ما وراء الحقيقة

عودة سوريا للحضن العربي

| د. طارق آل شيخان الشمري

عندما‭ ‬بدأت‭ ‬مؤامرة‭ ‬الربيع‭ ‬العربي‭ ‬وضربت‭ ‬عالمنا‭ ‬العربي،‭ ‬كانت‭ ‬سوريا‭ ‬ضمن‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬ضربت‭ ‬بهذه‭ ‬المؤامرة،‭ ‬وكان‭ ‬كاتب‭ ‬هذه‭ ‬السطور‭ ‬من‭ ‬الداعمين‭ ‬لما‭ ‬كان‭ ‬يسمى‭ ‬بالثورة‭ ‬السورية،‭ ‬بسبب‭ ‬دعمه‭ ‬موضوعا‭ ‬واحدا‭ ‬ألا‭ ‬وهو‭ ‬الارتباط‭ ‬الوثيق‭ ‬بين‭ ‬نظام‭ ‬الرئيس‭ ‬بشار‭ ‬الأسد‭ ‬مع‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني،‭ ‬وليس‭ ‬مطلقا‭ ‬إيمانه‭ ‬بما‭ ‬يسمى‭ ‬بالديمقراطية‭ ‬التي‭ ‬تخفت‭ ‬فيها‭ ‬هذه‭ ‬المؤامرة،‭ ‬على‭ ‬العموم،‭ ‬عندما‭ ‬علقت‭ ‬الجامعة‭ ‬العربية‭ ‬مقعد‭ ‬سوريا‭ ‬سعى‭ ‬النظام‭ ‬السوري‭ ‬إلى‭ ‬الارتباط‭ ‬أكثر‭ ‬وأكثر‭ ‬مع‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني،‭ ‬وهذا‭ ‬أيضا‭ ‬خطأ‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬سوريا‭ ‬العروبة،‭ ‬ولهذا،‭ ‬فإننا‭ ‬نرى‭ ‬الآن‭ ‬التحالف‭ ‬الثلاثي‭ ‬العربي‭ ‬مصر‭ ‬والسعودية‭ ‬والإمارات،‭ ‬يحاول‭ ‬بجد‭ ‬وإخلاص‭ ‬أن‭ ‬يعيد‭ ‬سوريا‭ ‬للحضن‭ ‬العربي،‭ ‬لكن‭ ‬لماذا‭ ‬هذا‭ ‬الإصرار‭ ‬من‭ ‬التحالف‭ ‬العربي‭ ‬لعودة‭ ‬سوريا؟

هناك‭ ‬سبب‭ ‬مشترك‭ ‬لهذا‭ ‬التحالف،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬سببا‭ ‬خاصا‭ ‬لكل‭ ‬دولة‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الدول،‭ ‬فالإمارات‭ ‬سببها‭ ‬يكمن‭ ‬في‭ ‬أنها‭ ‬تريد‭ ‬قطع‭ ‬الطريق‭ ‬على‭ ‬الهلال‭ ‬الخميني‭ ‬الذي‭ ‬يعتبر‭ ‬العمود‭ ‬الفقري‭ ‬لإيران‭ ‬في‭ ‬احتلال‭ ‬الأمة‭ ‬العربية‭ ‬وزيادة‭ ‬توسعها،‭ ‬فإيران‭ ‬تتفاخر‭ ‬باحتلالها‭ ‬العراق‭ ‬وسوريا‭ ‬ولبنان،‭ ‬وإذا‭ ‬ما‭ ‬تم‭ ‬قطع‭ ‬الطريق‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬فإن‭ ‬ذلك‭ ‬سيجعلها‭ ‬في‭ ‬مأزق،‭ ‬لهذا‭ ‬كانت‭ ‬الإمارات‭ ‬على‭ ‬تواصل‭ ‬دائم‭ ‬مع‭ ‬سوريا‭ ‬لعودتها‭ ‬للعرب،‭ ‬والسعودية‭ ‬لديها‭ ‬رؤية‭ ‬2030‭ ‬وشرق‭ ‬أوسط‭ ‬جديد‭ ‬أساسه‭ ‬عالم‭ ‬عربي‭ ‬مستقر‭ ‬ومزدهر‭ ‬لأبنائه،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬دفعها‭ ‬للتواصل‭ ‬مع‭ ‬سوريا‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬عودة‭ ‬العلاقات‭ ‬بينهما‭ ‬وفتح‭ ‬سفاراتيهما‭ ‬بدمشق‭ ‬والرياض،‭ ‬وبخصوص‭ ‬مصر‭ ‬فإنها‭ ‬تدرك‭ ‬أن‭ ‬استمرار‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬سيوفر‭ ‬مرتعا‭ ‬خصبا‭ ‬للتنظيمات‭ ‬الإرهابية‭ ‬كداعش‭ ‬والقاعدة‭ ‬وجبهة‭ ‬النصرة‭ ‬وأحرار‭ ‬الشام‭ ‬وغيرها،‭ ‬والتي‭ ‬تستهدف‭ ‬بالدرجة‭ ‬الأولى‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬خدمة‭ ‬لإيران‭ ‬وتركيا‭.‬

وبالنسبة‭ ‬للسبب‭ ‬المشترك‭ ‬لهذه‭ ‬الدول‭ ‬في‭ ‬ضرورة‭ ‬استرداد‭ ‬سوريا‭ ‬للعالم‭ ‬العربي،‭ ‬فيتمثل‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬التحالف‭ ‬الشعوبي‭ ‬الإيراني‭ ‬العثماني‭ ‬لاحتلال‭ ‬وتقسيم‭ ‬الأمة‭ ‬العربية‭ ‬ومسخ‭ ‬هويتها،‭ ‬والذي‭ ‬قاد‭ ‬ودعم‭ ‬مؤامرة‭ ‬الربيع‭ ‬العربي‭ ‬ومزق‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬وأشاع‭ ‬الفوضى‭ ‬وقتل‭ ‬وهجر‭ ‬أبناء‭ ‬الأمة‭ ‬العربية،‭ ‬أما‭ ‬سوريا‭ ‬فمطالبة‭ ‬الآن‭ ‬بالعودة‭ ‬لحضنها‭ ‬العربي‭ ‬التاريخي‭ ‬ونبذ‭ ‬إيران‭ ‬ومؤامراتها‭.‬