جيل السبعينات والثمانينات

| فرات البسام

أحترم‭ ‬كل‭ ‬الأجيال،‭ ‬لكن‭ ‬لم‭ ‬يخطر‭ ‬في‭ ‬بال‭ ‬أحد‭ ‬أن‭ ‬جيل‭ ‬السبعينات‭ ‬والثمانينات‭ ‬سيدخل‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬بصراع‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬نشأ‭ ‬على‭ ‬روح‭ ‬قومية‭ ‬عربية‭ ‬بعيدة‭ ‬عن‭ ‬الأحزاب‭ ‬والتحزب،‭ ‬بل‭ ‬القومية‭ ‬الفطرية‭ ‬والحب‭ ‬العربي‭ ‬العذري‭ ‬البعيد‭ ‬عن‭ ‬السياسة‭ ‬عاش‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬نهضة‭ ‬ثقافية‭ ‬وأدبية‭ ‬واجتماعية‭ ‬واقتصادية‭ ‬في‭ ‬الوطن‭ ‬العربي،‭ ‬في‭ ‬عهدهم‭ ‬نشأت‭ ‬اتفاقيات‭ ‬ثنائية‭ ‬عربية‭ ‬ومنها‭ ‬خليجية‭ ‬وهذه‭ ‬الملامح‭ ‬لم‭ ‬تعجب‭ ‬الغرب،‭ ‬وبدأ‭ ‬المخطط‭ ‬الغربي‭ ‬في‭ ‬تفريق‭ ‬الأمة‭ ‬العربية‭ ‬وتقسيمها،‭ ‬وفي‭ ‬بداية‭ ‬الثورة‭ ‬في‭ ‬إيران‭ ‬نشبت‭ ‬الحرب‭ ‬العراقية‭ ‬الإيرانية‭ ‬التي‭ ‬أعادت‭ ‬وحدة‭ ‬العرب‭ ‬حيث‭ ‬اتجهت‭ ‬المشاعر‭ ‬العربية‭ ‬نحو‭ ‬البلد‭ ‬العربي‭ ‬الذي‭ ‬يحارب‭ ‬الفرس،‭ ‬وأصبحت‭ ‬حرب‭ ‬العراق‭ ‬وإيران‭ ‬الحرب‭ ‬القومية‭ ‬التي‭ ‬أعادت‭ ‬إلى‭ ‬الأذهان‭ ‬صراع‭ ‬الفرس‭ ‬مع‭ ‬العرب‭ ‬حتى‭ ‬قبل‭ ‬الإسلام،‭ ‬وانتهت‭ ‬الحرب‭ ‬بفرحة‭ ‬الانتصار‭ ‬العربي‭ ‬على‭ ‬الفرس‭.‬

لكن‭ ‬كانت‭ ‬الفرحة‭ ‬بمثابة‭ ‬رصاصة‭ ‬توجهت‭ ‬إلى‭ ‬شقيق‭ ‬عربي‭ ‬وهو‭ ‬الكويت،‭ ‬فكان‭ ‬غزو‭ ‬العراق‭ ‬للكويت‭ ‬البذرة‭ ‬الأولى‭ ‬لصناعة‭ ‬الفرقة‭ ‬العربية‭ ‬المنتظرة‭ ‬بعد‭ ‬عقود‭ ‬من‭ ‬الاتحاد‭ ‬القومي‭ ‬العربي،‭ ‬وبالطبع‭ ‬أول‭ ‬المتأثرين‭ ‬هم‭ ‬جيل‭ ‬السبعينات‭ ‬والثمانينات‭ ‬الذين‭ ‬ضحوا‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬بناء‭ ‬عقود‭ ‬الحب‭ ‬التي‭ ‬رسمتها‭ ‬تلك‭ ‬الأجيال،‭ ‬والذين‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬لهم‭ ‬رمزية‭ ‬في‭ ‬عهدهم‭ ‬لأنهم‭ ‬صنعوا‭ ‬الحب‭ ‬والانتصار،‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬الجيل‭ ‬من‭ ‬عاصر‭ ‬النهضة‭ ‬الشعرية‭ ‬والأدبية‭ ‬وعاصر‭ ‬النغمة‭ ‬الجميلة‭ ‬لفيروز‭ ‬ومن‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الجيل‭ ‬لا‭ ‬يسمع‭ ‬لفيروز‭ ‬صباحا‭ ‬نقول‭ ‬له‭ ‬اذهب‭ ‬لتعيد‭ ‬صياغة‭ ‬نفسك‭ ‬من‭ ‬جديد،‭ ‬وصباح‭ ‬وسعدون‭ ‬جابر‭ ‬والياس‭ ‬خضر‭ ‬ومحمد‭ ‬عبده‭ ‬وعبدالحليم‭ ‬وشادية‭ ‬ونظرات‭ ‬زبيدة‭ ‬ثروت‭ ‬وشجاعة‭ ‬أبوعنتر،‭ ‬وكان‭ ‬لهذا‭ ‬الجيل‭ ‬رموز‭ ‬في‭ ‬وحدة‭ ‬الفن‭ ‬والفكر‭ ‬والمشاعر،‭ ‬لكن‭ ‬خطة‭ ‬لويس‭ ‬بارنرد‭ ‬وبرينجسكي‭ ‬لتقسيم‭ ‬المنطقة‭ ‬أطاحت‭ ‬بكل‭ ‬مشاريع‭ ‬الحب‭ ‬والغزل‭ ‬العربي‭ ‬والأداة‭ ‬التي‭ ‬هدمت‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬بنيناه،‭ ‬ووصلنا‭ ‬اليوم‭ ‬إلى‭ ‬أننا‭ ‬منقسمون‭ ‬على‭ ‬أهلية‭ ‬الأرض‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬ووصلنا‭ ‬إلى‭ ‬انتقاد‭ ‬الفنان‭ ‬والكاتب‭ ‬والأديب‭ ‬والمثقف‭ ‬والطبيب‭ ‬والمهندس‭ ‬العربي‭ ‬حسب‭ ‬جنسيته‭ ‬ودولته،‭ ‬وننظر‭ ‬لموقف‭ ‬بلاده‭ ‬من‭ ‬أية‭ ‬قضية‭ ‬أو‭ ‬خصومة،‭ ‬ووصل‭ ‬بنا‭ ‬الحال‭ ‬إلى‭ ‬ألا‭ ‬نثق‭ ‬بأية‭ ‬كلمة‭ ‬عربية‭ ‬أو‭ ‬مشاعر‭ ‬عربية،‭ ‬ولا‭ ‬حتى‭ ‬طهارة‭ ‬الروح،‭ ‬حيث‭ ‬أصبح‭ ‬لدينا‭ ‬“سايكس‭ ‬بيكو”‭ ‬جديد‭ ‬مخصص‭ ‬للثقة‭ ‬والمشاعر‭ ‬والأحاسيس‭ ‬التي‭ ‬ينظر‭ ‬لها‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬ليست‭ ‬مجرد‭ ‬مؤامرة‭ ‬بل‭ ‬كره‭ ‬بين‭ ‬معظم‭ ‬الشعوب‭ ‬العربية‭ ‬للأسف‭.‬