مجلس جديد... دماء جديدة

| د. عبدالله الحواج

“التغيير‭ ‬سنة‭ ‬الحياة”،‭ ‬حقيقة‭ ‬وجودية،‭ ‬وقيمة‭ ‬كونية،‭ ‬طالما‭ ‬رحبنا‭ ‬بها،‭ ‬وطالما‭ ‬اعترفنا‭ ‬بأفضالها‭ ‬على‭ ‬البشرية‭ ‬جمعاء،‭ ‬الدماء‭ ‬الجديدة‭ ‬التي‭ ‬تُضخ‭ ‬في‭ ‬شرايين‭ ‬منظومة‭ ‬الأداء،‭ ‬ذلك‭ ‬التبادل‭ ‬التراكمي‭ ‬بين‭ ‬أجيال‭ ‬تذهب‭ ‬وأجيال‭ ‬تجيء،‭ ‬خبرات‭ ‬تترك‭ ‬بصمات‭ ‬وأخرى‭ ‬تحقق‭ ‬الإضافة‭ ‬والتواصل‭ ‬بين‭ ‬المراحل‭ ‬والتناغم‭ ‬مع‭ ‬المتغيرات‭.‬

قبل‭ ‬أيام‭ ‬صدر‭ ‬المرسوم‭ ‬الملكي‭ ‬السامي‭ ‬بتشكيل‭ ‬مجلس‭ ‬أمناء‭ ‬التعليم‭ ‬العالي،‭ ‬بضم‭ ‬وجوه‭ ‬جديدة‭ ‬شابة،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬وجوه‭ ‬أعطت‭ ‬وضحت‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬لدينا‭ ‬تعليم‭ ‬مستنير،‭ ‬وجامعات‭ ‬على‭ ‬أعلى‭ ‬مستوى،‭ ‬وعلوم‭ ‬تضاهي‭ ‬مثيلتها‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬بلدان‭ ‬المعمورة‭ ‬المتقدمة‭.‬

ولقد‭ ‬كانت‭ ‬للثقة‭ ‬الغالية‭ ‬التي‭ ‬أولاها‭ ‬عاهل‭ ‬البلاد‭ ‬المفدى‭ ‬حضرة‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه،‭ ‬لهذا‭ ‬اللفيف‭ ‬من‭ ‬النفر‭ ‬الجديد،‭ ‬وهذا‭ ‬الخليط‭ ‬بين‭ ‬الأجيال‭ ‬النيرة،‭ ‬والوجوه‭ ‬الشابة‭ ‬سوف‭ ‬يمنح‭ ‬مجلس‭ ‬التعليم‭ ‬العالي‭ ‬قوة‭ ‬دفع‭ ‬أكبر،‭ ‬وسوف‭ ‬يعيد‭ ‬ترسيم‭ ‬البصائر‭ ‬بما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يحققه‭ ‬التطوير‭ ‬المنشود‭ ‬لمنظومتنا‭ ‬في‭ ‬التعليم‭ ‬العالي،‭ ‬بل‭ ‬ويدفع‭ ‬بجامعاتنا‭ ‬إلى‭ ‬مصاف‭ ‬الجامعات‭ ‬التي‭ ‬شاركت‭ ‬بإقدام‭ ‬في‭ ‬تعمير‭ ‬الأرض،‭ ‬وإزكاء‭ ‬روح‭ ‬النهضة‭ ‬والحضارة،‭ ‬وزرع‭ ‬قناديل‭ ‬التقدم‭ ‬والرقي‭.‬

إن‭ ‬الثقة‭ ‬الغالية‭ ‬التي‭ ‬أولاها‭ ‬حضرة‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه‭ ‬بتعيين‭ ‬الأخ‭ ‬العزيز‭ ‬وزير‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم‭ ‬الدكتور‭ ‬ماجد‭ ‬بن‭ ‬علي‭ ‬النعيمي‭ ‬رئيسًا‭ ‬لمجلس‭ ‬أمناء‭ ‬مجلس‭ ‬التعليم‭ ‬العالي،‭ ‬وتعيين‭ ‬وكيل‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬سابقًا‭ ‬الدكتورة‭ ‬الشيخة‭ ‬رنا‭ ‬بنت‭ ‬عيسى‭ ‬بن‭ ‬دعيج‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬أمينًا‭ ‬عامًا‭ ‬ونائبًا‭ ‬لرئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الأمناء،‭ ‬ثم‭ ‬بذلك‭ ‬الاختيار‭ ‬المفعم‭ ‬بروح‭ ‬التجديد‭ ‬والإضافة‭ ‬من‭ ‬شباب‭ ‬متميز‭ ‬طموح‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬أسماء‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬عمر‭ ‬الزهور‭ ‬لها‭ ‬مني‭ ‬كل‭ ‬الأمنيات‭ ‬الطيبة‭ ‬بالتوفيق‭ ‬والسداد‭ ‬في‭ ‬حمل‭ ‬راية‭ ‬التعليم‭ ‬العالي،‭ ‬ووضع‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬مركزها‭ ‬الطبيعي‭ ‬الطليعي‭ ‬بين‭ ‬شقيقاتها‭ ‬بدول‭ ‬المنطقة‭.‬

المطلوب‭ ‬الآن‭ ‬وأكثر‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬مضى،‭ ‬أن‭ ‬نكون‭ ‬بحجم‭ ‬التحدي،‭ ‬وأن‭ ‬يكون‭ ‬التعاون‭ ‬بين‭ ‬مختلف‭ ‬مفردات‭ ‬المنظومة‭ ‬قائمًا‭ ‬على‭ ‬تبادل‭ ‬الرؤى،‭ ‬على‭ ‬تفهم‭ ‬أوضاع‭ ‬الجامعات،‭ ‬على‭ ‬استيعاب‭ ‬طموحاتها‭ ‬وخططها،‭ ‬أهمها‭ ‬ما‭ ‬يرتبط‭ ‬بأهمية‭ ‬تسويق‭ ‬جامعاتنا‭ ‬بين‭ ‬شقيقاتها‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬المجاورة،‭ ‬خاصة‭ ‬تلك‭ ‬الجامعات‭ ‬التي‭ ‬اعتلت‭ ‬أعلى‭ ‬منصات‭ ‬وتزكيات‭ ‬الجودة،‭ ‬وتلك‭ ‬التي‭ ‬حصلت‭ ‬بكل‭ ‬كفاءة‭ ‬واقتدار‭ ‬على‭ ‬الاعتماد‭ ‬الأكاديمي‭ ‬الذي‭ ‬يجب‭ ‬الترويج‭ ‬له‭ ‬مع‭ ‬المؤسسات‭ ‬التعليمية‭ ‬المسئولة‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي،‭ ‬المطلوب‭ ‬والأمل‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬التعليم‭ ‬العالي،‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬أمنائه،‭ ‬وفي‭ ‬أمانته‭ ‬العامة،‭ ‬وفي‭ ‬ذلك‭ ‬اللفيف‭ ‬الطموح‭ ‬من‭ ‬الدماء‭ ‬الجديدة‭ ‬التي‭ ‬حلت،‭ ‬وتلك‭ ‬التي‭ ‬توجتها‭ ‬الخبرة‭ ‬الطويلة‭ ‬بالحكمة‭ ‬ورجاحة‭ ‬البصيرة‭.‬

المطلوب‭ ‬من‭ ‬مجلس‭ ‬التعليم‭ ‬العالي‭ ‬الكثير،‭ ‬فنحن‭ ‬نعيش‭ ‬جائحة‭ ‬كونية‭ ‬كارثية‭ ‬بجميع‭ ‬المقاييس،‭ ‬أقعدت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬القطاعات‭ ‬في‭ ‬منازلها،‭ ‬وأجبرت‭ ‬المنظومة‭ ‬القادرة‭ ‬على‭ ‬استنفار‭ ‬قدراتها‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬العمل‭ ‬“أون‭ ‬لاين”‭ ‬لكي‭ ‬تكون‭ ‬على‭ ‬التواصل‭ ‬ذاته‭ ‬مع‭ ‬مفردات‭ ‬المجتمع،‭ ‬وعلى‭ ‬الأداء‭ ‬المتميز‭ ‬ذاته‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬شاردة‭ ‬وكل‭ ‬واردة‭ ‬ترتبط‭ ‬بالقطاعات‭ ‬التي‭ ‬تنتمي‭ ‬إليها‭ ‬منظومة‭ ‬التعليم‭ ‬العالي‭ ‬خصيصًا،‭ ‬الأمل‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬زملائنا‭ ‬وأبنائنا‭ ‬ممن‭ ‬وضعوا‭ ‬أقدامهم‭ ‬إلى‭ ‬جانبنا‭ ‬في‭ ‬صفوف‭ ‬المواجهة‭ ‬مع‭ ‬التحدي،‭ ‬وفي‭ ‬كتائب‭ ‬التعاطي‭ ‬مع‭ ‬قضايا‭ ‬التعليم‭ ‬العالي‭ ‬باعتباره‭ ‬نقطة‭ ‬الانطلاق‭ ‬نحو‭ ‬تحديث‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬في‭ ‬المملكة،‭ ‬نحو‭ ‬توفير‭ ‬وتأكيد‭ ‬قدراتنا‭ ‬التكنولوجية،‭ ‬وكفاءاتنا‭ ‬البشرية،‭ ‬وعقولنا‭ ‬الجاهزة‭ ‬لاستيعاب‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬جديد‭ ‬مفروض‭ ‬من‭ ‬سلطة‭ ‬العلم،‭ ‬ومن‭ ‬رجاحة‭ ‬التنوير‭ ‬بالواقع‭ ‬الجديد‭ ‬المتعايش‭ ‬مع‭ ‬الجوائح‭ ‬والمتغيرات،‭ ‬الأمل‭ ‬كبير‭ ‬والمطلوب‭ ‬أكبر،‭ ‬والله‭ ‬الموفق‭ ‬والمستعان‭.‬