مواقف الدول لا تقاس بحجمها.. البحرين مثالًا

| عادل عيسى المرزوق

لو‭ ‬عدنا‭ ‬إلى‭ ‬تصريحات‭ ‬ومقولات‭ ‬سامية‭ ‬لعاهل‭ ‬البلاد‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة،‭ ‬في‭ ‬شأن‭ ‬مواقف‭ ‬البحرين‭ ‬الجوهرية‭ ‬والمحورية‭ ‬الثابتة‭ ‬تجاه‭ ‬دعم‭ ‬القضايا‭ ‬العادلة،‭ ‬عربيًّا‭ ‬وإنسانيًّا،‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نلخص‭ ‬بعمق‭ ‬أن‭ ‬مواقف‭ ‬الدول‭ ‬لا‭ ‬تقاس‭ ‬بحجمها‭ ‬الجغرافي،‭ ‬فمملكة‭ ‬البحرين‭ ‬الصغيرة‭ ‬مساحةً،‭ ‬لها‭ ‬حضورها‭ ‬الكبير‭ ‬استنادًا‭ ‬على‭ ‬مواقفها‭ ‬الداعمة‭ ‬لكل‭ ‬ما‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬دعم‭ ‬التعاون‭ ‬والتضامن‭ ‬العربي،‭ ‬والحرص‭ ‬على‭ ‬الاستقرار‭ ‬والسلم‭ ‬الدوليين،‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬العلاقات‭ ‬القائمة‭ ‬على‭ ‬الاحترام‭ ‬المتبادل‭ ‬بين‭ ‬الدول‭.‬

وهذا‭ ‬أمر‭ ‬لا‭ ‬جدال‭ ‬فيه،‭ ‬ولننظر‭ ‬إلى‭ ‬محطات‭ ‬ومراحل‭ ‬تاريخية‭ ‬ومنعطفات‭ ‬مهمة‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬تجلت‭ ‬فيها‭ ‬مواقف‭ ‬البحرين‭ ‬الداعمة‭ ‬للعلاقات‭ ‬الخليجية‭ ‬والعربية‭ ‬والإقليمية‭ ‬والدولية،‭ ‬بل‭ ‬والعمل‭ ‬الحثيث‭ ‬لتوسيع‭ ‬التعاون‭ ‬والعلاقات،‭ ‬والدفاع‭ ‬بموقف‭ ‬واضح‭ ‬عن‭ ‬قضايا‭ ‬ومصالح‭ ‬الأمة‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية،‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نغفل‭ ‬سجل‭ ‬البحرين‭ ‬ومساعيها‭ ‬في‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬حل‭ ‬عادل‭ ‬وشامل‭ ‬يضمن‭ ‬نيل‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬لحقوقه‭ ‬المشروعة‭ ‬ويحقق‭ ‬السلام‭ ‬الدائم‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬

لكن‭ ‬هناك‭ ‬حالة‭ ‬خاصة‭ ‬للغاية،‭ ‬ألا‭ ‬وهي‭ ‬أن‭ ‬البحرين‭ ‬تؤمن‭ ‬بأن‭ ‬الاستقرار‭ ‬والتضامن‭ ‬الخليجي‭ ‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬الشقيقة‭ ‬الكبرى‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬وقيادتها‭ ‬الحكيمة،‭ ‬وأن‭ ‬البحرين‭ ‬بالتأكيد‭ ‬“مع‭ ‬المملكة‭ ‬في‭ ‬السراء‭ ‬والضراء”‭ ‬بما‭ ‬يحقق‭ ‬الاستقرار‭ ‬والازدهار‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬إذن،‭ ‬تلك‭ ‬المقدمة‭ ‬اليسيرة‭ ‬تنقلنا‭ ‬بوضوح‭ ‬إلى‭ ‬موقف‭ ‬البحرين‭ ‬وبيانها‭ ‬الذي‭ ‬استنكر‭ ‬بشدة‭ ‬ما‭ ‬تضمنته‭ ‬التصريحات‭ ‬المسيئة‭ ‬التي‭ ‬أدلى‭ ‬بها‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬والمغتربين‭ ‬في‭ ‬حكومة‭ ‬تصريف‭ ‬الأعمال‭ ‬في‭ ‬الجمهورية‭ ‬اللبنانية‭ ‬شربل‭ ‬وهبة،‭ ‬خلال‭ ‬مقابلة‭ ‬تلفزيونية،‭ ‬تجاه‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬وشعبها‭ ‬ودول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون،‭ ‬ووصفت‭ ‬تلك‭ ‬التصريحات‭ ‬المستهجنة‭ ‬تتنافى‭ ‬مع‭ ‬أبسط‭ ‬الأعراف‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬ولا‭ ‬تنسجم‭ ‬مع‭ ‬العلاقات‭ ‬الأخوية‭ ‬التي‭ ‬تربط‭ ‬شعوب‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬مع‭ ‬الشعب‭ ‬اللبناني‭ ‬الشقيقة‭.‬

ولأن‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬وقيادتها‭ ‬الرشيدة‭ ‬وشعبها‭ ‬الوفي‭ ‬مع‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬بل‭ ‬ومع‭ ‬كل‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬والدول‭ ‬العربية‭ ‬والصديقة‭ ‬في‭ ‬السراء‭ ‬الضراء‭ ‬من‭ ‬منطلقاتها‭ ‬وثوابتها‭ ‬التي‭ ‬رسخها‭ ‬المشروع‭ ‬الإصلاحي‭ ‬لجلالة‭ ‬العاهل‭ ‬في‭ ‬مد‭ ‬الجسور‭ ‬المتينة‭ ‬وتعزيز‭ ‬العلاقات‭ ‬مع‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬على‭ ‬أسس‭ ‬تحقيق‭ ‬مصلحة‭ ‬الشعوب‭ ‬والدول‭ ‬ونمو‭ ‬العلاقات،‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬الموقف‭ ‬يجسد‭ ‬من‭ ‬زاوية‭ ‬أخرى،‭ ‬مدى‭ ‬التقدير‭ ‬لمكانة‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬والعرفان‭ ‬لدورها‭ ‬ولثقلها‭ ‬على‭ ‬خارطة‭ ‬العالم،‭ ‬فالبحرين‭ ‬تسعى‭ ‬دائمًا‭ ‬لما‭ ‬فيه‭ ‬خير‭ ‬الأوطان‭ ‬والشعور،‭ ‬وحين‭ ‬نستذكر‭ ‬المغفور‭ ‬له‭ ‬بإذن‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬فقيد‭ ‬الوطن‭ ‬الكبير‭ ‬سمو‭ ‬الأمير‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬رحمه‭ ‬الله،‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نأخذ‭ ‬خلاصة‭ ‬الخلاصة‭ ‬من‭ ‬موقفه‭ ‬الثابت‭ ‬عليه‭ ‬الرحمة،‭ ‬تجاه‭ ‬تعزيز‭ ‬التعاون‭ ‬مع‭ ‬مختلف‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬الشقيقة،‭ ‬ضمن‭ ‬رؤية‭ ‬تدعم‭ ‬التضامن‭ ‬والتكامل‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬التحديات‭ ‬الراهنة‭ ‬وتوطيد‭ ‬عرى‭ ‬التعاون‭ ‬والتنسيق‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬بما‭ ‬يلبي‭ ‬المصالح‭ ‬المشتركة،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬مساندة‭ ‬القضايا‭ ‬العربية‭ ‬العادلة‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتها‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭.‬