زبدة القول

ليس هذا وقت الشقاق

| د. بثينة خليفة قاسم

قادتني‭ ‬الصدفة‭ ‬إلى‭ ‬قراءة‭ ‬تقرير‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬الصحف‭ ‬التي‭ ‬تصدر‭ ‬في‭ ‬بريطانيا‭ ‬باللغة‭ ‬العربية،‭ ‬وهو‭ ‬تقرير‭ ‬حول‭ ‬أزمة‭ ‬السد‭ ‬الأثيوبي‭ ‬الذي‭ ‬يضر‭ ‬بمصر‭ ‬والسودان،‭ ‬التقرير‭ ‬كان‭ ‬يتناول‭ ‬لقاء‭ ‬وزير‭ ‬الري‭ ‬الجزائري‭ ‬بالسفير‭ ‬الأثيوبي‭ ‬في‭ ‬الجزائر‭ ‬وما‭ ‬نشر‭ ‬من‭ ‬تصريحات‭ ‬للوزير‭ ‬الجزائري‭ ‬حول‭ ‬حق‭ ‬أثيوبيا‭ ‬في‭ ‬التنمية‭ ‬والتعاون‭ ‬بين‭ ‬الجزائر‭ ‬وأثيوبيا‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الموارد‭ ‬المائية،‭ ‬وهي‭ ‬تصريحات‭ ‬أحدثت‭ ‬ضجة‭ ‬إعلامية‭ ‬كبيرة،‭ ‬خصوصا‭ ‬على‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬حيث‭ ‬فسر‭ ‬البعض‭ ‬تصريحات‭ ‬الوزير‭ ‬الجزائري‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬دعم‭ ‬للموقف‭ ‬الأثيوبي‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬مصر‭ ‬والسودان‭.‬

وفي‭ ‬تقديري،‭ ‬ليست‭ ‬المشكلة‭ ‬في‭ ‬تصريحات‭ ‬الوزير‭ ‬الجزائري،‭ ‬فلا‭ ‬مصر‭ ‬ولا‭ ‬السودان‭ ‬رفضت‭ ‬التعاون‭ ‬مع‭ ‬أثيوبيا،‭ ‬ولا‭ ‬مصر‭ ‬ولا‭ ‬السودان‭ ‬رفضت‭ ‬حق‭ ‬أثيوبيا‭ ‬في‭ ‬التنمية،‭ ‬لكن‭ ‬الأزمة‭ ‬نتجت‭ ‬بسبب‭ ‬التعنت‭ ‬الأثيوبي‭ ‬ورفض‭ ‬أثيوبيا‭ ‬التوقيع‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬اتفاق‭ ‬ملزم‭ ‬حول‭ ‬إدارة‭ ‬السد‭ ‬الذي‭ ‬يقام‭ ‬على‭ ‬نهر‭ ‬دولي‭ ‬يخضع‭ ‬لقواعد‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬الذي‭ ‬يمنع‭ ‬أية‭ ‬دولة‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬المنتفعة‭ ‬من‭ ‬النهر‭ ‬أن‭ ‬تنفرد‭ ‬بإدارته‭ ‬أو‭ ‬عمل‭ ‬مشاريع‭ ‬تضر‭ ‬بغيرها‭. ‬

لكن‭ ‬المشكلة‭ ‬التي‭ ‬رأيتها‭ ‬هي‭ ‬مساحة‭ ‬الجهل‭ ‬وعدم‭ ‬معرفة‭ ‬أية‭ ‬معلومات‭ ‬عن‭ ‬الأزمة‭ ‬لدى‭ ‬الغالبية‭ ‬العظمى‭ ‬ممن‭ ‬علقوا‭ ‬على‭ ‬تصريحات‭ ‬الوزير‭ ‬الجزائري‭ ‬بالتقرير‭ ‬الذي‭ ‬ذكرته،‭ ‬حيث‭ ‬دخل‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬جدا‭ ‬من‭ ‬العرب‭ ‬في‭ ‬سجال‭ ‬وشتائم‭ ‬تعكس‭ ‬درجة‭ ‬التمزق‭ ‬وعدم‭ ‬المعرفة‭ ‬لدى‭ ‬الغالبية‭ ‬العظمى،‭ ‬ما‭ ‬يبين‭ ‬أننا‭ ‬كعرب‭ ‬في‭ ‬خطر‭ ‬حقيقي‭ ‬لأننا‭ ‬لا‭ ‬ندرك‭ ‬خطورة‭ ‬ما‭ ‬نحن‭ ‬فيه‭ ‬على‭ ‬الأمة‭ ‬كلها‭ ‬وليس‭ ‬على‭ ‬مصر‭ ‬والسودان‭ ‬وحدهما،‭ ‬والذي‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يعرف‭ ‬مأساة‭ ‬الشعوب‭ ‬العربية‭ ‬وحجم‭ ‬الوعي‭ ‬المفقود‭ ‬فليقرأ‭ ‬التعليقات‭ ‬التي‭ ‬كتبت‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬“رأي‭ ‬اليوم”‭ ‬اللندنية‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬التقرير‭ ‬الذي‭ ‬نشر‭ ‬في‭ ‬‮١‬‭ ‬مايو‭ ‬الجاري،‭ ‬تلك‭ ‬التعليقات‭ ‬التي‭ ‬شغلت‭ ‬مساحة‭ ‬تعادل‭ ‬مساحة‭ ‬التقرير‭ ‬نفسه‭ ‬عشرات‭ ‬المرات‭ ‬وأظهرت‭ ‬أن‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬يتحدثون‭ ‬دون‭ ‬علم،‭ ‬فقط‭ ‬لمجرد‭ ‬العناد‭ ‬وتصفية‭ ‬الحسابات‭.‬