التنوع الثقافي من أجل الحوار والتنمية

| عبدعلي الغسرة

للثقافة‭ ‬دور‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬الحوار‭ ‬والتنمية،‭ ‬وللتنوع‭ ‬الثقافي‭ ‬قيمة‭ ‬إيجابية‭ ‬وإنسانية‭ ‬في‭  ‬تعزيز‭ ‬اللقاء‭ ‬المشترك‭ ‬بين‭ ‬شعوب‭ ‬الأرض‭ ‬باختلاف‭ ‬تنوعاتهم‭ ‬العِرقية‭ ‬والدينية‭ ‬والمذهبية،‭ ‬ولحماية‭ ‬وتعزيز‭ ‬تنوع‭ ‬أشكال‭ ‬التعبير‭ ‬الثقافي‭ ‬اعتمد‭ ‬المؤتمر‭ ‬العام‭ ‬لليونسكو‭ ‬في‭ ‬20‭ ‬أكتوبر‭ ‬2005م‭ ‬اتفاقية،‭ ‬وهي‭ ‬تُكمل‭ ‬الإعلان‭ ‬العالمي‭ ‬بشأن‭ ‬التنوع‭ ‬الثقافي‭ ‬الصادر‭ ‬في‭ ‬2001م،‭ ‬وتعترف‭ ‬هذه‭ ‬الاتفاقية‭ ‬“بحقوق‭ ‬الأطراف‭ ‬في‭ ‬اتخاذ‭ ‬تدابير‭ ‬لحماية‭ ‬وتعزيز‭ ‬تنوع‭ ‬أشكال‭ ‬التعبير‭ ‬الثقافي،‭ ‬وتفرض‭ ‬التزامات‭ ‬على‭ ‬المستويين‭ ‬المحلي‭ ‬والدولي”‭. ‬وقد‭ ‬حددت‭ ‬الاتفاقية‭ ‬أربعة‭ ‬أهداف‭ ‬لحماية‭ ‬وتعزيز‭ ‬تنوع‭ ‬أشكال‭ ‬التعبير‭ ‬الثقافي،‭ ‬وهي‭ ‬“دعم‭ ‬نُظم‭ ‬مستدامة‭ ‬لحوكمة‭ ‬الثقافة،‭ ‬تحقيق‭ ‬تبادل‭ ‬متوازن‭ ‬من‭ ‬السلع‭ ‬والخدمات‭ ‬الثقافية‭ ‬وانتقال‭ ‬الفنانين‭ ‬والعاملين‭ ‬الآخرين‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الثقافة،‭ ‬دمج‭ ‬الثقافة‭ ‬في‭ ‬برامج‭ ‬وسياسات‭ ‬التنمية،‭ ‬تعزيز‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬والحريات‭ ‬الأساسية”،‭ ‬وهذه‭ ‬الأهداف‭ ‬ستكون‭ ‬سبيلًا‭ ‬لتحقيق‭ ‬نهضة‭ ‬ثقافية‭ ‬عامة‭ ‬تتناغم‭ ‬مع‭ ‬أشكال‭ ‬مُتعددة‭ ‬من‭ ‬الإبداع‭ ‬تساهم‭ ‬في‭ ‬التقدم‭ ‬البشري‭ ‬والتنوير‭ ‬الإنساني‭.‬‭ ‬إن‭ ‬الهدف‭ ‬من‭ ‬برامج‭ ‬وأنشطة‭ ‬التنوع‭ ‬الثقافي‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الحوار‭ ‬والتنمية‭ ‬الوطنية‭ ‬والإقليمية‭ ‬والعالمية‭ ‬هو‭ ‬رفع‭ ‬مستوى‭ ‬الوعي‭ ‬بأهمية‭ ‬التعددية‭ ‬الثقافية‭ ‬وقبول‭ ‬الآخر‭ ‬بما‭ ‬يتناغم‭ ‬مع‭ ‬مبادئ‭ ‬حرية‭ ‬الرأي‭ ‬والتعبير،‭ ‬وإثراء‭ ‬حضارات‭ ‬الأمم‭ ‬والشعوب‭ ‬المتعددة‭ ‬وبناء‭ ‬جسور‭ ‬للتواصل‭ ‬بينهم،‭ ‬كما‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬مكافحة‭ ‬التعصب‭ ‬والتصدي‭ ‬لمظاهر‭ ‬التمييز‭ ‬العنصري،‭ ‬ونبذ‭ ‬العُنف‭ ‬والكراهية‭ ‬بين‭ ‬الشعوب،‭ ‬ونشر‭ ‬قيم‭ ‬التسامح‭ ‬والتعايش‭ ‬بينهم‭ ‬والسعادة‭ ‬الإنسانية‭ ‬بين‭ ‬جميع‭ ‬البشر‭. ‬إن‭ ‬الحوار‭ ‬بين‭ ‬الحضارات‭ ‬والثقافات‭ ‬من‭ ‬أسس‭ ‬التنوع‭ ‬الثقافي‭ ‬القائم‭ ‬على‭ ‬تفاهم‭ ‬الآخر‭ ‬والالتقاء‭ ‬معه،‭ ‬والتعرف‭ ‬على‭ ‬ثقافته‭ ‬يُمثل‭ ‬قاعدة‭ ‬للتفاهم‭ ‬وتعزيز‭ ‬الاحترام‭ ‬المتبادل‭ ‬معه،‭ ‬ويُعزز‭ ‬من‭ ‬الأمن‭ ‬والسلام‭ ‬والازدهار‭ ‬ويُحقق‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭.‬

لقد‭ ‬ساهمت‭ ‬الحروب‭ ‬في‭ ‬الاعتداء‭ ‬على‭ ‬مواقع‭ ‬التراث‭ ‬الوطنية‭ ‬للدول‭ ‬وسرقة‭ ‬محتوياتها‭ ‬ونهب‭ ‬وسرقة‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المواد‭ ‬الفنية‭ ‬من‭ ‬تماثيل‭ ‬ولوحات،‭ ‬وتعطيل‭ ‬إقامة‭ ‬المشاريع‭ ‬الثقافية‭ ‬أو‭ ‬منعها،‭ ‬كما‭ ‬ساهم‭ ‬وباء‭ ‬“كوفيد‭ ‬19”‭ ‬وسلالاته‭ ‬في‭ ‬إلغاء‭ ‬وتأجيل‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الفعاليات‭ ‬الثقافية‭ ‬الإقليمية‭ ‬والعالمية،‭ ‬وهذا‭ ‬أثر‭ ‬على‭ ‬حق‭ ‬تمتع‭ ‬الأفراد‭ ‬بهذه‭ ‬الأنشطة‭ ‬والفعاليات،‭ ‬وحقوق‭ ‬الفنانين‭ ‬والمهنيين‭ ‬في‭ ‬التعرف‭ ‬على‭ ‬إبداعاتهم‭ ‬وعلى‭ ‬المواد‭ ‬الثقافية‭ ‬المنتجة‭ ‬من‭ ‬فن‭ ‬تشكيلي‭ ‬وغناء‭ ‬ومسرح‭ ‬وتنظيم‭ ‬معارض‭ ‬للكتب‭ ‬وما‭ ‬تحققه‭ ‬من‭ ‬إيرادات‭ ‬مادية‭ ‬لأصحاب‭ ‬هذه‭ ‬الصناعات‭ ‬الفنية‭ ‬والأدبية‭.‬