قراطيس ذهبية

| د.حورية الديري

مع‭ ‬اقتراب‭ ‬منتصف‭ ‬طريق‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬تتصدر‭ ‬مجموعة‭ ‬قراطيس‭ ‬فحواها‭ ‬الخير‭ ‬في‭ ‬الحكم‭ ‬والأمثال،‭ ‬ضمن‭ ‬مجموعة‭ ‬قراطيس‭ ‬ذهبية‭ ‬جُمعت‭ ‬بعناية‭ ‬تامة،‭ ‬وهكذا‭ ‬أراها‭ ‬في‭ ‬طريق‭ ‬المثقفين،‭ ‬باعتبارها‭ ‬أكبر‭ ‬حصيلة‭ ‬ثقافية‭ ‬يجنيها‭ ‬المرء‭ ‬لنفسه‭ ‬عندما‭ ‬يفسح‭ ‬المجال‭ ‬لتجارب‭ ‬الحياة‭ ‬والأقوال‭ ‬المأثورة‭ ‬بأن‭ ‬تبني‭ ‬له‭ ‬نسيجًا‭ ‬متمازجًا‭ ‬من‭ ‬الخبرة‭ ‬والمعرفة،‭ ‬ومن‭ ‬هنا،‭ ‬فقد‭ ‬أحسن‭ ‬الباحثون‭ ‬والمؤرخون‭ ‬في‭ ‬تقدير‭ ‬تلك‭ ‬الحصيلة‭ ‬عندما‭ ‬اعتنوا‭ ‬بتوثيق‭ ‬تلك‭ ‬الشواهد‭ ‬التاريخية‭ ‬التي‭ ‬تمثل‭ ‬أقوالاً‭ ‬وقصصًا‭ ‬ذات‭ ‬قيمة‭ ‬ومعنى،‭ ‬استخلصت‭ ‬من‭ ‬واقع‭ ‬ومواقف‭ ‬تتكرر‭ ‬صورها‭ ‬باختلاف‭ ‬زمانها‭ ‬ومكانها‭ ‬وشخوصها،‭ ‬حيث‭ ‬إنها‭ ‬ربطت‭ ‬خط‭ ‬الزمن‭ ‬في‭ ‬سلسلة‭ ‬ثقافية‭ ‬تاريخية‭ ‬منها‭ ‬تستقى‭ ‬العبرة‭ ‬والحكمة‭ ‬للموعظة‭ ‬والاسترشاد،‭ ‬ومنها‭ ‬تنتقى‭ ‬ما‭ ‬تبدأ‭ ‬به‭ ‬الحكاية‭ ‬وما‭ ‬بها‭ ‬تنتهي،‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬تصار‭ ‬عليه‭ ‬الأمور‭.‬

وجدير‭ ‬بنا‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المقال‭ ‬أن‭ ‬نكون‭ ‬أسخياء‭ ‬على‭ ‬أنفسنا‭ ‬في‭ ‬قولبة‭ ‬تلك‭ ‬القراطيس‭ ‬الذهبية‭ ‬كل‭ ‬حين‭ ‬لنستمد‭ ‬منها‭ ‬حلولاً‭ ‬ثقافية‭ ‬لكل‭ ‬ما‭ ‬يجعلنا‭ ‬في‭ ‬صدارة‭ ‬القول‭ ‬والحدث،‭ ‬وأعني‭ ‬بذلك‭ ‬ما‭ ‬يساعدنا‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬الخط‭ ‬المنهجي‭ ‬لثقافة‭ ‬شخوصنا‭ ‬المصونة‭ ‬والعبرة‭ ‬فيما‭ ‬نتناقل‭ ‬أحيانًا‭ ‬من‭ ‬حكم‭ ‬وأمثال‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬نعرف‭ ‬مغزاها‭ ‬سوى‭ ‬ما‭ ‬يناسب‭ ‬القول‭ ‬والفعل،‭ ‬لذا‭ ‬فإن‭ ‬درجة‭ ‬الارتباط‭ ‬كبيرة‭ ‬بين‭ ‬ما‭ ‬ننتقي‭ ‬منها‭ ‬ومستوى‭ ‬ما‭ ‬نبلغ‭ ‬من‭ ‬وعي‭ ‬بحجم‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬تمازج‭ ‬المعنى‭ ‬بالموقف‭ ‬ذاته،‭ ‬وبهذا‭ ‬لا‭ ‬يمكننا‭ ‬أن‭ ‬نغفل‭ ‬التأثيرات‭ ‬الإيجابية‭ ‬والسلبية‭ ‬لما‭ ‬يتوارث‭ ‬منها‭ ‬دون‭ ‬ترشيد،‭ ‬باعتبارها‭ ‬مصدرا‭ ‬من‭ ‬مصادر‭ ‬التراث‭ ‬ومرآة‭ ‬الأمم‭ ‬التي‭ ‬تعكس‭ ‬واقعها‭ ‬الفكري‭ ‬والثقافي‭ ‬والاجتماعي،‭ ‬إذ‭ ‬يؤكد‭ ‬الباحثون‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬أهمية‭ ‬التوعية‭ ‬باستخدام‭ ‬الأفضل‭ ‬منها‭ ‬وترسيخ‭ ‬ذلك‭ ‬باعتباره‭ ‬منهجا‭ ‬تعليميا‭ ‬قيميا،‭ ‬لذلك‭ ‬فإن‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬الثقافات‭ ‬بات‭ ‬واجبا‭ ‬وطنيا‭ ‬وقوميا‭ ‬وإنسانيا‭ ‬من‭ ‬مقومات‭ ‬الهوية‭ ‬الثقافية‭ ‬للأمة‭. ‬

ولتقريب‭ ‬المعنى‭ ‬أكثر‭ ‬لما‭ ‬تحوي‭ ‬قراطيسي‭ ‬كنموذج‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬اخترت‭ ‬منها‭ ‬مقولة‭ ‬“للذهب‭ ‬ثمن‭ ‬والحكمة‭ ‬لا‭ ‬ثمن‭ ‬لها”،‭ ‬ولا‭ ‬يمكننا‭ ‬أن‭ ‬ننتهي‭ ‬اليوم‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬المقال،‭ ‬إلا‭ ‬برسالة‭ ‬لمؤرخينا‭ ‬البارعين‭ ‬ممن‭ ‬أخذوا‭ ‬على‭ ‬عاتقهم‭ ‬توثيق‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬التاريخ‭ ‬العريق‭.. ‬نريد‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬نشر‭ ‬التوعية‭ ‬والتثقيف‭ ‬بشكل‭ ‬أكبر‭ ‬حتى‭ ‬تصل‭ ‬رسائلكم‭ ‬لكل‭ ‬جيل،‭ ‬وتنهض‭ ‬بقيمها‭ ‬نحو‭ ‬تشكيل‭ ‬وعي‭ ‬مجتمعي‭ ‬مستمر‭ ‬ملهم‭ ‬في‭ ‬صياغة‭ ‬تشكيلة‭ ‬متنوعة‭ ‬من‭ ‬القراطيس‭ ‬الذهبية‭.‬