العيش معـًا في سلام

| عبدعلي الغسرة

خُلق‭ ‬الإنسان‭ ‬وحيدًا،‭ ‬لكنه‭ ‬لا‭ ‬يستطيع‭ ‬أن‭ ‬يعيش‭ ‬كذلك،‭ ‬فالإنسان‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬المجتمع‭ ‬الذي‭ ‬يعيش‭ ‬فيه،‭ ‬والمليء‭ ‬بالأفراد‭ ‬من‭ ‬الرجال‭ ‬والنساء،‭ ‬جميعهم‭ ‬يتشابهون‭ ‬في‭ ‬الخلق‭ ‬إلا‭ ‬أنهم‭ ‬مختلفون‭ ‬في‭ ‬الفكر‭ ‬والثقافة‭ ‬والعلم‭ ‬والعقيدة‭ ‬والعادات‭ ‬والتقاليد،‭ ‬ولكي‭ ‬يعيشوا‭ ‬معًا‭ ‬في‭ ‬مجتمع‭ ‬واحد‭ ‬عليهم‭ ‬أن‭ ‬يتقبلوا‭ ‬هذه‭ ‬الاختلافات‭ ‬ويتعايشوا‭ ‬معها،‭ ‬وأن‭ ‬يتمتعوا‭ ‬بثقافة‭ ‬الاستماع‭ ‬إلى‭ ‬الآخر‭ ‬واحترام‭ ‬آرائه‭ ‬وثقافته‭ ‬ومعتقداته،‭ ‬وهذا‭ ‬يُعبد‭ ‬طريق‭ ‬السلام‭ ‬ويُعزز‭ ‬قيم‭ ‬التسامح،‭ ‬ويدعم‭ ‬التضامن‭ ‬والتفاهم‭ ‬والتكافل‭ ‬بينهم‭.‬

إن‭ ‬الاحتفال‭ ‬العالمي‭ ‬بهذا‭ ‬اليوم‭ ‬دعوة‭ ‬لتحقيق‭ ‬السلام‭ ‬بين‭ ‬الدول،‭ ‬والتعاطف‭ ‬مع‭ ‬الدول‭ ‬والشعوب‭ ‬المقهورة،‭ ‬ومن‭ ‬أجل‭ ‬رقي‭ ‬ثقافة‭ ‬السِلم‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬بناء‭ ‬أمة‭ ‬قوية‭ ‬ومزدهرة،‭ ‬وتعزيز‭ ‬الانسجام‭ ‬والتعايش‭ ‬والتضامن‭ ‬وإنهاء‭ ‬الصراعات‭ ‬والعيش‭ ‬متجاورين‭ ‬متفاهمين‭ ‬في‭ ‬أمنٍ‭ ‬وسلام‭. ‬إن‭ ‬الشعوب‭ ‬المُتطلعة‭ ‬إلى‭ ‬الاستقرار‭ ‬والازدهار‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تعيش‭ ‬في‭ ‬مناخ‭ ‬من‭ ‬الاحترام‭ ‬المتبادل‭ ‬بينها‭ ‬دون‭ ‬تمييز‭ ‬في‭ ‬العِرق‭ ‬والجنس‭ ‬والثقافة‭ ‬والحضارة‭ ‬واللغة‭ ‬والدين‭.‬

وهذا‭ ‬اليوم‭ ‬بادرت‭ ‬به‭ ‬الجزائر‭ ‬وصادقت‭ ‬عليه‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬2017م،‭ ‬وحددت‭ ‬يوما‭ ‬من‭ ‬شهر‭ ‬مايو‭ ‬كيوم‭ ‬عالمي‭ ‬للعيش‭ ‬معًا‭ ‬في‭ ‬سلام‭ ‬لتحقيق‭ ‬قيم‭ ‬السلام‭ ‬والمصالحة‭ ‬بين‭ ‬البشر‭ ‬والدول،‭ ‬ولأجل‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬تعانيه‭ ‬الشعوب‭ ‬والدول‭ ‬من‭ ‬تحديات‭ ‬وصعوبات‭ ‬وتفاوت‭ ‬واختلاف،‭ ‬وصولا‭ ‬لتعزيز‭ ‬التواصل‭ ‬وتوثيق‭ ‬عُرى‭ ‬الأخوة‭ ‬الإنسانية‭.‬

وما‭ ‬أحوج‭ ‬الشعوب‭ ‬والإنسانية‭ ‬اليوم‭ ‬لمثل‭ ‬هذا‭ ‬اليوم‭ ‬وهي‭ ‬تعيش‭ ‬محنة‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا‭ ‬وسلالاتها‭ ‬الهالكة‭ ‬للبشر‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التعاون‭ ‬المشترك‭ ‬ومد‭ ‬يد‭ ‬المساعدة‭ ‬للدول‭ ‬الأكثر‭ ‬تضررًا‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الجائحة‭ ‬التي‭ ‬ليست‭ ‬لديها‭ ‬إمكانيات‭ ‬العلاج‭ ‬والمعدات‭ ‬الطبية‭ ‬اللازمة‭ ‬لذلك،‭ ‬والعمل‭ ‬سويًا‭ ‬لتعزيز‭ ‬الجهود‭ ‬الدولية‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬البحوث‭ ‬العلمية‭ ‬والأدوية‭ ‬واللقاحات‭ ‬وتوفيرها‭ ‬لجميع‭ ‬الدول‭ ‬بدون‭ ‬استثناء‭ ‬لاستئصال‭ ‬هذا‭ ‬الداء‭. ‬

ويعزز‭ ‬المجتمع‭ ‬البحريني‭ ‬بقيمه‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والثقافية‭ ‬والدينية‭ ‬ثقافة‭ ‬التعايش‭ ‬معًا‭ ‬التي‭ ‬تجسد‭ ‬التلاحم‭ ‬والترابط‭ ‬والتعاون‭ ‬والتسامح‭ ‬بين‭ ‬جميع‭ ‬المكونات‭ ‬والفئات‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬وفق‭ ‬مبادئ‭ ‬التعايش‭ ‬والإخاء،‭ ‬وبما‭ ‬يملكه‭ ‬الشعب‭ ‬البحريني‭ ‬من‭ ‬وعي‭ ‬ثقافي‭ ‬واجتماعي‭ ‬قائم‭ ‬على‭ ‬التعاون‭ ‬والتآلف‭ ‬بين‭ ‬فئات‭ ‬المجتمع‭. ‬إن‭ ‬السلام‭ ‬الذي‭ ‬يبحث‭ ‬عنه‭ ‬البشر‭ ‬يُمثل‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الوجود‭ ‬الإنساني‭ ‬ووعيًا‭ ‬لجميع‭ ‬فئات‭ ‬المجتمع،‭ ‬فنحن‭ ‬إخوةٌ‭ ‬في‭ ‬الخَلْق‭ ‬وفي‭ ‬الإنسانية‭ ‬وشركاء‭ ‬في‭ ‬الأرض‭ ‬وما‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬جميل‭.‬