كورونا... والوعي المجتمعي

| يوسف الحداد

من‭ ‬الخطأ‭ ‬أن‭ ‬يتصور‭ ‬البعض‭ ‬أن‭ ‬استئناف‭ ‬بعض‭ ‬مظاهر‭ ‬النشاط‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والعودة‭ ‬إلى‭ ‬العمل،‭ ‬قد‭ ‬يعني‭ ‬التخفيف‭ ‬من‭ ‬الإجراءات‭ ‬الوقائية‭ ‬والاحترازية‭ ‬المتبعة‭ ‬لمواجهة‭ ‬وباء‭ ‬كوفيد‭ ‬19،‭ ‬بالعكس‭ ‬فإن‭ ‬الالتزام‭ ‬الآن‭ ‬بكامل‭ ‬الإرشادات‭ ‬والتعليمات‭ ‬الخاصة‭ ‬أصبح‭ ‬مضاعفاً،‭ ‬حيث‭ ‬تقع‭ ‬المسؤولية‭ ‬الأكبر‭ ‬على‭ ‬عاتق‭ ‬أفراد‭ ‬المجتمع؛‭ ‬لأن‭ ‬الدولة‭ ‬لم‭ ‬تُقدم‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الخطوة،‭ ‬إلا‭ ‬لأنها‭ ‬كثفت‭ ‬جهودها‭ ‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬ظهور‭ ‬هذا‭ ‬الوباء‭ ‬في‭ ‬توعية‭ ‬الجميع‭ ‬وتعريفهم‭ ‬بسبل‭ ‬الوقاية‭ ‬وكيفية‭ ‬التعامل‭ ‬الاحترازي،‭ ‬وأصبح‭ ‬الآن‭ ‬الرهان‭ ‬على‭ ‬وعي‭ ‬المجتمع‭ ‬والتزامه‭ ‬في‭ ‬تجاوز‭ ‬هذه‭ ‬الأزمة‭.‬

تشير‭ ‬خبرات‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الوعي‭ ‬المجتمعي‭ ‬كان‭ ‬حجر‭ ‬الأساس‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬كورونا‭ ‬واحتواء‭ ‬انتشاره،‭ ‬لأنه‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬طبيعة‭ ‬الإجراءات‭ ‬الوقائية‭ ‬والخطوات‭ ‬الاحترازية‭ ‬فإنها‭ ‬تظل‭ ‬بلا‭ ‬جدوى‭ ‬دون‭ ‬الالتزام‭ ‬الكامل‭ ‬والطوعي‭ ‬بها‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬أفراد‭ ‬المجتمع،‭ ‬فالشعوب‭ ‬التي‭ ‬استهانت‭ ‬بتنفيذ‭ ‬التعليمات‭ ‬والإرشادات‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬تعاني‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬وتكاد‭ ‬منظومتها‭ ‬الصحية‭ ‬تكون‭ ‬عاجزة‭ ‬عن‭ ‬توفير‭ ‬الرعاية‭ ‬الصحية‭ ‬بشكل‭ ‬جيد‭ ‬للمصابين،‭ ‬لهذا‭ ‬فإن‭ ‬الرهان‭ ‬على‭ ‬وعي‭ ‬المجتمع‭ ‬والتزامه‭ ‬الكامل‭ ‬بكل‭ ‬الإجراءات‭ ‬الاحترازية‭ ‬والوقائية‭ ‬يظل‭ ‬أساس‭ ‬التعايش‭ ‬مع‭ ‬وباء‭ ‬كورونا،‭ ‬والقضاء‭ ‬عليه‭ ‬بشكل‭ ‬نهائي‭.‬

الوعي‭ ‬المجتمعي‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬فقط‭ ‬بالالتزام‭ ‬بكل‭ ‬الإجراءات‭ ‬والتعليمات‭ ‬والإرشادات،‭ ‬إنما‭ ‬أيضاً‭ ‬في‭ ‬الإحساس‭ ‬العميق‭ ‬بالمسؤولية‭ ‬تجاه‭ ‬الوطن‭ ‬ودعم‭ ‬الجهود‭ ‬الحكومية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬عبور‭ ‬هذه‭ ‬الأزمة،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الالتزام‭ ‬بالتباعد‭ ‬الجسدي،‭ ‬وعدم‭ ‬الالتفات‭ ‬إلى‭ ‬أية‭ ‬أخبار‭ ‬أو‭ ‬معلومات‭ ‬غير‭ ‬موثوقة،‭ ‬خصوصا‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬تنتشر‭ ‬على‭ ‬وسائل‭ ‬ومنصات‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬وتروج‭ ‬لمعلومات‭ ‬مغلوطة‭ ‬حول‭ ‬كورونا‭ ‬سواء‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بانحساره‭ ‬عالمياً‭ ‬أو‭ ‬تراجع‭ ‬خطورته؛‭ ‬لأن‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يؤثر‭ ‬بالسلب‭ ‬على‭ ‬الجهود‭ ‬الحكومية‭ ‬الكبيرة‭ ‬التي‭ ‬تُبذل‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬هذا‭ ‬الوباء‭.‬

إن‭ ‬استمرار‭ ‬الانتشار‭ ‬السريع‭ ‬لفيروس‭ ‬كورونا‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬أجمع،‭ ‬وتزايد‭ ‬أعداد‭ ‬المصابين‭ ‬وحالات‭ ‬الوفيات‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬الساعة‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬حاضراً‭ ‬في‭ ‬أذهان‭ ‬جميع‭ ‬أفراد‭ ‬المجتمع،‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬منطق‭ ‬التخويف‭ ‬أو‭ ‬إثارة‭ ‬الذعر،‭ ‬إنما‭ ‬من‭ ‬ضرورة‭ ‬الوعي‭ ‬بخطورة‭ ‬هذا‭ ‬الوباء‭ ‬وضرورة‭ ‬الالتزام‭ ‬بكل‭ ‬التعليمات‭ ‬والإرشادات‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬الجميع‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة،‭ ‬لأن‭ ‬أية‭ ‬استهانة‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬قلة‭ ‬بسيطة‭ ‬بالتعليمات‭ ‬قد‭ ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬دورة‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬انتشار‭ ‬الوباء،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬زيادة‭ ‬العبء‭ ‬على‭ ‬المنظومة‭ ‬الصحية‭ ‬في‭ ‬الدولة‭.‬