نقطة ارتكاز

القدس عربية وستبقى عربية

| د. غسان محمد عسيلان

للمسجد‭ ‬الأقصى‭ ‬المبارك‭ ‬مكانة‭ ‬عالية‭ ‬ومنزلة‭ ‬رفيعة‭ ‬في‭ ‬نفوس‭ ‬المسلمين‭ ‬جميعًا؛‭ ‬لأنه‭ ‬أولى‭ ‬القبلتين‭ ‬وثالث‭ ‬الحرمين‭ ‬الشريفين،‭ ‬وهو‭ ‬وما‭ ‬حوله‭ ‬أرض‭ ‬مباركة،‭ ‬قال‭ ‬تعالى‭: ‬“سُبْحَانَ‭ ‬الَّذِي‭ ‬أَسْرَى‭ ‬بِعَبْدِهِ‭ ‬لَيْلًا‭ ‬مِنَ‭ ‬الْمَسْجِدِ‭ ‬الْحَرَامِ‭ ‬إِلَى‭ ‬الْمَسْجِدِ‭ ‬الْأَقْصَى‭ ‬الَّذِي‭ ‬بَارَكْنَا‭ ‬حَوْلَهُ‭ ‬لِنُرِيَهُ‭ ‬مِنْ‭ ‬آيَاتِنَا‭ ‬إِنَّهُ‭ ‬هُوَ‭ ‬السَّمِيعُ‭ ‬الْبَصِيرُ”‭.‬

والمسجد‭ ‬الأقصى‭ ‬المبارك‭ ‬هو‭ ‬ثالث‭ ‬المساجد‭ ‬التي‭ ‬تُشد‭ ‬الرحال‭ ‬إليها‭ ‬في‭ ‬الإسلام،‭ ‬قال‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭: ‬“لَا‭ ‬تُشَدُّ‭ ‬الرِّحَالُ‭ ‬إِلَّا‭ ‬إِلَى‭ ‬ثَلاثَةِ‭ ‬مَسَاجِدَ‭: ‬المَسْجِدِ‭ ‬الحَرَامِ،‭ ‬وَمَسْجِدِي‭ ‬هذا،‭ ‬وَمَسْجِدِ‭ ‬الأَقْصَى”،‭ ‬وهو‭ ‬ثاني‭ ‬مسجد‭ ‬وُضع‭ ‬للناس‭ ‬في‭ ‬الأرض،‭ ‬ففي‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬أبي‭ ‬ذر‭ ‬الغفاري‭ ‬رضي‭ ‬الله‭ ‬عنه‭ ‬قال‭: ‬“قُلْتُ‭: ‬يَا‭ ‬رَسُولَ‭ ‬اللَّهِ‭! ‬أَيُّ‭ ‬مَسْجِدٍ‭ ‬وُضِعَ‭ ‬فِي‭ ‬الأَرْضِ‭ ‬أَوَّلَ؟‭ ‬قَالَ‭: ‬“المَسْجِدُ‭ ‬الحَرَامُ”،‭ ‬قَالَ‭: ‬قُلْتُ‭: ‬ثُمَّ‭ ‬أَيٌّ؟‭ ‬قَالَ‭: ‬“المَسْجِدُ‭ ‬الأَقْصَى”،‭ ‬قُلْتُ‭: ‬كَمْ‭ ‬كَانَ‭ ‬بَيْنَهُمَا؟‭ ‬قَالَ‭: ‬“أَرْبَعُونَ‭ ‬سَنَةً”‭.‬

ويئن‭ ‬المسجد‭ ‬الأقصى‭ ‬حاليًّا‭ ‬تحت‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬وبين‭ ‬الفينة‭ ‬والأخرى‭ ‬يقوم‭ ‬المستوطنون‭ ‬المحتلون‭ ‬باستفزاز‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬القدس‭ ‬الشريف،‭ ‬ويمنعونهم‭ ‬من‭ ‬دخول‭ ‬المسجد‭ ‬الأقصى‭ ‬المبارك‭ ‬لأداء‭ ‬الصلاة،‭ ‬وإسرائيل‭ ‬تعلم‭ ‬جيدًا‭ ‬مكانة‭ ‬المسجد‭ ‬الأقصى‭ ‬عند‭ ‬المسلمين‭ ‬في‭ ‬مشارق‭ ‬الأرض‭ ‬ومغاربها،‭ ‬كما‭ ‬تعلم‭ ‬جيدًا‭ ‬أن‭ ‬حماية‭ ‬المقدّسات‭ ‬الإسلامية‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ - ‬بعد‭ ‬الحرمين‭ ‬الشريفين‭ - ‬المسجد‭ ‬الأقصى‭ ‬من‭ ‬أوجب‭ ‬الواجبات‭ ‬في‭ ‬الإسلام،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬وبدلًا‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تمنعهم‭ ‬فإن‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬تُشجع‭ ‬المستوطنين‭ ‬على‭ ‬القيام‭ ‬بأعمال‭ ‬استفزازية‭ ‬ضد‭ ‬المسجد‭ ‬الأقصى‭ ‬مثل‭ ‬اقتحامه‭ ‬بالأحذية،‭ ‬ومنع‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬من‭ ‬الدخول‭ ‬إليه‭ ‬للصلاة‭ ‬فيه‭.‬

وقد‭ ‬حرَّم‭ ‬الله‭ ‬الاعتداء‭ ‬على‭ ‬حرمة‭ ‬المساجد،‭ ‬قال‭ ‬تعالى‭ ‬“ومن‭ ‬أظلم‭ ‬ممن‭ ‬منع‭ ‬مساجد‭ ‬الله‭ ‬أن‭ ‬يُذكر‭ ‬فيها‭ ‬اسمه‭ ‬وسعى‭ ‬في‭ ‬خرابها”،‭ ‬وهذه‭ ‬الآية‭ ‬الكريمة‭ ‬في‭ ‬عموم‭ ‬المساجد،‭ ‬فكيف‭ ‬بالمسجد‭ ‬الأقصى‭ ‬المبارك‭ ‬مُهاجر‭ ‬النبيين،‭ ‬ومسرى‭ ‬خاتم‭ ‬المرسلين،‭ ‬وأولى‭ ‬القبلتين‭ ‬وثالث‭ ‬الحرمين‭ ‬الشريفين؟‭!‬

ولن‭ ‬يتخاذل‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬في‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬الأقصى‭ ‬مهما‭ ‬كلفهم‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬شهداء،‭ ‬ولن‭ ‬يتقاعس‭ ‬إخوانهم‭ ‬العرب‭ ‬والمسلمون‭ - ‬خصوصا‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ - ‬عن‭ ‬نُصرتهم‭ ‬ورفع‭ ‬الظلم‭ ‬عنهم؛‭ ‬لأنهم‭ ‬مستضعفون‭ ‬مظلومون‭ ‬ونُصرتهم‭ ‬واجبة،‭ ‬ومهما‭ ‬حاولت‭ ‬إسرائيل‭ ‬تهويد‭ ‬القدس‭ ‬وطمس‭ ‬معالمها‭ ‬فستبقى‭ ‬عربية،‭ ‬وبإذن‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬ستحرر‭ ‬قريبًا‭.‬