭ ‬ما‭ ‬جعل‭ ‬والدي‭ ‬فخورا‭ ‬بيّ”،‭ ‬حيث‭ ‬تقضي‭ ‬الطبيبة‭ ‬مريم‭ ‬من‭ ‬8‭ ‬إلى‭ ‬12‭ ‬ساعة‭ ‬في‭ ‬اليوم‭ ‬تطوعا‭.‬