سوالف

مكاني ليس في البرلمانات أو المجالس البلدية

| أسامة الماجد

أحد‭ ‬الجيران‭ ‬اقترح‭ ‬علي‭ ‬في‭ ‬ثاني‭ ‬أيام‭ ‬العيد‭ ‬وبعد‭ ‬السلام‭ ‬والترحيب‭ ‬والمعايدة‭ ‬وغيرها‭ ‬أن‭ ‬أترشح‭ ‬للمجلس‭ ‬النيابي‭ ‬القادم‭ ‬كوني‭ ‬صحافيا‭ ‬وإعلاميا‭ ‬معروفا‭ ‬ولن‭ ‬يتردد‭ ‬الناس‭ ‬في‭ ‬انتخابي،‭ ‬ضحكت‭ ‬والاستغراب‭ ‬يفيض‭ ‬على‭ ‬شفتي‭ ‬وقلت‭ ‬له‭.. ‬“رحم‭ ‬الله‭ ‬امرئ‭ ‬عرف‭ ‬قدر‭ ‬نفسه”،‭ ‬مكاني‭ ‬ليس‭ ‬في‭ ‬البرلمانات‭ ‬أو‭ ‬المجالس‭ ‬البلدية،‭ ‬وليس‭ ‬بالضرورة‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الوجه‭ ‬المعروف‭ ‬اجتماعيا‭ ‬مؤهلا‭ ‬بقوة‭ ‬للدخول‭ ‬في‭ ‬البرلمان،‭ ‬“بويوسف”‭.. ‬الموضوع‭ ‬أكبر‭ ‬مما‭ ‬تراه‭ ‬ويحتاج‭ ‬إلى‭ ‬شرح‭ ‬مفصل،‭ ‬لكن‭ ‬ثق‭ ‬تماما‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬مواطن‭ ‬فينا‭ ‬يدرك‭ ‬مسؤوليته‭ ‬الكبيرة‭ ‬والقيام‭ ‬بواجبه‭ ‬تجاه‭ ‬البحرين‭. ‬وانتهى‭ ‬حديثنا‭ ‬وقبل‭ ‬أن‭ ‬يذهب‭ ‬قال‭ ‬“هذه‭ ‬وجهة‭ ‬نظري”‭.‬

الكاتب‭ ‬والأديب‭ ‬دائما‭ ‬يبقى‭ ‬في‭ ‬منزلة‭ ‬المتأمل‭ ‬البعيد‭ ‬عن‭ ‬خضم‭ ‬الحياة،‭ ‬وعلى‭ ‬مدار‭ ‬التاريخ‭ ‬كله‭ ‬هناك‭ ‬ظاهرة‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬إنكارها‭ ‬وهي‭ ‬أن‭ ‬الكتابة‭ ‬والأدب‭ ‬يمتازان‭ ‬دائما‭ ‬بالرفض،‭ ‬فالكاتب‭ ‬يرفض‭ ‬وينتقد‭ ‬ولا‭ ‬يتلاءم‭ ‬مع‭ ‬المجتمع‭ ‬في‭ ‬شكله،‭ ‬يستمتع‭ ‬بمجد‭ ‬الكلمة‭ ‬وروعتها،‭ ‬وروعة‭ ‬التفكير،‭ ‬وفي‭ ‬تصوري‭ ‬الشخصي‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬التوفيق‭ ‬بين‭ ‬الكتابة‭ ‬“الأدب”‭ ‬وبين‭ ‬العمل‭ ‬البرلماني‭ ‬والتفاعل‭ ‬مع‭ ‬الناس‭ ‬والصبر‭ ‬على‭ ‬كلام‭ ‬الناخبين،‭ ‬لأن‭ ‬الكاتب‭ ‬لديه‭ ‬طريقته‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬المجتمع‭ ‬والواقع‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬جمع‭ ‬المادة‭ ‬أو‭ ‬الخيلاء‭ ‬والزهو‭ ‬كما‭ ‬يفعل‭ ‬البعض،‭ ‬الكاتب‭ ‬والصحافي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يبلغ‭ ‬رسالته‭ ‬بالكتابة‭ ‬ويبلغها‭ ‬بالعمل‭ ‬اليومي‭ ‬مع‭ ‬زملائه‭ ‬في‭ ‬درب‭ ‬الكفاح‭.. ‬الكاتب‭ ‬مطالب‭ ‬بتحمل‭ ‬المسؤولية‭ ‬لأنه‭ ‬حر‭ ‬ومسؤول،‭ ‬وعليه‭ ‬أن‭ ‬يدخل‭ ‬المجتمع‭ ‬بكتاباته‭ ‬وآرائه‭ ‬فهي‭ ‬المحك‭ ‬القيم،‭ ‬ومن‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬يتورط‭ ‬بعمل‭ ‬لا‭ ‬يستطيع‭ ‬القيام‭ ‬به‭.‬

قد‭ ‬يسألون،‭ ‬ألا‭ ‬يوجد‭ ‬كتاب‭ ‬وصحافيون‭ ‬اقتحموا‭ ‬الميدان‭ ‬السياسي‭ ‬وتبوءوا‭ ‬منصبا‭ ‬حكوميا‭ ‬ونجحوا‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬البرلماني؟‭ ‬نقول‭ ‬لهم‭... ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬ولكنهم‭ ‬انطلقوا‭ ‬في‭ ‬عملهم‭ ‬السياسي‭ ‬وهم‭ ‬يحملون‭ ‬أفكارا‭ ‬أدبية‭ ‬وهذا‭ ‬يعني‭ ‬حساسية‭ ‬وشفافية‭ ‬تفكير‭ ‬واتساع‭ ‬خيال‭ ‬وأحاسيس‭ ‬مختلفة‭ ‬وكلها‭ ‬صفات‭ ‬قد‭ ‬تجعلهم‭ ‬غير‭ ‬مفيدين‭ ‬في‭ ‬البرلمان‭ ‬الذي‭ ‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬تفكير‭ ‬واتجاه‭ ‬آخر‭ ‬غير‭ ‬تفكير‭ ‬الصحافي‭ ‬والأديب‭.‬

ما‭ ‬أقوله‭ ‬هو‭ ‬المناسب‭ ‬والأقرب‭ ‬إلى‭ ‬المعقول،‭ ‬لأن‭ ‬عالم‭ ‬الأدب‭ ‬والكتابة‭ ‬مناخ‭ ‬غير‭ ‬ملائم‭ ‬للعمل‭ ‬البرلماني‭.‬