مواقف إدارية

يحمل مؤهلًا من أرقى الجامعات...

| أحمد البحر

يكاد‭ ‬يتفق‭ ‬ممارسو‭ ‬وخبراء‭ ‬العمل‭ ‬الإداري‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الفرق‭ ‬بين‭ ‬الذين‭ ‬يمتلكون‭ ‬المعرفة‭ ‬والخبرة‭ ‬العملية‭ ‬معًا،‭ ‬وبين‭ ‬أصحاب‭ ‬المعرفة‭ ‬النظرية‭ ‬فقط‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬الفئة‭ ‬الأولى‭ ‬لديها‭ ‬المؤهل‭ ‬المناسب‭ ‬الذي‭ ‬يساعدها‭ ‬على‭ ‬التحرك‭ ‬من‭ ‬نقطة‭ ‬إلى‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬خط‭ ‬مستقيم،‭ ‬لأنها‭ ‬تعرف‭ ‬ما‭ ‬تريد‭ ‬وكيف‭ ‬تحقق‭ ‬ما‭ ‬تريد‭. ‬أما‭ ‬الفئة‭ ‬الثانية‭ ‬فهي‭ ‬ربما‭ ‬تعرف‭ ‬ما‭ ‬تريد‭ ‬ولكنها‭ ‬قد‭ ‬تأخذ‭ ‬وقتا‭ ‬طويلًا‭ ‬ربما‭ ‬أضعاف‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬تستغرقه‭ ‬الفئة‭ ‬الأولى‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬ما‭ ‬تريد‭.‬

الفئة‭ ‬الأولى‭ ‬وفرت‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الوقت‭ ‬والجهد‭ ‬والمال،‭ ‬أما‭ ‬الثانية‭ ‬فقد‭ ‬سلكت‭ ‬المسار‭ ‬المعاكس‭ ‬تمامًا‭ ‬فأضاعت‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الوقت‭ ‬والجهد‭ ‬والمال؛‭ ‬لكونها‭ ‬تفتقر‭ ‬إلى‭ ‬الخبرة‭ ‬العملية‭ ‬والتجارب‭ ‬الميدانية‭ ‬التي‭ ‬تؤهلها‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬المشاريع‭ ‬والمسائل‭ ‬والخطط‭ ‬بمهنية‭ ‬واقتدار‭ ‬وبمنهجية‭ ‬أكثر‭ ‬فاعلية‭. ‬إليك‭ ‬سيدي‭ ‬القارئ‭ ‬هذا‭ ‬الموقف‭..‬

تسلم‭ ‬المدير‭ ‬ملف‭ ‬مشروع‭ ‬مهم‭ ‬من‭ ‬الرئيس‭ ‬التنفيذي‭ ‬طالبًا‭ ‬منه‭ ‬الأخير‭ ‬دراسته‭ ‬وإبداء‭ ‬الرأي‭. ‬قرأ‭ ‬المدير‭ ‬الملف‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مرة‭ ‬واحس‭ ‬بضيق‭ ‬وعدم‭ ‬الإحساس‭ ‬بالاستقرار‭ ‬النفسي‭ ‬لعدم‭ ‬قدرته‭ ‬على‭ ‬تلبية‭ ‬الطلب‭ ‬بالصورة‭ ‬التي‭ ‬يتوقعها‭ ‬الرئيس،‭ ‬وفي‭ ‬ذات‭ ‬الوقت‭ ‬شعر‭ ‬بشيء‭ ‬من‭ ‬الراحة‭ ‬لعدم‭ ‬وجود‭ ‬تاريخ‭ ‬محدد‭ ‬لتسليم‭ ‬الرد‭.‬

وضع‭ ‬المدير‭ ‬السيناريوهات‭ ‬التالية‭ ‬أمامه‭: ‬هل‭ ‬يطلب‭ ‬المساعدة‭ ‬والاستشارة؟‭ ‬وهذا‭ ‬قد‭ ‬يفسر‭ ‬بعجزه‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬يعتقد‭! ‬هل‭ ‬يطلب‭ ‬من‭ ‬الرئيس‭ ‬نقل‭ ‬هذه‭ ‬المسؤولية‭ ‬إلى‭ ‬جهة‭ ‬أخرى؟‭ ‬وهذا‭ ‬قد‭ ‬يعطي‭ ‬الانطباع‭ ‬بعدم‭ ‬كفاءته‭ ‬خصوصًا‭ ‬وأنه‭ ‬حديث‭ ‬التعيين‭! ‬هل‭ ‬يطلب‭ ‬تأسيس‭ ‬فريق‭ ‬عمل‭ ‬وهذا‭ ‬قد‭ ‬يكشف‭ ‬قدراته‭ ‬الحقيقة‭ ‬أمام‭ ‬الآخرين‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬يظن‭! ‬أما‭ ‬السيناريو‭ ‬الأخير‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬حبس‭ ‬المشروع‭ ‬في‭ ‬الإدراج‭ ‬ليتعامل‭ ‬معه‭ ‬الزمن‭ ‬خصوصًا‭ ‬انه‭ ‬لم‭ ‬يحدد‭ ‬تاريخ‭ ‬تسليم‭ ‬الرد‭ ‬وربما‭ ‬غياب‭ ‬المتابعة‭ ‬لانشغالات‭ ‬الإدارة‭ ‬العليا‭. ‬

ربما‭ ‬تستطيع‭ ‬القول‭ ‬إن‭ ‬الخبرة‭ ‬تعني‭ ‬المعرفة‭ ‬الإجرائية،‭ ‬أي‭ ‬معرفة‭ ‬كيفية‭ ‬عمل‭ ‬شيء‭ ‬أو‭ ‬المعرفة‭ ‬العملية‭ ‬وليس‭ ‬مجرد‭ ‬المعرفة‭ ‬الخبرية‭ (‬القولية‭) ‬أو‭ ‬الافتراضية‭ ‬كما‭ ‬تقول‭ ‬بعض‭ ‬المصادر‭. ‬عالم‭ ‬الاجتماع‭ ‬ابن‭ ‬خلدون‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭ ‬يقول‭ ‬“المعرفة‭ ‬كنز‭ ‬والممارسة‭ ‬مفتاحها”‭. ‬ويقول‭ ‬طه‭ ‬حسين‭: ‬طوبى‭ ‬لمن‭ ‬جمع‭ ‬بين‭ ‬همة‭ ‬الشباب‭ ‬وحكمة‭ ‬الشيوخ”‭. ‬ما‭ ‬رأيك‭ ‬سيدي‭ ‬القارئ؟