سوالف

قد يأتي يوم نفقد فيه “الكنترول” لا قدر الله

| أسامة الماجد

قبل‭ ‬أيام‭ ‬كانت‭ ‬صورة‭ ‬كورونا‭ ‬عنيفة‭ ‬أكثر‭ ‬مما‭ ‬كنا‭ ‬نتصور،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬أزعج‭ ‬المواطن‭ ‬الملتزم‭ ‬الذي‭ ‬يرفض‭ ‬خسارة‭ ‬أية‭ ‬جولة‭ ‬في‭ ‬معركته‭ ‬مع‭ ‬كورونا،‭ ‬فلأول‭ ‬مرة‭ ‬منذ‭ ‬بدء‭ ‬الجائحة‭ ‬تسجل‭ ‬البحرين‭ ‬أعلى‭ ‬حصيلة‭ ‬وفيات‭ ‬بكورونا‭ ‬بلغت‭ ‬17‭ ‬حالة،‭ ‬وقد‭ ‬ذهب‭ ‬البعض‭ ‬بالقول‭ ‬إن‭ ‬التجمعات‭ ‬المنزلية‭ ‬ليست‭ ‬وحدها‭ ‬السبب،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬الاحترازات‭ ‬خارج‭ ‬نطاق‭ ‬العائلة‭ ‬فيها‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬القصور‭ ‬وتحتاج‭ ‬إلى‭ ‬وقفة‭ ‬جادة‭ ‬واحتواء‭ ‬حقيقي‭.‬

لنضع‭ ‬الأسئلة‭ ‬في‭ ‬مكانها‭ ‬الدقيق‭ ‬ونقول‭.. ‬لماذا‭ ‬يحدث‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬ومن‭ ‬هو‭ ‬المسؤول‭ ‬عن‭ ‬ارتفاع‭ ‬الحالات‭ ‬القائمة؟‭ ‬أتصور‭ ‬شخصيا‭ ‬أن‭ ‬العمالة‭ ‬الآسيوية‭ ‬تنظر‭ ‬إلى‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬منظار‭ ‬آخر،‭ ‬فكما‭ ‬هو‭ ‬واضح‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الفيديوهات‭ ‬والمقاطع‭ ‬التي‭ ‬نشاهدها‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬بأنها‭ ‬غير‭ ‬ملتزمة‭ ‬بالإجراءات‭ ‬الاحترازية‭ ‬والتدابير‭ ‬الوقائية،‭ ‬حيث‭ ‬يتجمعون‭ ‬أمام‭ ‬المنازل‭ ‬للثرثرة‭ ‬وبعضهم‭ ‬يلبس‭ ‬الكمام‭ ‬والبعض‭ ‬الآخر‭ ‬غير‭ ‬مهتم‭ ‬إطلاقا،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬الفريق‭ ‬الوطني‭ ‬للتصدي‭ ‬لفيروس‭ ‬كورونا‭ ‬أوضح‭ ‬في‭ ‬أوقات‭ ‬عديدة‭ ‬أن‭ ‬نتائج‭ ‬الفحص‭ ‬أظهرت‭ ‬وجود‭ ‬أعداد‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬الحالات‭ ‬القائمة‭ ‬بين‭ ‬العمالة‭ ‬الوافدة،‭ ‬ومن‭ ‬ضمن‭ ‬أسباب‭ ‬الارتفاع‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العدد‭ ‬تجمعهم‭ ‬في‭ ‬مساكنهم‭.‬

وبمتابعة‭ ‬الحوادث‭ ‬أو‭ ‬رصد‭ ‬الوقائع‭ ‬يتضح‭ ‬لنا‭ ‬أن‭ ‬العمالة‭ ‬الآسيوية‭ ‬سواء‭ ‬عمال‭ ‬توصيل‭ ‬الطلبات‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬يبيعون‭ ‬في‭ ‬البرادات‭ ‬وغيرهم‭ ‬“لا‭ ‬تعرف‭ ‬لهم‭ ‬سماء‭ ‬ولا‭ ‬أرضا”،‭ ‬لا‭ ‬قناعة‭ ‬ولا‭ ‬ثقافة‭ ‬ولا‭ ‬مسؤولية،‭ ‬بل‭ ‬استهتار‭ ‬بالتعليمات،‭ ‬وكذلك‭ ‬بعض‭ ‬العوائل‭ ‬التي‭ ‬مازالت‭ ‬تعيش‭ ‬اللقاء‭ ‬الأسبوعي‭ ‬الدائم‭ ‬والمستمر‭ ‬دون‭ ‬أدنى‭ ‬مسؤولية،‭ ‬ولم‭ ‬يفد‭ ‬معها‭ ‬قرع‭ ‬أجراس‭ ‬الخطر‭ ‬في‭ ‬أسماعها،‭ ‬ومثل‭ ‬هذه‭ ‬العوائل‭ ‬تحتاج‭ ‬حقيقة‭ ‬إلى‭ ‬دراسة‭ ‬تحليلية‭ ‬لطريقة‭ ‬تفكيرها‭ ‬وتمحيص‭ ‬تصرفاتها‭.‬

لقد‭ ‬توسعت‭ ‬الدائرة‭ ‬كثيرا،‭ ‬وقد‭ ‬يأتي‭ ‬يوم‭ ‬نفقد‭ ‬فيه‭ ‬“الكنترول”‭ ‬لا‭ ‬قدر‭ ‬الله،‭ ‬لهذا‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬النفاذ‭ ‬إلى‭ ‬أعمق‭ ‬أعماق‭ ‬المشكلة‭ ‬وحل‭ ‬الرموز‭ ‬والإشارات‭ ‬طالما‭ ‬قطعنا‭ ‬أشواطا‭ ‬طويلة‭ ‬وبذلنا‭ ‬جهودا‭ ‬مضنية‭.‬