من جديد

الصاروخ الصيني والإعلام بميزان جديد

| د. سمر الأبيوكي

حس‭ ‬الفكاهة‭ ‬أصبح‭ ‬المسيطر‭ ‬على‭ ‬أغلب‭ ‬الأشخاص‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬ما‭ ‬نعيشه‭ ‬من‭ ‬أخبار‭ ‬متتالية‭ ‬غريبة‭ ‬عجيبة،‭ ‬بدءا‭ ‬بالجائحة‭ ‬وانتهاء‭ ‬بالصاروخ‭ ‬الصيني‭ ‬الذي‭ ‬توالت‭ ‬بسببه‭ ‬النكات‭ ‬والصور،‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬الأزمات‭ ‬تجعل‭ ‬الشعوب‭ ‬أكثر‭ ‬حبا‭ ‬للطرفة‭ ‬وتداولها،‭ ‬وكأن‭ ‬لسان‭ ‬حالها‭ ‬يقول‭ ‬“خل‭ ‬نعيش‭ ‬اليوم‭ ‬لحظه‭ ‬بلحظه”‭.‬

الحقيقه‭ ‬أنني‭ ‬أرجع‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬نعيشه‭ ‬من‭ ‬مشاعر‭ ‬وانفتاح‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭ ‬على‭ ‬الآخر‭ ‬إلى‭ ‬الإعلام‭ ‬الرقمي‭ ‬السريع‭ ‬الذي‭ ‬استطاع‭ ‬في‭ ‬غضون‭ ‬ساعات‭ ‬مثلا‭ ‬أن‭ ‬ينشر‭ ‬رابطا‭ ‬لمتابعة‭ ‬مسار‭ ‬الصاروخ‭ ‬الصيني‭ ‬وأن‭ ‬يحرك‭ ‬جيلا‭ ‬من‭ ‬الشباب‭ ‬يتفنن‭ ‬في‭ ‬إطلاق‭ ‬النكات‭ ‬واستخدام‭ ‬الصور‭ ‬المعبرة‭ ‬وتركيب‭ ‬العبارات‭ ‬على‭ ‬الصور‭ ‬ليصبح‭ ‬أي‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬غضون‭ ‬لحظات‭ ‬معدودة‭ ‬ترندا‭ ‬حقيقيا‭ ‬يجوب‭ ‬العالم‭.‬

في‭ ‬كتب‭ ‬الإعلام‭ ‬التي‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬مراجعتها‭ ‬أمام‭ ‬هذا‭ ‬الكم‭ ‬الهائل‭ ‬من‭ ‬المتغيرات‭ ‬الحقيقية،‭ ‬كنا‭ ‬نقول‭ ‬إن‭ ‬المحرك‭ ‬الأساسي‭ ‬للأخبار‭ ‬هو‭ ‬وكالات‭ ‬الأنباء،‭ ‬وما‭ ‬تفرضه‭ ‬الوكالة‭ ‬هو‭ ‬بالتأكيد‭ ‬دليل‭ ‬واضح‭ ‬لاتباعه‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬بقية‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬بالتركيز‭ ‬على‭ ‬خبر‭ ‬بعينه‭ ‬دون‭ ‬الآخر،‭ ‬أما‭ ‬الآن‭ ‬فقد‭ ‬بات‭ ‬الإعلام‭ ‬الرقمي‭ ‬وخصوصا‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بوسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الحديثة‭ ‬وقنوات‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬المحرك‭ ‬الأساسي‭ ‬للأحداث‭ ‬عالميا،‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬مهول‭ ‬يدعو‭ ‬للدراسة‭ ‬والتمحيص،‭ ‬فقد‭ ‬أغضب‭ ‬الترند‭ ‬الحالي‭ ‬الذي‭ ‬صنعته‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬عن‭ ‬الصاروخ‭ ‬الصيني،‭ ‬جمهورية‭ ‬الصين‭ ‬الشعبية‭ ‬وخرجت‭ ‬ببيان‭ ‬توضح‭ ‬فيه‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الحادثة‭ ‬مكررة‭ ‬وأن‭ ‬الصاروخ‭ ‬سينفجر‭ ‬خارج‭ ‬الغلاف‭ ‬الجوي‭ ‬وسيهبط‭ ‬حطامه‭ ‬فيما‭ ‬بعد‭ ‬بما‭ ‬لا‭ ‬يشكل‭ ‬خطورة‭ ‬كبيرة‭ ‬ولا‭ ‬يدعو‭ ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬الهرج‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬زعمها،‭ ‬لكن‭ ‬بيان‭ ‬الصين‭ ‬لم‭ ‬يصل‭ ‬حتى‭ ‬إلى‭ ‬عُشر‭ ‬النسبة‭ ‬التي‭ ‬وصل‭ ‬لها‭ ‬ترند‭ ‬الصاروخ‭ ‬وانتظار‭ ‬سقوطه‭ ‬وأين‭ ‬سيسقط‭!‬

حقا‭ ‬إن‭ ‬الأمر‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬الأبحاث،‭ ‬ما‭ ‬تصنعه‭ ‬السوشل‭ ‬ميديا‭ ‬برأيي‭ ‬البسيط‭ ‬يغير‭ ‬قواعد‭ ‬اللعبة‭ ‬الاعلامية‭ ‬بأكملها‭ ‬ويفتح‭ ‬أعيُننا‭ ‬على‭ ‬أداة‭ ‬جديدة‭ ‬تستطيع‭ ‬ببساطة‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬سكان‭ ‬الكرة‭ ‬الأرضية‭ ‬ممن‭ ‬يستخدمون‭ ‬هاتفهم‭ ‬النقال،‭ ‬ونحتاج‭ ‬فعلا‭ ‬أن‭ ‬نشاهد‭ ‬وننصت‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬القوة‭ ‬المحركة‭ ‬شئنا‭ ‬أم‭ ‬“شئنا”،‭ ‬فلا‭ ‬مجال‭ ‬أن‭ ‬تأبى‭ ‬أو‭ ‬ترفض‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬حاليا‭ ‬من‭ ‬توجهات‭ ‬وتحركات‭ ‬عالمية‭ ‬تصنع‭ ‬رأيا‭ ‬عاما‭ ‬عالميا‭ (‬موحدا‭) ‬من‭ ‬خلال‭ ‬برامج‭ ‬تواصل‭ ‬اجتماعي‭ ‬كنا‭ ‬نظن‭ ‬لوهلة‭ ‬ما‭ ‬أنها‭ ‬“هبة‭ ‬وبتعدي”‭.‬