فجر جديد

أبطال منطقة سافرة

| إبراهيم النهام

عشت‭ ‬أجمل‭ ‬سنوات‭ ‬العمر‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬“سافرة”‭ ‬بفترة‭ ‬الطفولة‭ ‬والمراهقة‭ ‬وما‭ ‬بعدها‭ ‬بقليل،‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭ ‬كانت‭ ‬الحياة‭ ‬بسيطة،‭ ‬والناس‭ ‬والعادات،‭ ‬لا‭ ‬ازدحام‭ ‬سيارات،‭ ‬ولا‭ ‬شبكات‭ ‬نت‭ ‬خانقة،‭ ‬ولا‭ ‬تكلف‭ ‬أو‭ ‬تصنع‭ ‬في‭ ‬المعاملة،‭ ‬كانت‭ ‬فترة‭ ‬ذهبية‭ ‬ونقية،‭ ‬تغلبها‭ ‬العفوية‭ ‬والبساطة،‭ ‬ووصل‭ ‬الناس‭ ‬والبيوت‭ ‬المفتوحة‭.‬

كما‭ ‬تميزت‭ ‬تلك‭ ‬الفترة‭ ‬التي‭ ‬أفتقدها‭ ‬كثيراً،‭ ‬بالتربية‭ ‬القاسية‭ ‬والصلبة‭ ‬والحازمة،‭ ‬فجيل‭ ‬رجالات‭ ‬منطقة‭ ‬سافرة‭ ‬لم‭ ‬يكونوا‭ ‬يقبلوا‭ ‬القسمة‭ ‬على‭ ‬اثنين‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بتربية‭ ‬أولادهم،‭ ‬وزرع‭ ‬الخصال‭ ‬الحميدة‭ ‬بهم،‭ ‬فكانت‭ ‬النتائج‭ ‬واضحة‭ ‬وجلية‭.. ‬نواب،‭ ‬وصحافيون،‭ ‬ومدرسون،‭ ‬وضباط،‭ ‬وأطباء،‭ ‬ومهندسون،‭ ‬وغيرهم‭ ‬الكثير‭.‬

من‭ ‬الجيل‭ ‬المؤسس‭ ‬هذا،‭ ‬والدي‭ ‬السيد‭ ‬أحمد‭ ‬النهام‭ ‬رحمه‭ ‬الله‭ ‬صاحب‭ ‬الرقم‭ ‬العسكري‭ (‬979‭) ‬والراحل‭ ‬الوالد‭ ‬محسن‭ ‬البحيري‭ (‬والد‭ ‬النائب‭ ‬السابق‭ ‬سامي‭ ‬البحيري‭) ‬صاحب‭ ‬الرقم‭ ‬العسكري‭ (‬485‭) ‬وغيرهما‭ ‬ممن‭ ‬كنا‭ ‬نراهم‭ ‬كل‭ ‬ظهيرة‭ ‬وصباح‭ ‬بالملابس‭ ‬العسكرية‭ ‬الخضراء‭ ‬والتي‭ ‬كانت‭ ‬تميز‭ ‬تلك‭ ‬الحقبة‭ ‬الذهبية‭.‬

استذكرت‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭ ‬الاستثنائية‭ ‬وهذه‭ ‬الشخوص‭ ‬الفريدة‭ ‬الأسبوع‭ ‬الماضي‭ ‬تحديدا،‭ ‬والذي‭ ‬صادف‭ ‬وفاة‭ ‬والدي‭ ‬ووالد‭ ‬الأخ‭ ‬سامي‭ ‬البحيري‭ ‬والذي‭ ‬كان‭ ‬معروفا‭ ‬بالشجاعة‭ ‬والكرم‭ ‬والتواضع‭ ‬الجم،‭ ‬وصوته‭ ‬المميز‭ ‬والقوي،‭ ‬رحمهما‭ ‬الله‭ ‬وغفر‭ ‬لهما‭ ‬وأسكنهما‭ ‬فسيح‭ ‬جناته‭.. ‬وفي‭ ‬تشييع‭ ‬جنازة‭ ‬والدي‭ ‬بمقبرة‭ ‬الحنينية،‭ ‬رأيت‭ ‬وجوها‭ ‬عزيزة‭ ‬من‭ ‬الأصدقاء‭ ‬ومعارف‭ ‬الوالد،‭ ‬والذين‭ ‬تقطعت‭ ‬بهم‭ ‬سبل‭ ‬الوصل‭ ‬لسنوات‭ ‬طويلة،‭ ‬لظروف‭ ‬الحياة‭ ‬ومسبباتها‭ ‬وما‭ ‬أكثرها،‭ ‬لكن‭ ‬الذكريات‭ ‬الجميلة‭ ‬والحميمية‭ ‬تظل‭ ‬حاضرة‭ ‬في‭ ‬الذاكرة،‭ ‬معهم،‭ ‬وبهم،‭ ‬ومع‭ ‬آبائهم‭ ‬الذين‭ ‬قدموا‭ ‬الكثير‭ ‬مما‭ ‬نقدمه‭ ‬نحن‭ ‬اليوم،‭ ‬للوطن‭ ‬والقيادة‭ ‬والناس‭.‬

أستذكر‭ ‬اليوم‭ ‬عرفاناً‭ ‬ووفاء،‭ ‬بعض‭ ‬رجال‭ ‬منطقة‭ ‬سافرة‭ ‬الأوفياء‭ ‬بحقبة‭ ‬التأسيس‭ ‬الأولى‭ ‬لشرطة‭ ‬البحرين،‭ ‬ممن‭ ‬قدموا‭ ‬دروساً‭ ‬مستفادة‭ ‬في‭ ‬التضحية‭ ‬والفداء‭.. ‬أستذكر‭: ‬أحمد‭ ‬الظاهري،‭ ‬عبدالخالق‭ ‬عبدالحق،‭ ‬ثابت‭ ‬ناجي،‭ ‬صالح‭ ‬الأشقر،‭ ‬مصلح‭ ‬المريسي،‭ ‬محمد‭ ‬الخلاقي،‭ ‬صالح‭ ‬الخلاقي،‭ ‬حسين‭ ‬الشفيري،‭ ‬أحمد‭ ‬الحيدري،‭ ‬عبده‭ ‬الظفري،‭ ‬علي‭ ‬القشار،‭ ‬ناجي‭ ‬حزام،‭ ‬صالح‭ ‬الجعوني،‭ ‬ناصر‭ ‬أحمد،‭ ‬ناصر‭ ‬صلاح،‭ ‬صالح‭ ‬التام،‭ ‬علي‭ ‬البكري،‭ ‬عبدالرحمن‭ ‬البكري،‭ ‬محمد‭ ‬ناشر‭ ‬الصعدي،‭ ‬علي‭ ‬الجابري،‭ ‬أحمد‭ ‬عبدالله‭ ‬العمري،‭ ‬عبدالله‭ ‬عامر‭ ‬الأسد،‭ ‬زين‭ ‬حيدره،‭ ‬محمد‭ ‬المرشد،‭ ‬غول‭ ‬محمد،‭ ‬أحمد‭ ‬مراد،‭ ‬أحمد‭ ‬ناصر‭ ‬جاسم،‭ ‬إبراهيم‭ ‬سرحان،‭ ‬عبيد‭ ‬نزال،‭ ‬وغيرهم‭ ‬ممن‭ ‬لم‭ ‬تستحضرهم‭ ‬الذاكرة‭ ‬الهشة،‭ ‬رحم‭ ‬الله‭ ‬من‭ ‬مات‭ ‬منهم،‭ ‬وحفظ‭ ‬من‭ ‬كان‭ ‬حيا‭.‬