ما وراء الحقيقة

دبلوماسية الاتفاق النووي

| د. طارق آل شيخان الشمري

عندما‭ ‬كان‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب‭ ‬بالحكم‭ ‬استخدم‭ ‬العصا‭ ‬الغليظة‭ ‬ضد‭ ‬طهران‭ ‬بخصوص‭ ‬اتفاق‭ ‬أوباما‭ ‬النووي،‭ ‬وانسحب‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الاتفاق‭ ‬وقام‭ ‬بفرض‭ ‬عقوبات‭ ‬على‭ ‬طهران،‭ ‬لكن‭ ‬ذلك‭ ‬تغير‭ ‬مئة‭ ‬وثمانين‭ ‬درجة‭ ‬حينما‭ ‬تسلم‭ ‬الديمقراطيون‭ ‬الحكم‭ ‬بقيادة‭ ‬بايدن،‭ ‬لكن‭ ‬لماذا‭ ‬انتهج‭ ‬الديمقراطيون‭ ‬والروس‭ ‬والصينيون‭ ‬والأوروبيون‭ ‬سياسة‭ ‬الدبلوماسية؟‭ ‬ولماذا‭ ‬أيضا‭ ‬ترغب‭ ‬إيران‭ ‬بالتوصل‭ ‬لاتفاق‭ ‬نووي‭ ‬بشكل‭ ‬دبلوماسي؟

نستطيع‭ ‬أن‭ ‬نحدد‭ ‬سببين‭ ‬رئيسيين‭ ‬لهذه‭ ‬السياسة،‭ ‬السبب‭ ‬الأول‭ ‬إيراني‭ ‬بحت،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬طهران‭ ‬تريد‭ ‬أولا‭ ‬رفع‭ ‬العقوبات‭ ‬عنها‭ ‬بعد‭ ‬الاتفاق‭ ‬النووي‭ ‬المرضي‭ ‬للجميع،‭ ‬لكي‭ ‬تحقق‭ ‬هدفين‭ ‬هما‭: ‬العمل‭ ‬على‭ ‬بث‭ ‬الطائفية‭ ‬واستمرار‭ ‬القلاقل،‭ ‬كما‭ ‬حدث‭ ‬باليمن‭ ‬والعراق‭ ‬ولبنان‭ ‬وسوريا،‭ ‬لكن‭ ‬وإن‭ ‬تقهقرت‭ ‬إيران‭ ‬قليلا‭ ‬وانتكست‭ ‬بعهد‭ ‬ترامب،‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬الاتفاق‭ ‬النووي‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬إن‭ ‬حدث،‭ ‬ستستغله‭ ‬طهران‭ ‬للعودة‭ ‬للمشهد‭ ‬مرة‭ ‬أخرى،‭ ‬ونعني‭ ‬استمرار‭ ‬تدخلها‭ ‬بالشأن‭ ‬العربي‭.‬

السبب‭ ‬الثاني‭ ‬لانتهاج‭ ‬الديمقراطيين‭ ‬والروس‭ ‬والأوروبيين‭ ‬سياسة‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬ومحاولة‭ ‬حل‭ ‬معضلة‭ ‬الاتفاق‭ ‬النووي،‭ ‬هو‭ ‬الفوز‭ ‬بكعكة‭ ‬طهران‭ ‬بعد‭ ‬رفع‭ ‬العقوبات‭ ‬والتوصل‭ ‬لاتفاق‭ ‬نووي،‭ ‬فالديمقراطيون‭ ‬والأوروبيون‭ ‬يريدون‭ ‬انتزاع‭ ‬كعكة‭ ‬طهران‭ ‬من‭ ‬حضن‭ ‬وتحالف‭ ‬القوتين‭ ‬الكبيرتين‭ ‬الصين‭ ‬وروسيا،‭ ‬أما‭ ‬روسيا‭ ‬والصين‭ ‬فتريدان‭ ‬استمرار‭ ‬تحالفهما‭ ‬مع‭ ‬إيران،‭ ‬وعدم‭ ‬السماح‭ ‬للغرب‭ ‬بالاقتراب‭ ‬من‭ ‬كعكة‭ ‬طهران،‭ ‬ولهذا‭ ‬فإن‭ ‬من‭ ‬مصلحة‭ ‬الديمقراطيين‭ ‬العمل‭ ‬دبلوماسيا‭ ‬للوصول‭ ‬لاتفاق‭ ‬نووي‭ ‬يحقق‭ ‬مصلحتهم‭ ‬جميعا،‭ ‬فطهران‭ ‬ستستغل‭ ‬رفع‭ ‬العقوبات‭ ‬عنها‭ ‬للاستمرار‭ ‬بالتمدد‭ ‬بالعالم‭ ‬العربي،‭ ‬والديمقراطيون‭ ‬والروس‭ ‬والأوروبيون‭ ‬يريدون‭ ‬كعكة‭ ‬طهران‭ ‬بعد‭ ‬رفع‭ ‬العقوبات،‭ ‬لكن‭ ‬وبالسببين،‭ ‬فإنهم‭ ‬سيفشلون‭ ‬فشلا‭ ‬ذريعا،‭ ‬بل‭ ‬وسينتفض‭ ‬المارد‭ ‬العربي‭ ‬بقوة،‭ ‬لكي‭ ‬يؤرخ‭ ‬التاريخ‭ ‬أن‭ ‬انطلاقة‭ ‬العرب‭ ‬الحقيقية‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬محاولة‭ ‬تأهيل‭ ‬إيران‭.‬