مُلتقطات

“رِماحٌ” بحرينية في معركة كورونا

| د. جاسم المحاري

عُدّت‭ ‬البحرين‭ ‬منذ‭ ‬العام‭ ‬1900م‭ ‬من‭ ‬أوائل‭ ‬بلدان‭ ‬المنطقة‭ ‬التي‭ ‬حظيت‭ ‬خدماتها‭ ‬الصحية‭ ‬باهتمام‭ ‬كبير‭ ‬مُذْ‭ ‬كان‭ ‬يتولى‭ ‬“مستشفى‭ ‬فكتوريا‭ ‬التذكاري”‭ ‬بالمنامة‭ ‬العاصمة‭ ‬علاج‭ ‬مرضى‭ ‬الأمراض‭ ‬المعدية‭ ‬آنذاك،‭ ‬وصولاً‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬عليه‭ ‬الآن‭ ‬من‭ ‬تطورات‭ ‬مشهودة‭ ‬واكبت‭ ‬فيها‭ ‬دولاً‭ ‬متقدمة‭ ‬في‭ ‬ناحية‭ ‬تقديم‭ ‬الرعاية‭ ‬الأولية‭ ‬ومكافحة‭ ‬الأمراض‭ ‬بعد‭ ‬توسّعها‭ ‬المتسارع‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬وتجهيز‭ ‬المستشفيات‭ ‬العامة‭ ‬والمتخصصة‭ ‬على‭ ‬امتداد‭ ‬المناطق‭ ‬والمحافظات‭ ‬البحرينية‭ ‬بأعلى‭ ‬مستويات‭ ‬التأهيل‭ ‬الطبي‭ ‬وتأمين‭ ‬المعدات‭ ‬ولوازم‭ ‬العمليات‭ ‬الجراحية،‭ ‬حتى‭ ‬برزت‭ ‬هذه‭ ‬الجهود‭ ‬المخلصة‭ ‬بوضوح‭ ‬في‭ ‬مكافحة‭ ‬وباء‭ ‬كورونا‭ ‬العالمي‭ ‬وتصييرها‭ ‬مثالًا‭ ‬يُحتذى‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬الأزمات‭ ‬ومواجهة‭ ‬المخاطر‭ ‬واتخاذ‭ ‬القرارات‭ ‬بمهنية‭ ‬واحتراف‭ ‬فريدين‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬الجهود‭ ‬الوطنية‭ ‬الجبّارة‭ ‬التي‭ ‬يدور‭ ‬“سِجال‭ ‬الحرب”‭ ‬فيها‭ ‬على‭ ‬مدار‭ (‬24‭) ‬ساعة،‭ ‬ويشهد‭ ‬بها‭ ‬القاصي‭ ‬والداني‭ ‬في‭ ‬التصدّي‭ ‬والمكافحة‭ ‬لهذا‭ ‬الوباء‭ ‬الذي‭ ‬نالت‭ ‬فيه‭ ‬مملكتنا‭ ‬الحبيبة‭ ‬الريادة‭ ‬والإشادة‭ ‬العالميتين‭ ‬في‭ ‬تقديم‭ ‬الخدمات‭ ‬العلاجية‭ ‬المتطابقة‭ ‬مع‭ ‬متطلبات‭ ‬منظمة‭ ‬الصحة‭ ‬العالمية،‭ ‬ما‭ ‬عززّ‭ ‬من‭ ‬مكانتها‭ ‬وفريقها‭ ‬الطبي‭ ‬في‭ ‬المحافل‭ ‬الدولية؛‭ ‬إلا‭ ‬أنّ‭ ‬“رِمَاح”‭ ‬هذه‭ ‬الجهود‭ ‬المُسدّدة‭ ‬في‭ ‬خاصرة‭ ‬هذه‭ ‬الجائحة‭ ‬القاتلة،‭ ‬تبقى‭ ‬قاصرة‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬تتكامل‭ ‬فيها‭ ‬الإسهامات‭ ‬الشعبية‭ ‬من‭ ‬مختلف‭ ‬قطاعاتها‭ ‬الوطنية‭ ‬التي‭ ‬تتجلى‭ ‬أبهى‭ ‬صورها‭ ‬بالالتزام‭ ‬الوطني‭ ‬المسؤول‭ ‬الذي‭ ‬يرفع‭ ‬من‭ ‬مستويات‭ ‬الوعي‭ ‬الشعبي‭ ‬والمجتمعي‭ ‬في‭ ‬اتباع‭ ‬الاحترازات‭ ‬الآمنة‭ ‬وتسخير‭ ‬شامل‭ ‬القدرات‭ ‬الإعلامية‭ ‬لإيصال‭ ‬المعلومات‭ ‬الضرورية‭ ‬وتوظيف‭ ‬متعدد‭ ‬المنصّات‭ ‬الخبرية‭ ‬لتطبيق‭ ‬السلوكيات‭ ‬الصحية‭ ‬ومواكبة‭ ‬المستجدات‭ ‬العلاجية‭ ‬وتنفيذ‭ ‬الإجراءات‭ ‬الوقائية،‭ ‬لاسيّما‭ ‬في‭ ‬الآونة‭ ‬الأخيرة‭ ‬التي‭ ‬تصاعدت‭ ‬فيها‭ ‬أعداد‭ ‬الإصابات‭ ‬بصورة‭ ‬متسارعة‭ ‬حسب‭ ‬ما‭ ‬يرد‭ ‬يومياً‭ ‬في‭ ‬موقع‭ ‬وزارة‭ ‬الصحة‭ ‬الرسمي،‭ ‬في‭ ‬وقتٍ‭ ‬جسدت‭ ‬فيه‭ ‬القيادة‭ ‬الحكيمة‭ ‬موقفًا‭ ‬تاريخياً‭ ‬مشرفًا‭ ‬في‭ ‬إدارتها‭ ‬الفريدة‭ ‬لهذا‭ ‬الملف‭ ‬الذي‭ ‬حافظ‭ ‬على‭ ‬سلامة‭ ‬المواطنين‭ ‬والمقيمين‭ ‬والوافدين‭ ‬والعابرين‭.‬

 

نافلة‭:‬

تصدّر‭ ‬الكوادر‭ ‬الطبية‭ ‬–‭ ‬بمعية‭ ‬الطواقم‭ ‬الساهرة‭ ‬من‭ ‬حرّاس‭ ‬الأمن‭ ‬والسلامة‭ ‬بإدارة‭ ‬الصحة‭ ‬العامة‭ - ‬في‭ ‬الصفوف‭ ‬الأمامية‭ ‬بمملكتنا‭ ‬الغالية،‭ ‬أظهر‭ ‬عزماً‭ ‬لا‭ ‬مثيل‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬معركة‭ ‬التّصدي‭ ‬وحماية‭ ‬الأرواح،‭ ‬بل‭ ‬سطرّوا‭ ‬أروع‭ ‬الأمثلة‭ ‬بإرادة‭ ‬لا‭ ‬تعرف‭ ‬الكلل‭ ‬والملل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬عودة‭ ‬الحياة‭ ‬إلى‭ ‬طبيعتها‭ ‬منذ‭ ‬الأيام‭ ‬الأولى‭ ‬لانتشار‭ ‬الفيروس‭ ‬عالمياً‭. ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يتطلب‭ ‬–‭ ‬جنباً‭ ‬إلى‭ ‬جنب‭ - ‬وعياً‭ ‬مجتمعياً‭ ‬فائقاً‭ ‬لإنجاح‭ ‬المهمة‭ ‬باتباع‭ ‬الإجراءات‭ ‬الاحترازية‭ ‬والالتزام‭ ‬بالتعليمات‭ ‬الوقائية‭ ‬التي‭ ‬تُسهم‭ ‬في‭ ‬تحجيم‭ ‬رقعة‭ ‬اتساع‭ ‬المرض‭ ‬بضرورة‭ ‬إفصاح‭ ‬المخالطين‭ ‬لأنفسهم‭ ‬وتحمّل‭ ‬أرباب‭ ‬العمل‭ ‬كلفة‭ ‬الفحص‭ ‬لمنتسبي‭ ‬مؤسساتهم‭ ‬من‭ ‬الوافدين؛‭ ‬تخفيفاً‭ ‬على‭ ‬مواقع‭ ‬الفحص‭ ‬العشوائي‭ ‬المجاني‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬وإفساح‭ ‬المجال‭ ‬للمواطنين‭ ‬في‭ ‬تلقي‭ ‬حقّ‭ ‬العلاج‭ ‬بسهولة‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭ ‬بعد‭ ‬تخصيص‭ ‬أماكن‭ ‬لهم‭ ‬حسب‭ ‬ما‭ ‬أفاد‭ ‬به‭ ‬القرّاء‭ ‬وبعض‭ ‬النيابيين‭.‬