ياسمينيات

أصحاب الأساور

| ياسمين خلف

يحدث،‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬أحدهم‭ ‬مصاباً‭ ‬بفيروس‭ ‬كورونا‭ ‬ولم‭ ‬تظهر‭ ‬عليه‭ ‬أية‭ ‬أعراض‭ ‬بعد،‭ ‬فيتجول‭ ‬هنا‭ ‬وهناك،‭ ‬ويذهب‭ ‬لعمله،‭ ‬ويتبضع‭ ‬في‭ ‬الأسواق،‭ ‬ويخالط‭ ‬أسرته‭ ‬ويمارس‭ ‬حياته‭ ‬العادية،‭ ‬فيتسبب‭ ‬دونما‭ ‬قصد‭ ‬ودون‭ ‬علمه‭ ‬في‭ ‬نقل‭ ‬المرض‭ ‬لغيره،‭ ‬هنا‭ ‬قدر‭ ‬الله‭ ‬وما‭ ‬شاء‭ ‬فعل،‭ ‬لكن‭ ‬أن‭ ‬يعلم‭ ‬أحدهم‭ ‬بأنه‭ ‬مصاب‭ ‬بالفيروس،‭ ‬أو‭ ‬مخالط‭ ‬لحالات‭ ‬قائمة،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬تظهر‭ ‬عليه‭ ‬أعراض‭ ‬المرض‭ ‬ويتجول‭ ‬هنا‭ ‬وهناك‭ ‬دونما‭ ‬أدنى‭ ‬مسؤولية‭ ‬أو‭ ‬ضمير‭ ‬يردعه،‭ ‬فيتسبب‭ ‬في‭ ‬إصابة‭ ‬غيره‭ ‬بالمرض،‭ ‬فأولئك‭ ‬هم‭ ‬المجرمون‭ ‬حقا‭.‬

نعم‭ ‬من‭ ‬يعلم‭ ‬بأنه‭ ‬مصاب‭ ‬بالفيروس،‭ ‬أو‭ ‬مخالط‭ ‬لحالات‭ ‬ثبتت‭ ‬إصابتها‭ ‬بالفيروس،‭ ‬وكان‭ ‬عليه‭ ‬أن‭ ‬يبقى‭ ‬في‭ ‬الحجر،‭ ‬ولم‭ ‬يحجر‭ ‬على‭ ‬نفسه،‭ ‬وبكل‭ ‬صلافة‭ ‬يكسر‭ ‬الحجر‭ ‬ويخالط‭ ‬الناس،‭ ‬فلا‭ ‬وصف‭ ‬أقل‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نُطلق‭ ‬عليه‭ ‬غير‭ ‬أنه‭ ‬مجرم‭! ‬مجرم‭ ‬لأنه‭ ‬يعلم‭ ‬بأن‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬لا‭ ‬يستطيع‭ ‬أن‭ ‬يتحمل‭ ‬شراسة‭ ‬الفيروس‭ ‬فيتسبب‭ ‬في‭ ‬موته،‭ ‬مجرم‭ ‬لأنه‭ ‬سيكون‭ ‬سبباً‭ ‬في‭ ‬انتشار‭ ‬المرض‭ ‬وارتفاع‭ ‬عدد‭ ‬الحالات‭ ‬المصابة‭ ‬المسجلة‭ ‬يومياً،‭ ‬والتي‭ ‬باتت‭ ‬هاجساً‭ ‬للجميع،‭ ‬فزيادة‭ ‬عدد‭ ‬الحالات‭ ‬تعني‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬المنظومة‭ ‬الصحية‭ ‬التي‭ ‬إن‭ ‬استمر‭ ‬ارتفاع‭ ‬عدد‭ ‬الحالات‭ ‬بالوتيرة‭ ‬الأخيرة‭ ‬المقلقة‭ ‬فذاك‭ ‬يعني‭ ‬انهيارها،‭ ‬وانهيارها‭ ‬يعني‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬سيطرة‭ ‬على‭ ‬المرض،‭ ‬بل‭ ‬وارتفاع‭ ‬عدد‭ ‬حالات‭ ‬الوفيات،‭ ‬وكلنا‭ ‬يعلم‭ ‬حجم‭ ‬الفقد،‭ ‬وما‭ ‬يخلفه‭ ‬فقد‭ ‬البعض‭ ‬من‭ ‬آثار‭ ‬اجتماعية‭ ‬لاسيما‭ ‬إن‭ ‬كان‭ ‬رب‭ ‬عائلة‭ ‬أو‭ ‬أما‭ ‬لأطفال‭.‬

أصحاب‭ ‬الأساور‭ ‬ممن‭ ‬فُرض‭ ‬عليهم‭ ‬لبسها‭ ‬للتأكد‭ ‬من‭ ‬التزامهم‭ ‬بحجر‭ ‬أنفسهم‭ ‬في‭ ‬منازلهم‭ ‬كما‭ ‬رغبوا‭ ‬هم،‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬المحاجر‭ ‬الحكومية،‭ ‬ويمارسون‭ ‬حياتهم‭ ‬الطبيعية‭ ‬كما‭ ‬لو‭ ‬كانوا‭ ‬أصحاء‭... ‬قنابل‭ ‬موقوتة‭ ‬متسترة،‭ ‬لا‭ ‬يعلم‭ ‬أي‭ ‬منا‭ ‬متى‭ ‬تصادفه،‭ ‬وأين‭ ‬سيخالطه‭! ‬والطامة‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬الطرفان‭ ‬ملتزمين‭ ‬بالاشتراطات‭ ‬الصحية‭ ‬والإجراءات‭ ‬الاحترازية‭ ‬فتتسع‭ ‬دائرة‭ ‬المصابين،‭ ‬فعلينا‭ ‬الحذر‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬أصحاب‭ ‬الأساور‭ ‬لتجنب‭ ‬جرمهم،‭ ‬فعلى‭ ‬المجمعات‭ ‬التجارية‭ ‬والأسواق‭ ‬وحتى‭ ‬المحال‭ ‬البسيطة‭ ‬أو‭ ‬أية‭ ‬جهة‭ ‬كانت،‭ ‬فكما‭ ‬أنها‭ ‬تتأكد‭ ‬من‭ ‬درجة‭ ‬حرارة‭ ‬من‭ ‬يتبضع‭ ‬عندها،‭ ‬عليها‭ ‬التأكد‭ ‬من‭ ‬خلو‭ ‬يد‭ ‬زبائنها‭ ‬من‭ ‬أسورة‭ ‬الحجر‭ ‬البيضاء،‭ ‬فمن‭ ‬فقد‭ ‬ضميره‭ ‬علينا‭ ‬مراقبته‭.‬

 

ياسمينة‭:

‬لا‭ ‬تكن‭ ‬سبباً‭ ‬في‭ ‬موت‭ ‬أحدهم‭.‬