أنسنة

“الدراما الرمضانية”... اللبنانية تصعد والخليجية خارج المنافسة

| رجاء مرهون

تمطر‭ ‬القنوات‭ ‬الفضائية‭ ‬العربية‭ ‬بعشرات‭ ‬الأعمال‭ ‬الدرامية‭ ‬مع‭ ‬هلال‭ ‬الشهر‭ ‬الكريم‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬عام،‭ ‬في‭ ‬ظاهرة‭ ‬باتت‭ ‬تسمى‭ ‬“السباق‭ ‬الرمضاني”،‭ ‬يتنافس‭ ‬فيها‭ ‬المنتجون‭ ‬والمؤلفون‭ ‬على‭ ‬تجهيز‭ ‬مسلسل‭ ‬من‭ ‬‮٣٠‬‭ ‬حلقة‭ ‬“بالتمام‭ ‬والكمال”،‭ ‬لتقدم‭ ‬على‭ ‬امتداد‭ ‬الشهر‭ ‬كاملا،‭ ‬وإن‭ ‬جاء‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭/‬الشرط‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬المحتوى‭ ‬والمضمون‭.‬

وأمام‭ ‬هذا‭ ‬الكم‭ ‬الهائل‭ ‬من‭ ‬الأعمال،‭ ‬يبدو‭ ‬المشاهد‭ ‬مشتتا‭ ‬إلى‭ ‬درجة‭ ‬من‭ ‬التشويش،‭ ‬ليس‭ ‬المتابع‭ ‬العادي‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬تمتد‭ ‬الحالة‭ ‬لتطال‭ ‬النقاد‭ ‬والمتخصصين‭ ‬الذين‭ ‬مهما‭ ‬بلغت‭ ‬مهاراتهم‭ ‬واجتهاداتهم‭ ‬لن‭ ‬يتمكنوا‭ ‬من‭ ‬متابعة‭ ‬جميع‭ ‬هذه‭ ‬المسلسلات‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬تقييمها‭ ‬ونقدها‭. ‬

ووسط‭ ‬هذا‭ ‬السباق‭ ‬المحموم،‭ ‬ينجح‭ ‬العمل‭ ‬فقط‭ ‬عندما‭ ‬يتمكن‭ ‬من‭ ‬جذب‭ ‬المشاهد‭ ‬منذ‭ ‬لحظاته‭ ‬الأولى‭ ‬وحتى‭ ‬آخر‭ ‬الحلقات،‭ ‬وحققه‭ ‬هذا‭ ‬الموسم‭ ‬مسلسل‭ ‬“‮٢٠٢٠‬”‭ ‬الذي‭ ‬تصدر‭ ‬نسب‭ ‬المشاهدة‭ ‬ونقل‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬عناصر‭ ‬إنتاجه‭ ‬من‭ ‬الساحة‭ ‬اللبنانية‭ ‬المحلية‭ ‬إلى‭ ‬الفضاء‭ ‬العربي‭ ‬الأوسع،‭ ‬العمل‭ ‬الذي‭ ‬نجح‭ ‬في‭ ‬حبس‭ ‬أنفاس‭ ‬جماهيره‭ ‬في‭ ‬حلقات‭ ‬عدة،‭ ‬وحصد‭ ‬حماسا‭ ‬وتعاطفا‭ ‬واسعا‭ ‬ومتواصلا‭ ‬مع‭ ‬شخصيات‭ ‬العمل،‭ ‬تميز‭ ‬بقوة‭ ‬أداء‭ ‬نجومه‭ ‬وإخراجه،‭ ‬وحبكته‭ ‬القصصية‭ ‬التي‭ ‬تعاون‭ ‬في‭ ‬كتابتها‭ ‬مؤلفان‭ - ‬لا‭ ‬مؤلف‭ ‬واحد‭ ‬كما‭ ‬العادة،‭ ‬اشتركا‭ ‬في‭ ‬كتابة‭ ‬خطوطه‭ ‬العريضة‭ ‬وكذلك‭ ‬أدق‭ ‬تفاصيله‭.‬

من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى،‭ ‬سعت‭ ‬الدراما‭ ‬المصرية‭ ‬جاهدة‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬مكانتها،‭ ‬فحصد‭ ‬مسلسل‭ ‬“نسل‭ ‬الأغراب”‭ ‬موقعا‭ ‬متقدما‭ ‬جماهيريا‭ ‬معتمدا‭ ‬على‭ ‬تميز‭ ‬“الحوار”‭ ‬والإخراج،‭ ‬وكذلك‭ ‬مسلسل‭ ‬“لعبة‭ ‬نيوتن”‭ ‬الذي‭ ‬حاول‭ ‬مقاربة‭ ‬أحلام‭ ‬ومشاكل‭ ‬الطبقة‭ ‬الوسطى‭ ‬في‭ ‬قاهرة‭ ‬الفن‭ ‬والثقافة‭. ‬

أما‭ ‬الدراما‭ ‬الخليجية،‭ ‬وباستثناء‭ ‬مسلسل‭ ‬“ممنوع‭ ‬التجول”‭ ‬الذي‭ ‬نجح‭ ‬في‭ ‬مناقشة‭ ‬جانب‭ ‬من‭ ‬إشكاليتنا‭ ‬الاجتماعية‭ ‬أثناء‭ ‬أزمة‭ ‬كورونا،‭ ‬فإن‭ ‬جميع‭ ‬الأعمال‭ ‬الدرامية‭ ‬الخليجية‭ ‬تقف‭ ‬خارج‭ ‬السباق‭ ‬الرمضاني‭ ‬ليس‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬العربي‭ ‬الأشمل،‭ ‬إنما‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬مخاطبة‭ ‬عقل‭ ‬المشاهد‭ ‬الخليجي‭ ‬الذي‭ ‬يبدو‭ ‬باحثا‭ ‬ومتعطشا‭ ‬لما‭ ‬يلمس‭ ‬عقله‭ ‬ووجدانه‭.‬

“مسلسلاتنا”‭ ‬هذا‭ ‬الموسم‭ ‬ليست‭ ‬سوى‭ ‬أفكار‭ ‬مكررة‭ ‬لتلك‭ ‬“المرأة‭ ‬المهووسة‭ ‬بذاتها”‭ ‬ومشاهد‭ ‬مأخوذة‭ ‬“بالحرف”‭ ‬من‭ ‬أعمال‭ ‬عربية،‭ ‬وفي‭ ‬هذه‭ ‬السطور،‭ ‬أدعو‭ ‬المنتجين‭ ‬الخليجيين‭ ‬للتعامل‭ ‬بجدية‭ ‬أكبر‭ ‬مع‭ ‬المشاهد‭ ‬وعقله،‭ ‬والاهتمام‭ ‬بالنوعية‭ ‬عوضا‭ ‬عن‭ ‬السعي‭ ‬للإنتاج‭ ‬كهدف‭ ‬بذاته،‭ ‬والبحث‭ ‬عن‭ ‬تميز‭ ‬يبدأ‭ ‬من‭ ‬الأفكار‭ ‬والسطور‭.‬