ستة على ستة

فلسطين في القلب

| عطا السيد الشعراوي

انسابت‭ ‬دموع‭ ‬المصلين‭ ‬أثناء‭ ‬دعاء‭ ‬الخطباء‭ ‬في‭ ‬خطبة‭ ‬عيد‭ ‬الفطر‭ ‬المبارك‭ ‬لإخواننا‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬الذين‭ ‬تعرضوا‭ ‬لموجة‭ ‬قصف‭ ‬إسرائيلي‭ ‬وحشي‭ ‬دون‭ ‬رادع‭ ‬من‭ ‬ضمير‭ ‬أو‭ ‬قانون‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬سلطة‭ ‬جبرية‭ ‬لدولة‭ ‬قادرة‭ ‬أو‭ ‬منظمة‭ ‬دولية‭ ‬معنية،‭ ‬لكنه‭ ‬جر‭ ‬تعاطفًا‭ ‬عالميًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬وتسبب‭ ‬في‭ ‬اندلاع‭ ‬مظاهرات‭ ‬شعبية‭ ‬عارمة‭ ‬في‭ ‬بلدان‭ ‬إسلامية‭ ‬وغير‭ ‬إسلامية،‭ ‬وأدى‭ ‬لتزايد‭ ‬الغضب‭ ‬من‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يراع‭ ‬أبسط‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬الفلسطيني‭ ‬بخنقه‭ ‬بالحصار‭ ‬والضغط‭.‬

ورغم‭ ‬مرارة‭ ‬وقسوة‭ ‬ما‭ ‬حدث،‭ ‬والألم‭ ‬الذي‭ ‬ألم‭ ‬بنا‭ ‬جراء‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬البطش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬ضد‭ ‬إخواننا‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬أثبت‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬القضية‭ ‬لم‭ ‬ولن‭ ‬تنسى‭ ‬وستظل‭ ‬اختبارًا‭ ‬لعدالة‭ ‬وأخلاقية‭ ‬النظام‭ ‬الدولي،‭ ‬وأن‭ ‬المنطقة‭ ‬لن‭ ‬تستقر‭ ‬فعلا‭ ‬إلا‭ ‬بحل‭ ‬عادل‭ ‬لها‭ ‬يضمن‭ ‬للفلسطيني‭ ‬حقوقه‭ ‬وأمنه،‭ ‬ويوفر‭ ‬له‭ ‬حياة‭ ‬طبيعية‭ ‬كغيره‭ ‬من‭ ‬أبناء‭ ‬دول‭ ‬العالم‭.‬

لقد‭ ‬صدق‭ ‬المرصد‭ ‬الأورومتوسطي‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬عندما‭ ‬وصف‭ ‬الهجمة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬الأخيرة‭ ‬بعملية‭ ‬التدمير‭ ‬الممنهجة،‭ ‬حيث‭ ‬استهدفت‭ ‬مناطق‭ ‬سكنية‭ ‬ومؤسسات‭ ‬مدنية‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬بمئات‭ ‬القذائف‭ ‬الثقيلة‭ ‬والغارات‭ ‬الجوية‭ ‬لسلاح‭ ‬الجو‭ ‬والمدفعية‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬ما‭ ‬أدّى‭ ‬إلى‭ ‬سقوط‭ ‬عشرات‭ ‬الشهداء‭ ‬ومئات‭ ‬المصابين‭ ‬وتدمير‭ ‬تلك‭ ‬المناطق‭ ‬المستهدفة‭ ‬ونزوح‭ ‬عشرات‭ ‬الأسر‭ ‬من‭ ‬بيوتها،‭ ‬محذرا‭ ‬المرصد‭ ‬من‭ ‬أنّ‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬انتهك‭ ‬مبدأ‭ ‬التناسب‭ ‬والتمييز،‭ ‬واستخدم‭ ‬الكثافة‭ ‬النيرانية‭ ‬العالية‭ ‬بهدف‭ ‬الترهيب‭ ‬والانتقام‭ ‬والعقاب‭ ‬الجماعي‭ ‬للمدنيين‭ ‬وليس‭ ‬لضرورات‭ ‬عسكرية‭.‬

وثق‭ ‬المرصد‭ ‬الأورومتوسطي‭ ‬جرائم‭ ‬خطيرة‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬مسح‭ ‬مبان‭ ‬سكنية‭ ‬بالكامل،‭ ‬وتدمير‭ ‬أحياء‭ ‬كاملة،‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬اعتبار‭ ‬لقواعد‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬الإنساني،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬شجع‭ ‬العناصر‭ ‬اليمينية‭ ‬المتطرفة‭ ‬في‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬تكثيف‭ ‬هجماتهم‭ ‬العنصرية‭ ‬على‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬ومزارعهم‭ ‬وممتلكاتهم‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬والقدس‭ ‬الشرقية‭.‬

فهل‭ ‬هذه‭ ‬الجرائم‭ ‬كافية‭ ‬لتحرك‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬بفعالية‭ ‬ليس‭ ‬لإنقاذ‭ ‬الإنسان‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬بل‭ ‬لإنفاذ‭ ‬القوانين‭ ‬وتطبيق‭ ‬قرارات‭ ‬الشرعية‭ ‬الدولية‭ ‬التي‭ ‬استغرقت‭ ‬عقودًا‭ ‬من‭ ‬النضال‭ ‬والعمل‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تم‭ ‬التوصل‭ ‬إليها‭ ‬لأجل‭ ‬خير‭ ‬البشرية‭ ‬كلها؟‭.‬